على عكس العديد من القراءات الإيجابية التي تم تسجيلها خلال الأشهر الأخيرة، عاود مؤشر أسعار المنتجين بأميركا، أحد أهم مقاييس التضخم بالاقتصاد الأكبر في العالم، تجاوزه للتوقعات في شهر أغسطس/آب، حيث سجلت الأسعار ارتفاعاً بنسبة 0.7%، مقارنة بالشهر السابق، بينما كانت توقعات الاقتصاديين قبلها عند 0.4%.
وقالت وزارة العمل الأميركية إن مؤشر أسعار المنتجين، الذي يعتبر مقياسًا لما يحصل عليه منتجو السلع والخدمات، سجل أكبر زيادة شهرية منذ يونيو/حزيران 2022. وعلى المستوى السنوي، كانت الزيادة بنسبة 1.6%.
وتتطلع أعين المستثمرين الآن إلى قرار لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة FOMC ببنك الاحتياط الفيدرالي، الخاص بسعر الفائدة، والمنتظر الإعلان عنه يوم الأربعاء.
وأشارت الوزارة إلى أن المؤشر الأساسي، الذي يستبعد أسعار الطاقة والغذاء شديدة التقلب، ارتفع بنسبة 0.2%، كما كانت التوقعات، بينما كان معدل الارتفاع مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي 2.1%، وهو أدنى مستوى سنوي منذ يناير/كانون الأول 2021. ومع استبعاد الأغذية والطاقة وخدمات التجارة، ارتفع مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 0.3% مقارنة بالشهر الماضي.
وتأتي هذه البيانات يومًا واحدًا بعد أن أظهر مؤشر أسعار المستهلكين زيادة بنسبة 0.6% على أساس شهري و3.7% مقارنة بالعام الماضي. وبعد استبعاد أسعار الطاقة والغذاء، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي بنسبة 0.3% و4.3% على التوالي.
وكما كان الحال مع مؤشر أسعار المستهلكين، تسبب الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة في الجزء الأكبر من الضغوط على مؤشر أسعار المنتجين، حيث ارتفعت تكاليف الإنتاج مع ارتفاع أسعار الوقود. وارتفع مؤشر أسعار الطاقة بنسبة 10.5% في الشهر، بفعل زيادة قدرها 20% في أسعار البنزين، وفقاً لبيانات وزارة العمل.
أيضاً ارتفعت أسعار السلع النهائية بنسبة 2% في أغسطس، وهو أكبر ارتفاع شهري منذ يونيو/حزيران 2022، كما ارتفعت أسعار الخدمات بنسبة 0.2%.
وتوفر ارتفاعات مؤشرات الأسعار المختلفة، بصورة تتجاوز التوقعات، مزيداً من المبررات لبنك الاحتياط الفيدرالي للإبقاء على سياساته المتشددة، خوفاً من عودة التضخم للارتفاع.
وفي أكثر من مناسبة، أكد جيروم باول، رئيس البنك، عزمه هو ورفاقه في مجلس الاحتياط الفيدرالي على التمسك برفع الفائدة لحين التأكد من انتهاء أكبر موجة تضخم تشهدها البلاد في أكثر من اربعة عقود.
وعلى نحو متصل، أظهرت بيانات صادرة عن وزارة التجارة ارتفاع مبيعات التجزئة بنسبة 0.6% في شهر أغسطس، وهو ما كان أعلى كثيراً من التوقعات التي توقفت عند 0.1%. وباستبعاد أسعار السيارات، ارتفعت المبيعات أيضًا بنسبة 0.6% مقابل تقدير بنسبة 0.4%.
ولم يتم تعديل تلك الأرقام ببيانات التضخم الأخيرة، ما يشير إلى استمرار قدرة المستهلكين على تحمل ارتفاع تكاليف الشراء، رغم ما تبين خلال الأسابيع الماضية من ارتفاع الأسعار وزيادة مستويات الديون على بطاقات الائتمان.
وكان تأثير البيانات الأخيرة على أسواق الأسهم والسندات محدوداً، حيث لم تحدث تقلبات غير معتادة خلال الدقائق الأولى من تعاملات اليوم الخميس.
وتشير أسعار العقود المستقبلية والآجلة إلى أنه من المرجح ألا يتم رفع معدلات الفائدة الأساسية من قبل البنك الفيدرالي الأسبوع المقبل، على أن يكون هناك رفع بنسبة 0.25% في اجتماع نوفمبر/تشرين الثاني، وفقًا لبيانات مجموعة CME.
وفي تقرير اقتصادي ثالث تم الإعلان عنه يوم الخميس، ارتفعت مطالبات البطالة الأولية بأميركا قليلاً إلى 220,000 في الأسبوع المنتهي في 9 سبتمبر/أيلول، وفقًا لوزارة العمل، وهو ما جاء أقل قليلاً من تقدير "داو جونز" البالغ 225,000.