مؤسسات غربية ترسم صورة قاتمة لاقتصاد غزة

24 أكتوبر 2023
تظاهرة في لندن تطالب بوقف الحرب على غزة فوراً (getty)
+ الخط -

لا يواجه مواطن قطاع غزة المحاصر منذ سنوات قصف الطيران الإسرائيلي والقذائف الصاروخية فقط، ولكنه يواجه كذلك حرب الجوع وانعدام الغذاء والمياه والوقود، مما يؤدي إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتدهورة بالفعل في غزة.

وكانت آفاق الاقتصاد الفلسطيني سيئة بالفعل قبل أن تعلن إسرائيل حصارها على غزة، مما خلق "كارثة إنسانية". وتعد غزة من أكثر المناطق السكنية كثافة في العالم بحسب احصائيات السكان الأخيرة لعام 2023، إذ يبلغ عدد السكان قرابة مليوني شخص في مساحة جغرافية صغيرة نسبيًا، وتعتبر هذه الزيادة السكانية مقلقة بحد ذاتها في ظل تكرار العمليات العسكرية ضد القطاع.

وقال تقييم أجراه صندوق النقد الدولي هذا العام، إن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، والقيود المتزايدة على الضفة الغربية يمثلان عقبات كبيرة أمام النمو والتنمية في القطاع.

ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يفتقد أكثر من 2.3 مليون فلسطيني أبرز مقومات الحياة الأساسية نتيجة الحصار المشدد الذي فرضته حكومة بنيامين نتنياهو الائتلافية عبر إغلاق المعابر الحدودية وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية للقطاع.

وحسب بيانات صندوق النقد فقد بلغت نسبة البطالة في المناطق الفلسطينية المحتلة 24.4%، أي أقل بنقطتين مئويتين عن العام 2022. وترتفع معدلات البطالة في قطاع غزة مقارنة بالضفة الغربية بسبب تشديد القيود الإسرائيلية المفروضة على سكان القطاع وتحرمهم من الوصول والتنقل، حيث سجلت البطالة نسبة 13.1 في المائة في الضفة الغربية بينما سجلت نسبة مذهلة بلغت 45.3 في المائة في قطاع غزة، حسب بيانات الصندوق الأخيرة.

بسبب هذه الكثافة السكانية، تقول مجلة الإيكونومست البريطانية في تقرير حديث بهذا الصدد، "لقد أصبح تجنب وقوع كارثة إنسانية أكثر صعوبة بسبب الحالة البائسة التي كان يعيشها الاقتصاد الفلسطيني قبل بدء الحرب الإسرائيلية الجارية حالياً على القطاع".

وتشترك إسرائيل وغزة والضفة الغربية في سوق واحدة تحكمها صفقة توسطت فيها الأمم المتحدة في عام 1994. وكانت الفكرة وراء هذه السوق، هي أن يعمل الفلسطينيون في إسرائيل، وأن يتدفق رأس المال الإسرائيلي إلى غزة والضفة الغربية. ولكن ظلت القيود الإسرائيلية قائمة وظل الاقتصاد الفلسطيني يعتمد على المعونات الإنسانية.

وحسب الإيكونومست، كان المواطن الإسرائيلي العادي أغنى بـ 15 مرة من المواطن الفلسطيني العادي.

وتشير إلى أن ثلث سكان الضفة الغربية فقط لديهم إمكانية الوصول إلى نظام الصرف الصحي، وأن حوالي 10% يعيشون بدون إمدادات المياه. وقد سُمح لسكان الضفة الغربية بالعمل في وظائف منخفضة المهارات في إسرائيل، لكن رغم ذلك تعرضوا لقيود مشددة على حركتهم.

وكانت النظرية الإسرائيلية قائمة على توفير عمالة رخيصة لخفض كلفة المنتجات الإسرائيلية في السوق المحلية، وبالتالي خفض معدل التضخم وغلاء المعيشة، بينما زيادة تنافسية المنتجات الإسرائيلية المصدرة في الخارج.

وحسب بيانات البنك الدولي، بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي للفرد في الضفة الغربية 2.8% سنويًا من عام 2007 إلى عام 2022. ولكن تزايد الفقر بين سكان غزة خلال الفترة نفسها، مع انكماش الاقتصاد المحلي بنسبة 2.5% سنويًا.

وقد رزحت منطقة غزة تحت حصار شبه كامل من إسرائيل منذ فوز حركة حماس بالانتخابات التي جرت في العام 2007. وحتى وقت قريب، كان قطاع غزة يحصل على الكهرباء من إسرائيل، ولكن القطاع لم يحصل إلا على ثلث الكمية التي طلبها.

وحسب تقدير "الإيكونومست"، كلفت الحروب الثلاث التي شنتها إسرائيل في الأعوام 2008 و2014 و2021، على قطاع غزة ما يعادل حجم الناتج المحلي الإجمالي لعام كامل.

وحسب بيانات صندوق النقد، يعيش أكثر من نصف السكان البالغين في غزة تحت خط الفقر الذي حدده الصندوق في عام 2021، وأمام سكان غزة فرص ضئيلة جداً لكسب المال.

إحدى هذه الطرق هي التعامل مع الواردات والصادرات من خلال الأنفاق تحت الحدود الجنوبية لغزة. والطريقة الأخرى هي إعادة بناء ما دمرته الحرب، حيث نما قطاع البناء بنسبة 20% في العام الماضي.

ومن المفترض أن ينمو أكثر بمجرد انتهاء هذه الجولة من الحرب الشرسة التي يشنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة.

وحسب تقرير الإيكونومست، لا يزال نحو 70 ألفا من سكان غزة يتلقون رواتبهم من السلطة الفلسطينية. كما تودع قطر حوالي 10 ملايين دولار شهرياً في الحسابات المصرفية لآلاف العائلات الفقيرة في قطاع غزة.

من جانبها تدفع السلطة الفلسطينية فواتير الكهرباء في غزة، عبر الأموال التي تخصمها إسرائيل من الضريبة التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

أما الأمم المتحدة فتدفع نفقات تعليم 300 ألف طفل في غزة، وذلك إلى جانب شبكة من المستشفيات التي تديرها مع الجمعيات الخيرية تزود المنطقة بالرعاية الصحية الأساسية.

المساهمون