متضررو الزلزال في اللاذقية السورية يعانون: تعويضات وهمية وإيجارات باهظة

24 سبتمبر 2023
بقايا مساكن هدمها الزلزال في سورية (Getty)
+ الخط -

لا يزال متضررو زلزال فبراير/ شباط الذي ضرب كلاً من تركيا وسورية، يشتكون في سورية، من الوعود الوهمية للنظام السوري بتعويضهم أو مساعدتهم لتجاوز آثار الكارثة، لا سيما في محافظة اللاذقية التي نالت نصيباً من الضرر والدمار نتيجة الزلزال، إذ فقد الكثير من الناس مساكنهم، لا سيما في مناطق العشوائيات. وبعد حوالي ثمانية أشهر على الكارثة، يدفعون إيجارات باهظة لمساكنهم البديلة، رغم انخفاض الدخل والرواتب، مقارنة مع إيجارات المنازل المرتفعة بشكل كبير. 

وبات هذا الوضع لا يمكن إخفاؤه، لا سيما مع الشكاوى الكثيرة للمتضررين ورفع أصواتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي دفع حتى الإعلام المقرب من النظام لتسليط الضوء على ما يعيشه المتضررون في اللاذقية من معاناة، في ظل عدم تجاوب الحكومة، والجهات المختصة بالتعويض والمساعدة. 

ونقلت صحيفة "الوطن"، الموالية للنظام، عن متضررين، في مدينة اللاذقية ومدينة جبلة التابعة لها، تساؤلاتهم عن مستقبل تعويضهم، لا سيما في مناطق المخالفات أو العشوائيات التي هدمت جراء الزلزال أو بعد الزلزال، إذ نقلت الصحيفة عنهم معاناتهم مع دفع الإيجارات للمساكن البديلة التي استأجروها في ظل شح المورد وقلة العمل. 

وكان النظام السوري قد أنشأ ما سمي "الصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال"، وحسب محددات هذا الصندوق، فإن أولوية التركيز خلال الفترة الحالية، على المتضرر بالمأوى لمالك سكن مهدم بتاريخ 6 أو20 فبراير/شباط في منطقة منظمة أو منطقة غير منظمة وفق شريحتين، هما الشريحة (أ) وهي مالك لسكن مهدم مرخص في منطقة منظمة، والشريحة (ب) وهي مالك لسكن مهدم في منطقة غير منظمة ومالك لسكن مهدم مخالف في منطقة منظمة، بحسب ما أوضحته "الوطن". 

وتابعت: "جرت إتاحة الفرصة لمالكي المنازل ضمن الشريحة (ب) للاكتتاب على منازل نظامية من المؤسسة العامة للإسكان، إذ بدأ العمل على تشييد وحدات سكنية ضمن 8 أبراج في مدينتي اللاذقية وجبلة، ويتقدم المتضرر بكتاب حول رغبته بالحصول على شقة سكنية في المؤسسة"، وعلى ذلك "يجري التقديم في مركز خدمة المواطن بمدينة اللاذقية، وفق نموذج مطبوع وجاهز في المركز، وعندما يصبح الملف جاهزاً يرسل إلى إدارة الصندوق التي تعالج المعلومات، وخلال ثلاثة أيام من الحصول على الأوراق الثبوتية يجري تحويل مبلغ الدعم بقيمة 40 مليون ليرة سورية من حساب المؤسسة باسم المتضرر، وبعد مراجعة المتضرر للمؤسسة يحصل على وثيقة اكتتاب، وعلى دفتر أو بطاقة مثبت الدفع عليها"، على أنه "يمكن للمتضرر من هذه الشريحة (صاحب منزل ريفي مهدم بمنطقة غير منظمة) فقط، غير راغب بالاكتتاب على وحدة سكنية لدى المؤسسة العامة للإسكان، الحصول على مبلغ الدعم المقرر بـ40 مليون ليرة سورية". 

