على عكس تأكيدات مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الأخيرة، عن استمرار معركته مع التضخم، وتلميحه لمزيد من رفع الفائدة قبل نهاية العام، لاحظ الأميركيون نمو القوة الشرائية لما في حوزتهم من أموال في شهر مايو/ أيار، للمرة الأولى منذ عامين.
ونقلت شبكة "سي إن بي سي" عن اقتصاديين، الخميس، قولهم إنه إذا استمر هذا الاتجاه، فسيكون ذلك أمرًا سارًا للأسر، التي تعتمد على رواتبها أكثر مما تعتمد على مدخراتها أو بطاقاتها الائتمانية في إنفاقها اليومي.
وارتفعت الأرباح "الحقيقية" لساعة العمل بنسبة 0.2%، في المتوسط، في مايو المنتهي مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، وفقًا لمكتب الولايات المتحدة لإحصاءات العمل. وتمثل الأرباح الحقيقية متوسط نمو الأجر السنوي للعامل، بعد احتساب التكاليف المتزايدة للسلع والخدمات المنزلية، وفقًا لمؤشر أسعار المستهلكين.
وكان رقم مايو أول قراءة سنوية إيجابية، منذ مارس/ آذار 2021. وعانى الأميركيون قبلها على مدار 25 شهرًا متتاليًا من تآكل القوة الشرائية لأجورهم، وهي أطول فترة سلبية مسجلة على الإطلاق، حسبما قال آرون تيرازاس، كبير الاقتصاديين في موقع "غلاس دور" المعني بالوظائف والأجور، لنفس الشبكة.
ويعكس اختلاف ما يراه المواطن على أرض الواقع مع رؤية البنك المركزي الأكبر في العالم تبايناً واضحاً في العديد من المؤشرات الصادرة عن الاقتصاد الأميركي مؤخراً، الأمر الذي تسبب في صعوبة كبيرة لمتخذي القرار من صانعي السياسة النقدية في البلاد.
إعانات البطالة
ولم يطرأ تغير يذكر على عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانة البطالة الأسبوع الماضي، إذ استقر عند أعلى مستوياته في 20 شهراً، ليظل مرتفعاً للأسبوع الثالث على التوالي، فيما قد يكون مؤشراً مبكراً على ضعف سوق العمل، في ظل حملة مجلس الاحتياط الفيدرالي لتقييد الائتمان.
وأظهرت بيانات صادرة عن مكتب إحصاءات العمل بواشنطن، الخميس، استقرار طلبات الحصول على إعانات البطالة الحكومية للمرة الأولى عند أعلى مستوياتها في 20 شهراً، مسجلة 264 ألف طلب، بعد التعديل في ضوء العوامل الموسمية، في الأسبوع المنتهي في 17 يونيو/ حزيران، دون تغير عن قراءة الأسبوع السابق.
ورغم كونها مؤشراً مبكراً على ضعف سوق العمل الأميركية، مثلت البيانات توجهاً "حميداً" من وجهة نظر رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي جيروم باول، الذي أكد في أكثر من مناسبة صعوبة السيطرة على التضخم، في ظل استمرار قوة سوق العمل الأميركية.
مبيعات المنازل القائمة
وعلى نحو متصل، ارتفعت مبيعات المنازل القائمة في الولايات المتحدة خلال مايو/ أيار الماضي، مقارنة بالشهر السابق، إلا أنها سجلت تراجعًا على أساس سنوي.
ووفقًا للرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين، زادت مبيعات المنازل الأميركية القائمة بنسبة 0.2% في الشهر المنتهي، لتبلغ 4.30 ملايين وحدة، مقارنة بتوقعات تراجعها إلى 4.25 ملايين.
وعلى أساس سنوي، تراجعت مبيعات المنازل القائمة في الولايات المتحدة بنسبة 20.4% خلال مايو، مقارنة بنفس الشهر من عام 2022.
ومع استمرار نقص المعروض في سوق المنازل الأميركية، مازالت الأسواق تعاني تباطؤاً واضحاً، تسببت فيه ارتفاعات فاقت التوقعات في الأسعار، مع استمرار معدلات الفائدة عند أعلى مستوياتها منذ عام 2007.
وتتعارض البيانات مع تصريحات باول، التي أطلقها الأسبوع الماضي بعد الإعلان عن تثبيت الفائدة، والتي قال فيها إن سوق الإسكان قد أظهرت إشارات على الاستقرار، خاصة بعد بيانات سابقة أظهرت ارتفاع ثقة شركات بناء المنازل إلى أعلى مستوياتها خلال أحد عشر شهراً.
مخزونات الطاقة الأميركية
والخميس، كشفت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية عن ارتفاع مخزونات الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة بمقدار 95 مليار قدم مكعبة خلال الأسبوع المنتهي 16 يونيو/ حزيران الجاري، مسجلة 2.729 تريليون قدم مكعبة، بزيادة 91 مليار قدم عن توقعات السوق، وبزيادة 571 مليار قدم عن نفس الفترة من العام الماضي، و362 مليار قدم عن متوسط السنوات الخمسة الماضية.
وتسبب الإعلان عن ارتفاع المخزونات في تراجع أسعار الغاز الطبيعي بأكثر من 1% خلال تعاملات الخميس.
وعلى الجانب الآخر، قالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، الخميس، إن مخزونات النفط الخام بالولايات المتحدة سجلت انخفاضاً مفاجئاً الأسبوع الماضي، في حين ارتفعت مخزونات البنزين ونواتج التقطير.
وذكرت الإدارة أن مخزونات النفط الخام انخفضت 3.8 مليون برميل إلى 463.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 16 يونيو، مرجعة السبب في ذلك إلى ارتفاع الطلب على التصدير، وتراجع الواردات.
وكان محللون قد توقعوا ارتفاعها 300 ألف برميل، وفقاً لاستطلاع أجرته "رويترز".
وقالت الإدارة إن مخزونات النفط في مركز التسليم في كاشينج بولاية أوكلاهوما انخفضت 98 ألف برميل، الأسبوع الماضي.
وزادت صادرات النفط الخام الأميركية إلى 4.5 مليون برميل يومياً الأسبوع الماضي، بينما تراجعت الواردات بما يقرب من 50%، وصولاً إلى 1.6 مليون برميل يومياً.