متى يقطف المصريون ثمار الاصلاح الاقتصادي؟

21 أكتوبر 2018
المواطن يسأل: متى تنخفض الأسعار (فرانس برس)
+ الخط -


في شهر نوفمبر 2016، أطلقت الحكومة المصرية برنامجا اقتصادياً وصفته بالطموح وأسمته "برنامج الإصلاح الاقتصادي" تيمناً ببرنامج مماثل طبقته حكومة عاطف صدقي في فترة التسعينيات، وقالت الحكومة إنه سيتم تنفيذ البرنامج بالتعاون مع صندوق النقد الدولي ولمدة 5 سنوات.

وقد وصلت إلى القاهرة، الخميس الماضي، بعثة من الصندوق لإجراء المراجعة الرابعة للبرنامج تمهيدا للإفراج عن الشريحة الخامسة وقبل الأخيرة من قرض قيمته 12 مليار دولار، حصلت منه البلاد على 8 مليارات دولار حتى الآن، وتتبقى شريحتان من المقرر صرفهما خلال شهري يناير ويوليو القادمين.

ومع مراجعة صندوق النقد قبل الأخيرة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، فإن السؤال: هل حقق البرنامج هدفه الرئيسي وهو انتشال الاقتصاد المصري من أزماته العميقة التي يمر بها، ومن أبرز ملامحها التوسع المفرط في الاقتراض الخارجي والمحلي، والعجز المزمن في الموازنة العامة للدولة رغم خفض الدعم الحكومي المتواصل للوقود بكل أنواعه من مشتقات بترولية وكهرباء، ورغم زيادة أسعار السلع والخدمات والرسوم الحكومية، والتوسع الكبير في فرض الضرائب وزيادة الجمارك.

لنتجاوز مسألة ما إذا كان برنامج الحكومة لمعالجة أزمات الاقتصاد، هو برنامج إصلاح اقتصادي، أم برنامج إصلاح مالي ونقدي يستهدف بالدرجة الأولى علاج الخلل في موازنة الدولة ووقف نزيف الدين العام، رغم أن قناعتي هي أن البرنامج المطبق ليس اقتصادياً بل مالي ونقدي.

ذلك لأن الإصلاح الاقتصادي له أهداف كثيرة وأوسع ولا تنحصر فقط في قرارات وسياسات تم تطبيقها من عينة تعويم العملة المحلية وتحرير سوق الصرف، خفض عجز الموازنة العامة عبر زيادة الضرائب والرسوم، فرض ضريبة القيمة المضافة.


بل إن الإصلاح الاقتصادي يهتم بقضايا أعمق وأهم مثل التشغيل وخلق فرص عمل، زيادة الإنتاج وتحسين معدل النمو الاقتصادي، تأسيس مشروعات صناعية وإنتاجية خاصة تلك التي تساهم في الحد من الواردات السلعية، زيادة الصادرات الخارجية والاستثمارات الأجنبية، تنشيط السياحة، تعظيم الموارد المتاحة لدى الدولة وإدارتها بشكل كفء، توفير خدمات صحية وتعليمية ووحدات سكنية بأسعار مناسبة.

ببساطة الإصلاح الحقيقي يعني أن الاقتصاد يتحرك للأمام ليولد معدلات نمو وفرص عمل حقيقية ويلبي احتياجات المواطن والأسواق، ويجعل البلاد جاذبة للاستثمارات الخارجية المباشرة.

لنتجاوز كل ذلك ونسأل مباشرة عدة أسئلة قد تحدد إجاباتها حال ومستقبل برنامج الإصلاح الاقتصادي:

1- متى يشعر المواطن بثمار برنامج الإصلاح الذي قارب على الانتهاء، ومتى يقطف هذه الثمار؟

2- متى تنخفض الأسعار أو على الأقل يتوقف قطار زيادة الأسعار المتواصل الذي دهس كل بيت في مصر بما فيها الطبقة المتوسطة؟

3- متى يكفي دخل المواطن تغطية احتياجاته المعيشية من مأكل ومشرب وتعليم وصحة وسفر وترفيه، دون أن يلجأ للاقتراض أو التقشف الشديد؟

4- متى يجد الشاب فرصة عمل تناسب تعليمه وخبرته، والأهم تراعي أدميته؟

5- متى يحصل المواطن على خدمات صحية وتعليمية وتعليم أفضل في المدارس ورعاية صحية في المستشفيات مقابل الضرائب والرسوم التي يسددها، والتي زادت بمعدلات قياسية خلال السنوات الأخيرة؟

6- متى يتم تحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل لموارد الدولة المتاحة على المواطن، بحيث يستفيد الجميع من ثروات بلاده، ولا يقتصر توزيع الثروة على عدد محدود من المواطنين لا يتجاوز 5% من عدد السكان وربما أقل؟


هذه أسئلة تتعلق بالمواطن، وهناك أسئلة أخرى تتعلق بالمؤشرات الاقتصادية المخيفة ومنها زيادة الدين العام سواء الداخلي أو الخارجي، والتوسع في الاقتراض، وتفاقم عجز الموازنة رغم خفض الدعم الحكومي.

الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها هي من تحدد نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي من عدمه.

أما فيما عدا ذلك، فيكون النجاح الذي تتحدث عنه الحكومة دوماً هو نجاح على الورق وعلى ألسنة المسؤولين فقط، وربما يأتي النجاح في شهادة تصدُر من وقت لأخر عن صندوق النقد الدولي المقرض الرئيسي للبلاد والمراقب لبرنامج الحكومة.

المساهمون