عبد الله. م، وهو اسم مستعار لموظف حكومي من متضرري الزلزال في مدينة جبلة، انتقل حاله من مالك منزل إلى مستأجر بمبلغ يعادل ضعفي راتبه الشهري. يقول عبد الله لموقع "العربي الجديد"، إن "السكن البديل الذي أعلنت عنه الحكومة لا يزال حبراً على ورق، ولم يبدأ العمل به حتى الآن، وربما يطول الأمر لسنوات"، متسائلاً: "لماذا لم تعوّض الحكومة المتضررين بدفع بدل إيجار، وهي تعلم أن راتب الموظفين لديها لا يمكنه من استئجار غرفة واحدة؟". 

وبالنسبة للمشاريع السكنية البرجية، فقد نقلت "الوطن" عن مدير فرع المؤسسة العامة للإسكان في اللاذقية، كنان سعيد، قوله إن "العمل المتواصل في تنفيذ مشاريع السكن البديل (الأبراج) للمتضررين من زلزال فبراير الماضي، مشيراً إلى أن الأعمال تسير وفق المسار الزمني المحدد لكل مشروع، وبنسب إنجاز عالية وصلت وسطياً إلى 50 بالمئة".

وأضاف سعيد أن "فرع المؤسسة العامة للإسكان يعمل على تنفيذ 8 أبراج سكنية (كل برج 10 طوابق) بمجموع 320 شقة، منها 4 أبراج سكنية 2 في شارع الثورة، و2 في حي الغراف بمدينة اللاذقية، وبرج في حي النقعة، وآخر في حي العزة بمدينة جبلة"، لافتاً إلى أن تأمين المواقع جرى بالتنسيق مع مجلسي مدينتي اللاذقية وجبلة. 

وقال مدير فرع المؤسسة العامة للإسكان إن مواعيد التسليم بالنسبة لموقع شارع الثورة، من المتوقع أن تكون في شهر مارس/ آذار من عام 2024، بينما الأبنية التي يجري تشييدها في موقعي الغراف وجبلة، فمن المتوقع أن يجري الانتهاء من تنفيذها بين شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب من العام المقبل. 

لكن الناشط الإعلامي في مدينة جبلة، أبو يوسف جبلاوي، شكك لـ"العربي الجديد" بتلك الرواية، وقال إنه "بعد ثمانية أشهر على الزلزال لا تزال الحكومة للآن تستقبل طلبات الاستكتاب على المنازل، بينما اقتصرت المعالجة على تبرعات إماراتية لإقامة غرف صغيرة مسبقة الصنع ببعض المناطق". 

وأضاف أن "المشكلة هي زيادة الطلب كثيراً على الإيجارات بعد الزلزال ما أدى لرفع قيمتها كثيراً، ووصلت في بعض الأحيان إلى أكثر من مليون ليرة، بينما لا يتعدى راتب الموظف 250 ألف ليرة، ومعظم أهالي الساحل يعملون موظفين، وهذا ما يجعل هذا الوضع كارثياً أمامهم، ولا يقل عن كارثة الزلزال نفسها".

وتابع: "جميعنا يعرف مشاريع الحكومة قد تطول لعشرين عاماً، وللأسف متضررو الزلزال يدفعون ثمن الكارثة وحدهم". من جهته يشير محمود بيطار، وهو من سكان حي قنينص بمدينة اللاذقية، إلى أن منزله ذا الطابق الواحد تصدع بعد زلزال 6 فبراير/ شباط الفائت، وأدرجت لجان المراقبة منزله ضمن المنازل الواجب هدمها.

ويقول في حديث لـ"العربي الجديد": "راجعت مجلس المحافظة مرات عدة لهدم منزلي وحتى اليوم لم يأت أي أحد، في كل مرة يقولون لي هذا الأسبوع أو بعد يومين والنتيجة واحدة.. مضت 8 أشهر لهدم المنزل ولم يتم، فكيف بإعادة البناء؟".

وأضاف: "بدل أن تجري مساعدتنا بعد الزلزال تحولنا لغنائم يصطادنا التجار والمتحكمون بالعقارات.. أسعار الإيجارات ارتفعت نحو 200 بالمئة خلال أشهر معدودة ولا محاسبة أو تدخل من الحكومة لضبط الأسواق". وأردف الرجل الأربعيني: "استأجرت منزلاً على أطراف اللاذقية بعد الزلزال بمبلغ 150 ألف ليرة شهرياً.. قبل شهر جاء صاحب المنزل وطلب 600 ألف، أو أخرج من المنزل".

المساهمون