شكلت وزارة الكهرباء التابعة للنظام السوري لجنة للتحقيق في أسباب تلوث مساحات واسعة من الساحل السوري بمادة الفيول، في ظل تعدد الروايات حول تلك الأسباب.
وفي حين تقول المصادر الرسمية إن السبب يعود إلى حدوث تسرّب من أحد الخزانات بمحطة بانياس، تقول مصادر محلية إن غسيل ناقلات النفط الإيرانية لخزاناتها قبالة الشواطئ رفع من نسبة التلوث مما يهدد بكارثة بيئية وضرب موسم السياحة.
وقال وزير الكهرباء لدى النظام غسان الزامل في تصريح صحافي لصحيفة محلية، إنه تم تشكيل لجنة للتحقيق في الحادثة من أجل الوصول إلى الأسباب الحقيقية التي تسببت في تسرب مادة الفيول من الخزان، موضحا أنها تضم ممثلين عن كل من شركات التوليد التابعة لوزارة الكهرباء والشركة السورية لنقل النفط وشركة مصفاة بانياس، مقدراً أن تحتاج هذه اللجنة لنحو شهر حتى تنهي تقريرها وبعدها سيتم تكليفها بالكشف عن بقية الخزانات في المحطة وتقييم الوضع الفني لها.
وعن كلفة إنشاء مثل هذا الخزان، بيّن أنها تصل إلى حدود مليار ليرة لكن الوزارة ليست بصدد إنشاء خزان جديد وإنما سيتم العمل على إعادة صيانة وتأهيل الخزان الحالي.
ورأى الزامل أن حادثة تسرب مادة الفيول التي حصلت من أحد خزانات محطة توليد بانياس كان يمكن أن تكون كارثة وطنية لولا سرعة تدخل طواقم وزارة الكهرباء من الفنيين والعمال وأنه لا يمكن وصف ما حدث بأنه حالة تلوث بيئي، لكن كانت هناك حالة استغلال للحادثة من بعض وسائل التواصل الاجتماعي بشكل ملحوظ، ومن الأيام الأولى عمدت وزارة الكهرباء للتعاون والتنسيق مع مختلف وسائل الإعلام الوطني لإطلاعها على تفاصيل كل ما جرى وتقديم البيانات والمعلومات الدقيقة حول الحادثة.
وحول تقدير الكميات التي وصلت إلى مياه البحر من مادة الفيول المتسربة، بيّن الوزير أنه حسب الفنيين المختصين في الوزارة هي ما بين 2-4 آلاف طن وأن زمن التسرب لم يتعد نصف ساعة حيث تمت مباشرة التعامل مع الحالة من خلال إغلاق الفتحات المطرية في الحوض الترابي.
وأوضح أن إجمالي سعة الخزان من مادة الفيول يصل إلى 20 ألف طن في حين إن كميات مادة الفيول التي كانت في الخزان لحظة بدء التسرب كانت بحدود 15 ألف طن وتم نقل نحو 5 آلاف طن منها لمصفاة بانياس وضخ نحو 6 آلاف طن للخزانات السليمة والعاملة في المحطة نفسها في حين تم استهلاك نحو ألفين خلال الأيام الماضية في تشغيل مجموعات المحطة.
وحول تنظيف الشاطئ، قال إن عمليات تنظيف الشاطئ شارفت على الانتهاء حسب البرنامج الذي تم إعداده من العديد من الجهات المساهمة في إجراء عمليات التنظيف والتي اعتمدت الأساليب اليدوية بسبب تعذر وصول الزوارق إلى الشاطئ وعن تقدير كلف عمليات التنظيف بيّن أن التقديرات الأولية تفيد بأنها لا تتعدى 3 ملايين ليرة وهو تقدير أوّلي (سعر صرف الدولار الواحد نحو 3400 ليرة سورية).
وعن الإجراءات الإسعافية التي تم تنفيذها، ذكر أنها بدأت مع تحويل جميع المجموعات العاملة في المحطة لاستجرار مادة الفيول من الخزان الذي تسرب منه الفيول وضخ الفيول من الحوض الترابي للخزان إلى صهاريج وتم نقله لأحواض مصفاة بانياس وتركيب مضخات لضخ الفيول من الحوض الترابي باتجاه الخزانات السليمة في المحطة وأن الحلول الإسعافية بدأت مباشرة مع حصول الحادثة في الـ23 من الشهر الجاري.
من جهتها، قالت مصادر محلية مطلعة، طلبت عدم الكشف عن هويتها، لـ"العربي الجديد، إن "هناك سبباً تم إغفاله من قبل المصادر الرسمية وهو تنظيف خزان ناقلة النفط الإيرانية التي ترسو مقابل شواطئ بانياس ورمي ما نتج عنها في البحر وهذا زاد من نسبة التلوث"، لافتا إلى أن المنطقة تشهد تلوثاً جراء عمليات التنظيف لخزانات ناقلات النفط".
وأضافت: "المشكلة الأخيرة ناتجة عن غياب الصيانة الدورية عن خزانات الوقود، بذريعة عدم توفر الإمكانات، وإن كانت الوزارة استطاعت السيطرة على الأمر، فإنه مؤشر لحدوث كارثة بيئية بأي وقت في حال انهيار أحد تلك الخزانات المتهالكة".
وحذرت ذات المصادر من الآثار التراكمية لتلوث المنطقة، واعتماد طرق بدائية في معالجة التلوث الحاصل، دون خطة واضحة لمعالجة آثاره طويلة الأجل".
وقال أبو سمير سليمان، أحد سكان المنطقة، لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع البيئي سيئ جدا في المنطقة؛ فالشواطئ ملوثة، والهواء ملوث بالعوادم، وبالرغم من ذلك لا نشاهد الكهرباء التي تغيب عن المنطقة لساعات طويلة".
وأضاف أن "الشواطئ فرغت من الزوار، ما تسبب بتضرر كثير من العائلات التي تعيش على موسم السياحة، الأمر الذي سيزيد من تدهور الوضع المعيشي لسكان المنطقة". يُشار إلى أن شواطئ منطقة بانياس وجبلة بريف طرطوس تشهد منذ نحو أسبوع انتشار مادة الفيول بشكل واسع.