ترأس العاهل المغربي، الملك محمد السادس، مساء الثلاثاء، في القصر الملكي بفاس، مراسيم تقديم التقرير الختامي، الذي أعدته اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، وذلك بعد ما يقارب سنتين من تشكيلها، من أجل بلورة نموذج تنموي جديد للمملكة.
وبحسب بيان للديوان الملكي، صدر مساء الثلاثاء، فإن تجديد النموذج التنموي يشكل "مرحلة جديدة في توطيد المشروع المجتمعي، الذي يقوده جلالة الملك، ويشمل أيضاً تعزيز الارتباط بقيم المواطنة الإيجابية والفاعلة، وتقوية الشعور بالانتماء إلى الأمة، وتأكيد الشخصية التاريخية والثقافية المغربية، الغنية بتاريخها العريق، والمتميزة بالانفتاح، وبتعدد مكوناتها".
وقال الديوان الملكي إنه طبقاً للمهمة الموكولة إليها، فقد اعتمدت اللجنة مقاربة متعددة الأبعاد، وقامت بتأطير جيد لأعمالها، وتمكنت على الخصوص من استكشاف التحديات والتغييرات الجديدة التي نتجت من جائحة كوفيد 19 وتدارسها، في العديد من المجالات الاستراتيجية، مثل الصحة والفلاحة والأمن الغذائي والطاقة والتنمية الصناعية والسياحية.
إلى ذلك، دعا العاهل المغربي إلى التفاعل الجدي مع خلاصات هذا العمل، وجعلها في خدمة تنمية البلاد ورفاهية مواطنيها، موجهاً بنشر تقرير اللجنة الخاصة للنموذج التنموي، وبإجراء عملية واسعة لتقديم أعمالها، وشرح خلاصاتها وتوصياتها للمواطنين ومختلف الفاعلين، بكل جهات المملكة.
وقال الديوان الملكي إن "الحكومة ومختلف الفاعلين والمؤسسات، مدعوون، كل في مجال اختصاصه، إلى المشاركة والمساهمة الفعالة في تنفيذ التوصيات الوجيهة الواردة في هذا التقرير، من أجل خدمة هذا الطموح والأفق التنموي الجديد، والارتقاء به لمستوى تطلعات جلالة الملك والشعب المغربي".
وسجل الديوان الملكي أن "الاقتراح المبتكر للجنة، الذي يهدف إلى ترجمة المحاور الاستراتيجية للنموذج الجديد في "ميثاق وطني من أجل التنمية"، يستحق اعتماده وتفعيله بروح بناءة وتوافقية، وبحسّ عالٍ من المسؤولية والمصلحة العامة، كإطار مرجعي مشترك لجميع القوى الحية بكل أطيافها".
وكان الملك محمد السادس قد أعلن في خطابه بمناسبة عيد العرش، الذي ألقاه يوم 29 يوليو/تموز 2019، أنه سيحدث لجنة من أجل بلورة النموذج التنموي الجديد، الذي كان قد دعا إليه في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2017، بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية.
وأوضح الملك محمد السادس أن هذه اللجنة "لن تكون بمثابة حكومة ثانية، أو مؤسسة رسمية موازية، وإنما هي هيئة استشارية، ومهمتها محددة في الزمن"، مضيفاً أنها ستشمل "مختلف التخصصات المعرفية، والروافد الفكرية، من كفاءات وطنية في القطاعين العام والخاص، تتوافر فيها معايير الخبرة والتجرد، والقدرة على فهم نبض المجتمع وانتظاراته، واستحضار المصلحة الوطنية العليا".
ومنذ تعيين أعضائها في 12 ديسمبر/ كانون الأول 2019، شرعت اللجنة بعقد جلسات الاستماع إلى الأحزاب السياسية والاتحادات النقابية والقطاع الخاص والجمعيات، وذلك "في إطار روح الانفتاح والبناء المشترك، بهدف جمع مساهمات وآراء جميع الأطراف المدعوة إلى هذه العملية".
ووفرت اللجنة، في الإطار التشاركي نفسه، منصة رقمية لتلقي مختلف المساهمات والأفكار وتجميعها، التي يتقدم بها المواطنون من أجل إغناء النقاش والتصورات. وفي سياق عملها، نظمت اللجنة أيضاً عدة لقاءات ميدانية للاستماع إلى المواطنين وإلى مختلف مكونات المجتمع المغربي.
وفي إبريل/نيسان الماضي، دعت اللجنة المواطنين إلى مشاطرتها الدروس المستخلصة خلال هذه الظرفية الصعبة والإجراءات التي يرونها ضرورية لتجاوز أزمة كورونا واقتراح مبادرات إيجابية، وذلك في قسم مخصص لذلك على المنصة الرقمية التي أطلقتها.
وكان العاهل المغربي قد عيّن رئيسها، سفير المغرب لدى فرنسا شكيب بنموسى، يوم 19 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، فيما ضمت اللجنة 35 شخصية، من بينها مسؤولون كبار في الدولة وخبراء أكاديميون من داخل المغرب ومن جامعات أجنبية.
وجاءت لائحة الشخصيات التي عيّنها الملك مكوّنة من كفاءات وخبرات من خارج الطيف السياسي والحزبي المغربي، وجمعت بين شخصيات مقيمة داخل المغرب وأخرى تعيش خارجه.
ووصف بيان صادر عن الديوان الملكي أعضاء اللجنة بأنهم يتوافرون على مسارات أكاديمية ومهنية متعددة، "وعلى دراية واسعة بالمجتمع المغربي وبالقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. وتضم اللجنة كفاءات مغربية تعمل داخل الوطن وبالخارج، مشهوداً لها بالعطاء والالتزام، تنخرط في القطاعين العام والخاص، أو في المجتمع المدني".