مارين توندوليي... صاحبة السترة الخضراء المدافعة عن العدالة الاجتماعية

14 يوليو 2024
مارين توندوليي (ألان جوكارد/فرانس برس)
+ الخط -

أضحت سترتها ذات اللون الأخضر التي لا تتخفف منها، موضوع حديث متابعي الشأن السياسي الفرنسي في الفترة الأخيرة، هي التي اختارتها أحزاب اليسار كي تعلن التحالف الجديد في العاشر من يونيو/ حزيران الماضي، ورشحتها التوقعات لأن تقترح من ذلك التحالف كي تقود الحكومة الفرنسية.

تعرف الفرنسيون والفرنسيات على رئيسة الحزب الإيكولوجي، مارين توندوليي Marine Tondelier، أكثر خلال حملة الانتخابات التشريعية الأخيرة. فقد جعل منها حضورها الإعلامي في القنوات التلفزية، رغم نتائج حزبها المتواضعة في الانتخابات الأوروبية الأخيرة، أبرز قادة اليسار الذي تحالف من أجل قطع الطريق على اليمين المتطرف. 

صريحة لا تخفي مشاعرها. ذلك ما لاحظه من تابعوها عندما استضافتها إذاعة فرانس إنتر خلال الحملة الانتخابية الأخيرة. فقد كانت على حافة البكاء عندما تناولت موقف وزير الاقتصاد برونو لومير الذي ساوى في تصريح له بين الحزب اليميني المتطرف التجمع الوطني والحزب اليساري فرنسا الأبية، معتبرة أن ذلك سلوك ينم عن جبن.

لها قدرة على التعبير عن مواقفها بطريقة مباشرة وواضحة، إلى درجة دفعت زعيم التجمع الوطني اليميني، جوردان بارديلا، إلى عدم مواجهتها في لقاء تلفزي مفضلاً مواجهة جون لوك ميلوشون زعيم حزب فرنسا الأبية. وقد اعتبرت مارين توندوليي أن موقفه ذاك يعود لكونها خبرت جيداً اليمين المتطرف وتعرف جيداً نقاط ضعفه، هي التي دأبت على مواجهتهم في مدينتها التي يتولون أمر تسييرها في 2014. 

رأت توندوليي النور في 23 أغسطس/ آب 1986 من أبوين طبيبين، درست في معهد العلوم السياسية بمدينة ليل ونالت ماجستير في تدبير المؤسسات الصحية، هي التي انخرطت في حركة الخضر في 2009، وتتولى مناصب محلية. وكانت تتطلع إلى تدبير مؤسسة صحية، لكنها تحولت إلى مدافعة عن البيئة متدرجة في مراتب المسؤولية، حيث تبرر ذلك بكونها رأت النور وترعرعت في منطقة معروفة بنشاطها المعدني، حيث تم إلحاق أضرار كبيرة بالمنطقة. 

تقول مارين توندوليي التي تقود الحزب الإيكولوجي منذ 2022، إنها تمارس منذ عشرة عوام دور المعارضة في مجلس مدينتها هينين بومو المعروفة بنشاطها المعدني التي يحكمها التجمع الوطني. وتتحدث عن المضايقات التي كانت تتعرض لها من اليمين المتطرف بصفتها معارضة في المجلس الإقليمي للمدينة. تولت الإعلان في أقل من أربعة وعشرين ساعة بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حل الجمعية العمومية، عن تشكيل الجبهة الشعبية الجديدة، التي استطاعت في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية يوم السابع من يوليو/ تموز احتلال المركز الأول بـ184 مقعداً على توقعات المحللين واستطلاعات الرأي التي كانت ترشح اليمين المتطرف. 

العدالة الاجتماعية

عندما تسأل حول التيارات التي ستتحالف معها الجبهة الشعبية الجديدة من أجل تشكيل الحكومة الجديدة، تجيب بأن الأهم ليس مع من سيتم التحالف، بل يجب التركيز على البرنامج الذي سيتم تطبيقه، محددة الأولوية في تحقيق الوعود المتحورة حول العدالة الاجتماعية والعدالة البيئية، وإحداث القطيعة مع الماكرونية.

وفي الوقت الذي يثير البعض هشاشة تحالف الجبهة الشعبية الجديدة وعدم القدرة على اختيار مرشح لتولي أمر الحكومة، تؤكد مارين توندوليي، أنه من الطبيعي أن يسعى كل حزب لوضع شخص منه في منصب المسؤولية، معتبرة أن ذلك نوع من "التنوع الطبيعي"، وهو مفهوم عزيز على الإيكولوجيين.

ورغم تقدم الجبهة الشعبية الجديدة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، إلا أنها تدرك أن تشكيل حكومة بزعامة الجبهة المكونة من الحزب الشيوعي والحزب الاشتراكي وحزب فرنسا الأبية والحزب الإيكولوجي، لن يكون أمراً سهلاً، حيث تدعو إلى التواضع نظراً إلى عدم التوفر على أغلبية مطلقة، إلا أنها تشدد على أنه يمكن الوصول إلى نوع من التوافق، معتبرة أن الأهم هو التوجه نحو تطبيق تدابير تستجيب لانتظارات الناخبين.

تؤكد أن التدابير التي سيتم التركيز على طرحها في الجمعية العمومية الفرنسية على نواب الأمة، هي تلك المرتبطة بتضريب الأرباح الكبيرة والتخلي عن قانون رفع سن التقاعد الذي أقرته الحكومة السابقة ومجانية التعليم وإطعام التلاميذ ورفع الحد الأدنى للأجور. وعكس اليمين المتطرف، وبعض اليمين، الذي يستهدف المهاجرين من أجل كسب تأييد بعض المتضررين من صعوبات اقتصادية بفرنسا، ترفض توندوليي تحميل هؤلاء الأخيرين مسؤولية الغلاء والعنف والفقر، مؤكدة أن العدالة الاجتماعية من شأنها تهدئة الوضع.

يصفها المراقبون والفرنسيون بالسيدة ذات السترة الخضراء، ويتساءلون حول ما إذا كان ذلك اللباس اختياراً عادياً أم رمزاً سياسياً، غير أن الكثيرين يؤكدون أن اللباس الأخضر الذي دفع إلى الاحتفاء به عبر وسائط التواصل الاجتماعي يجعل أفكارها في بؤرة الضوء، هي التي تعبر عن مواقف تسعى عبرها إلى تجميع اليسار الذي تخترقه العديد من الخلافات.

المساهمون