لغم الديون ما بين مصر المستقرة وروسيا المحاربة

02 ابريل 2024
بوتين يؤكد أن روسيا تجاوزت ألمانيا وأصبحت الاقتصاد الأول في أوروبا
+ الخط -
اظهر الملخص
- روسيا، رغم العقوبات والحرب في أوكرانيا، تقلص دينها الخارجي بـ17.7% إلى 316.8 مليار دولار في 2023، مع احتياطيات ضخمة تقترب من 755 مليار دولار، مظهرة قدرتها على التكيف والصمود.
- مصر، بالرغم من الاستقرار السياسي والأمني ودعم دولي، تشهد زيادة في دينها الخارجي بـ3.5 مليارات دولار خلال ثلاثة أشهر ليصل إلى 168.04 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2023، مع احتياطيات أقل من 20% من ديونها.
- الفارق بين البلدين يبرز في استغلال الظروف الاقتصادية والسياسية؛ روسيا تحقق نمواً وتقلص ديونها مستفيدة من التحديات، بينما مصر تواجه صعوبات في إدارة ديونها واستثمار الموارد، ما يعكس أهمية السياسات الاقتصادية الفعالة.

بلغة الأرقام، يبلغ دين روسيا الخارجي نحو ضعف قيمة الدين الخارجي لمصر، رغم أن الاقتصاد الروسي يُعَدّ من أكبر 20 اقتصاداً على مستوى العالم، وأنه بناءً على تصنيف البنك الدولي لدول العالم، تحتل روسيا المرتبة السادسة حسب معيار حجم الناتج المحلي الإجمالي، ووفقاً لمعيار تعادل القوى الشرائية.

بل إن روسيا تجاوزت ألمانيا وأصبحت الاقتصاد الأول في أوروبا والخامس على مستوى العالم من حيث معدل النمو، وفق تصريحات حديثة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وبلغة الأرقام أيضاً، فإن الدين الخارجي لروسيا تراجع بنحو 68.2 مليار دولار، أو 17.7%، ليصل إلى 316.8 مليار دولار في العام الماضي 2023، وأن الحكومة الروسية حريصة على تقليص رقم هذا الدين مع زيادة الاحتياطيات الدولية.

الدين الخارجي لروسيا تراجع بنحو 68.2 مليار دولار، أو 17.7%، ليصل إلى 316.8 مليار دولار في 2023

في المقابل، قفز الدين الخارجي لمصر بقيمة 3.5 مليارات دولار خلال ثلاثة أشهر، مسجلاً نحو 168.04 مليار دولار بنهاية شهر ديسمبر/ كانون الأول 2023، مقابل 164.52 مليار دولار في نهاية شهر سبتمبر/ أيلول من العام نفسه.

كذلك ارتفع على أساس سنوي بقيمة 5.1 مليارات دولار، بزيادة 3.1%، ليسجل 162.92 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2022.

وبلغة الأرقام أيضاً، تمتلك روسيا احتياطياً من النقد الأجنبي يقترب من 600 مليار دولار، واحتياطياً من الذهب يتجاوز 155 مليار دولار.

كذلك، وضع الغرب يده على 300 مليار دولار من احتياطيات روسيا الأجنبية المودعة في البنوك العالمية عقب غزو أوكرانيا في فبراير 2022، ويهدد دوماً بمصادرة تلك الأموال لأجل مشروع إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب.

وفي إبريل 2023 استعادت روسيا المركز الرابع على مستوى العالم من حيث الاحتياطيات الدولية، رغم تكاليف الحرب الباهظة ومحاولة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي استنزاف مواردها.

أما مصر، فتمتلك احتياطيات أجنبية بلغت 35.1 مليار دولار وفق أحدث البيانات، معظمها عبارة عن ودائع مساندة مستحقة لدول الخليج، وهذا الرقم يعادل أقل من 20% من اجمالي الدين الخارجي.

مصر، لا تخوض حروباً، ولا تشهد قلاقل، بل تشهد الأوضاع السياسية والأمنية استقراراً بدرجة ملحوظة، ولا تتعرض لأي عقوبات

هذا عن الأرقام، أما عن الواقع، فإن روسيا تخوض حرباً شرسة ومكلفة مالياً في أوكرانيا منذ أكثر من عامين، وتتعرض لحرب اقتصادية ومالية هي الأشرس في تاريخ العقوبات العالمية، مع فرض عقوبات غربية شاملة على قطاعها المالي وصادراتها من النفط والغاز والأسمدة والأسلحة وغيرها من صادرات روسيا الحيوية.

أما مصر، فلا تخوض حروباً، ولا تشهد قلاقل واضطرابات، بل على العكس تشهد الأوضاع السياسية والأمنية استقراراً بدرجة ملحوظة، ولا تتعرض لأي عقوبات غربية أو حتى شرقية.

بل تتلقى مساندة عالمية واضحة، وهو ما لمسناه في الفترة الماضية حيث تدفق عليها ما يقرب من 60 مليار دولار من صندوق النقد والبنك الدوليين والاتحاد الأوروبي وصفقة شراء الإمارات رأس الحكمة ومساعدات وقروض ومنح من شركاء إقليميين ودوليين.

فأيهما أولى بقفزة الديون الخارجية وتراجع الاحتياطيات الأجنبية؟

دولة تتعرض لكل أنواع الحروب الاقتصادية والمالية والنفسية، ولضغوط شديدة على عملتها الروبل، وتخوض حربا شرسة ليس فقط ضد أوكرانيا بل ضد الغرب، وتشهد هروباً للاستثمارات الأجنبية بفعل الضغوط الأميركية، وزيادة ضخمة في الإنفاق العسكري، وزيادة أخرى في المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية، ولا تتوقف محاولات خنق قطاع الطاقة بها؟

أم دولة مستقرة تتدفق عليها المليارات في صورة قروض ومنح من كل حدب وصوب، وتؤكد حكومتها جاذبية الدولة للاستثمارات الأجنبية، وأنها أنجزت واحداً من أبرز برامج الإصلاح المالي والاقتصادي على مستوى العالم، وأن العديد من الدول تتسابق لتطبيق هذا البرنامج والتعامل معه على أنه قدوة ونموذج يحتذي؟

روسيا استفادت من اقتصاد الحرب، ونجحت في التغلب على الحرب الاقتصادية الشرسة ضدها، والالتفاف على العقوبات الغربية

ببساطة روسيا استفادت من اقتصاد الحرب، ونجحت في التغلب على الحرب الاقتصادية الشرسة ضدها، والالتفاف على العقوبات الغربية خاصة المفروضة على صادرات النفط والغاز والقطاع المالي والمصرفي، وحافظت على قوة عملتها مقابل الدولار رغم هروب الأموال في فترة ما بعد فبراير 2022.

أما مصر فقد أهدرت عشرات الفرص التي كانت من الممكن أن تحولها إلى دولة قوية اقتصاديا لو استفادت من امكانياتها من حيث الموقع الإستراتيجي والكوادر البشرية والموارد المتاحة ومئات المليارات التي تدفقت عليها في السنوات العشر الأخيرة.

المساهمون