مؤسسات مالية عالمية ترضخ لـ"بيتكوين" بعد مكاسب خيالية

15 فبراير 2021
هوس الاستثمار في بيتكوين يرفع سعرها لمستويات قياسية (Getty)
+ الخط -

على الرغم من ارتفاع عملة بيتكوين الرقمية بأكثر من 430% خلال العام الماضي، بالإضافة إلى 50% أخرى خلال ستة أسابيع من بداية العام الجاري 2021، لا تزال الشركات الأميركية، وعلى رأسها المؤسسات المالية، منقسمة في التعامل مع العملة المشفرة الأكثر رواجاً في العالم، حيث أبدت بعضها تحمساً للاستثمار فيها، بينما فضلت أخرى البقاء بعيداً على الأقل خلال الفترة الحالية.

وبعد احتفاظه لسنوات بأرصدة العملاء من العملات المشفرة لدى بنوك أخرى، أعلن بنك أوف نيويورك ميلون، أكبر بنك استثمار متخصص في حفظ الأسهم والسندات في العالم، الخميس الماضي، أنه أوشك على الانتهاء من إعداد منصة يسمح من خلالها لعملائه بالتعامل، بيعاً وشراءً وحفظاً، وإجراء التحويلات، بالأصول الرقمية، ومنها العملات المشفرة.

وبعد أن امتنع البنك، الذي ظهر إلى الوجود في عام 2007 بعد اندماج بنك أوف نيويورك، أقدم بنك في الولايات المتحدة، مع مؤسسة ميلون المالية، عن التعامل في أصول العملاء الرقمية بكل أنواعها، بسبب ارتفاع مخاطرها التنظيمية والقانونية والسعرية، اقتنع البنك أخيراً أن أحداً لن يستطيع أن يقف أمام موجة العملات المشفرة العالية التي تضرب أسواق العالم حالياً، وتجذب الملايين من المستثمرين الجدد فيها كل يوم.

وبعد الارتفاعات الجنونية التي شهدتها أغلب العملات المشفرة خلال الأسابيع الماضية، وإعلان العديد من الشركات الأميركية الاحتفاظ بجزء من أصولها في بيتكوين، كان آخرها شركة تسلا لصناعة السيارات الكهربائية التي أعلنت استثمار نحو 1.5 مليار دولار في بيتكوين، قال تود جيبسون، الرئيس التنفيذي لبنك أوف نيويورك ميلون " لقد شهدنا زيادة في الاهتمام والطلب من العملاء على العملات المشفرة، ومن الطبيعي أن نحقق ما وعدنا عملاءنا به من الثقة والابتكار لنكون المحرك الأول في سد الفجوة بين الأصول التقليدية والرقمية".

كما نقلت وكالة بلومبيرغ عن بنك مورغان ستانلي، صاحب أكبر وحدة إدارة ثروات بين بنوك العالم، أن وحدة الاستثمار العالمي التابعة له، والتي تدير أصولاً تتجاوز قيمتها 150 مليار دولار، تدرس حالياً "المراهنة على بيتكوين"، وأنها بصدد الحصول على الموافقات المطلوبة من إدارة البنك وأيضاً الجهات التنظيمية.

ولن يكون استثمار مورغان ستانلي، حال إقراره، هو أول انكشاف على العملة المشفرة التي تشغل المستثمرين على كل المستويات حالياً، حيث يمتلك البنك 11% من شركة مايكرو ستراتيجي للبيانات وتطبيقات الهواتف الذكية والحوسبة السحابية، والتي اشترت العام الماضي ما كانت قيمته نحو مليار دولار من بيتكوين، تقدر وفقاً لأسعار اليوم بأكثر من ثلاثة مليارات دولار.

وانضم دويتشه بنك الألماني إلى المؤسسات المالية الكبيرة المندفعة باتجاه تقديم خدمة حفظ العملات المشفرة، بتطلعات واسعة لتقديم خدمات متقدمة لصناديق التحوط التي تستثمر في هذا النوع من الأصول. ويهدف النموذج المبدئي الذي تعده إدارة البنك العملاق إلى تطوير منصة حفظ للعملات الرقمية، تقوم أساساً على خدمة العملاء المؤسسيين وأصولهم الرقمية، مما يوفر اتصالاً سلساً بالنظام الأوسع للعملات المشفرة.

لكن لا يبدو أن كل الشركات الأميركية تتفق على ركوب موجة العملات المشفرة، حيث أعلنت شركة باي بال PayPal للدفع من خلال الإنترنت أنها لا تنوي الاستثمار في العملات الرقمية، ومنها بيتكوين، رغم اعترافها بوجود فرص كبيرة في عالم "المحافظ الرقمية".

وقال جون رايني، المدير المالي بالشركة، في لقاء مع قناة "سي أن بي سي" المتخصصة في الاقتصاد والاستثمار، يوم الخميس الماضي، إن شركته تفضل عوضاً عن ذلك "استثمار النقدية المتاحة لديها فيما يساعدها على تطوير قائمة الخدمات التي تقدمها لعملائها".

ومع ذلك، قالت الشركة التي ارتفع سعر سهمها بنسبة تتجاوز 750% خلال السنوات الخمس الأخيرة، منها أكثر من 50% في الشهور الثلاثة الأخيرة فقط، إنها لا تنكر أن التحول إلى العملات الرقمية قادم لا محالة، مؤكدةً أنها مضطرة للتعامل فيها، بعد أن سمحت لعملائها بشراء وبيع بعض تلك العملات، كما الاحتفاظ بها، ضمن محافظهم الرقمية لدى الشركة.

وتزامناً مع الاندفاع المحموم باتجاه العملة المشفرة، استبقت السلطات الكندية المختصة الأحداث، وأعلنت منحها موافقة لأول صندوق استثمار في العملة المشفرة الأشهر والأغلى في القارة الأميركية، الأمر الذي اعتبر تمهيداً لإصدار هيئة الأوراق المالية الأميركية الأكثر تأثيراُ في العالم موافقةً مماثلة، قبل هروب المستثمرين باتجاه الجارة الشمالية.

والسبت الماضي نقلت وكالة رويترز عن هستر بيرس، العضو المنتمي للحزب الجمهوري في هيئة الأوراق المالية الأميركية، قولها إن "تعاملات العملات المشفرة أصبحت في حاجة ماسة لتشريعات منظمة لها، بعد تبني شركات كبرى، مثل تسلا وبنك أوف نيويورك ميلون وماستر كارد، لها.

وقالت المسؤولة التي يطلق عليها لقب "أم العملات المشفرة" بسبب تحمسها الواضح لهذا النوع من الأصول المالية "لا يقتصر الأمر على وجود دعوات متزايدة لتبني هذا الموضوع، أو وجود إدارة أميركية جديدة ربما يكون لها رأي في ذلك"، مشيرة إلى أنه من الواضح أن بعض الأطراف في الأسواق تعيد تقييم موقفها من تلك العملات.

المساهمون