ليبيا: غلاء إجباري وعجز حكومي

28 مارس 2022
ارتفاع معدلات التضخم إلى 4.2% (عبد الله دوما/فرانس برس)
+ الخط -

يعاني الليبيون من الارتفاع المتواصل في الأسعار، وسط تراجع الاستهلاك بسبب تهاوي القدرة الشرائية، رغم قرب حلول شهر رمضان، وهي فترة من المفترض أن يزيد فيها الشراء، حسب مراقبين. ويأتي ذلك رغم الإجراءات الحكومية التي تستهدف الحدّ من الأزمات المعيشية.
وأوصى وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة الوحدة الوطنيّة، محمّد الحويج، بتخصيص 60 ديناراً (نحو 12.8 دولاراً) دعماً نقدياً للفرد، شهرياً، وفقاً للرقم الوطني في كلّ أسرة لمواجهة غلاء المعيشة لمدة ثلاثة أشهر، وفقاً لمنصّة "حكومتنا" التابعة لحكومة عبد الحميد الدبيبة.
وفي السياق ذاته، ذكر مركز "أويا" للدراسات والبحوث الاقتصادية (غير حكومي) أنّ الحكومة مطالبة بتوفير خمسة آلاف دينار، أي نحو 1100 دولار، شهرياً لكلّ أسرة، لتبقى على مستوى خطّ الفقر الغذائي.
في هذا الإطار، يقول عبد العظيم الشوشان، وهو ربّ أسرة، لـ"العربي الجديد" إنّ الأسر الليبية تعاني من ضيق الحال والفاقة مع الغلاء وضعف القدرة الشرائية للدينار.

ويوضح أنّ في أسرته ثمانية أفراد دون سنّ العشرين، فيما راتبه الشهري لا يتعدّى 760 ديناراً شهرياً، وهو لا يكفي للإنفاق على السلع الأساسيّة، فالإنفاق الشهري على الخبز وحده يبلغ نحو 150 ديناراً مع ارتفاع سعره، وباقي المبلغ لا يكفي لشراء 12 سلعة أساسية، وبالتالي "لا خيار إلّا شراء ما تحتاجه يومياً، نظراً لمتطلّبات الحياة والاستغناء عن كثير من السلع".

يضيف أنّ المواطن يحتاج إلى زيادة الرواتب التي وعدت بها الحكومة ليغطي متطلبات المعيشة التي لا تطاق.
من جانبه، يقول مدير مركز "أويا" أحمد أبولسين، إنّ نصف سكان ليبيا بحاجة إلى مساعدات ماليّة لمواجهة غلاء السلع والخدمات.

ويوضح لـ"العربي الجديد" أنّ الحكومة مطالبة بتوفير خمسة آلاف دينار شهرياً لأسرة مكوّنة من خمسة أشخاص لكي تبقى على مستوى خطّ الفقر الغذائي، وتحديداً الطبقة الوسطى التي تلاشت في المجتمع، مع العلم أنّ مصرف ليبيا المركزي أعلن ارتفاع معدلات التضخم بنهاية العام الماضي إلى 4.2%.
من جهته، يوضح أستاذ الاقتصاد في الجامعات الليبية، علي ميلاد، أنّ مشكلة الأسعار في ليبيا ليست في نظرية العرض والطلب وسلوك المستهلكين، لكن في إدارة السوق الذي يعاني من فوضى منذ عام 2013، فالأسعار في زيادة مستمرة بسبب احتكار القلّة في ليبيا وعدم وجود سوق منافسة كاملة.

يقول مدير مركز "أويا" أحمد أبولسين، إنّ نصف سكان ليبيا بحاجة إلى مساعدات ماليّة لمواجهة غلاء السلع والخدمات

ويقول: "لا تحرّك حكومياً لتوفير مخزون كافٍ، فيما اضطراب سلسلة التوريد وارتفاع النقل أثّرا بمعدّلات التضخّم".
وأفادت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بأنّ الواردات الأوكرانية تشكل أكثر من 40% من واردات القمح في ليبيا. ولفتت في تقرير لها تحت عنوان "الغزو الروسي لأوكرانيا يُفاقم الجوع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" إلى أنّ أسعار القمح والدقيق حلّقت خلال الأسبوع الأول من الحرب.
من جانبه، يقول المتقاعد سليمان الصويعي لـ"العربي الجديد" إن أقلّ دخل يمكن أن تحصل عليه أيّ أسرة، لا يتعدّى 450 ديناراً (نحو 100 دولار)، وهو لا يكفي لتغطية مصروف جيب لمدة 15 يوماً.
أما الخبير الاقتصاديّ عطيّة الفيتوري، فيقول لـ"العربي الجديد" إنّ مصرف ليبيا المركزي خفض سعر العملة المحلية من 1.4 دينار للدولار إلى 4.5 دنانير، وبالتالي انخفضت مدخرات المواطنين.
ويضيف: "هناك رابحون من التضخّم وتغيير سعر الصرف، وهم التجار وغيرهم من أرباب الأعمال، ولذلك في الدول المتقدّمة هناك جمعيات قوية لحماية المستهلكين من جشع التجار والمنتجين المحليين ومخالفة المواصفات المعتمدة للسلع، لكن ليس في ليبيا من يحمي المستهلك، بل المضاربة والاحتكار سمتان سائدتان في الاقتصاد الوطني".

المساهمون