لبنان يخضع رسمياً للسوق السوداء مبيحاً تسعير السلع بالدولار

16 فبراير 2023
فلتان التسعير في الأسواق بغياب أي فعالية رقابية لأجهزة الدولة (فرانس برس)
+ الخط -

خضعت السلطات اللبنانية بكل أجهزتها أخيراً لسطوة العملة الخضراء في السوق السوداء، فقررت الحكومة، اليوم الخميس، إباحة تسعير السلع في أسواق التجزئة للمواطنين بالدولار الذي تجاوز عتبة 80 ألف ليرة لبنانية.

وأعلن أمين سلام، وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال التي يرأسها الملياردير نجيب ميقاتي، في مؤتمر صحافي، "السماح بتسعير بضائع السوبرماركت بالدولار واعتماد سعر الصرف الرائج في السوق"، مؤكداً أن "الهدف ليس الدولرة، ولكن حماية المستهلك، وأعطينا مهلة حتى الأربعاء المقبل لتطبيق الآلية الجديدة لضبط الأسعار".

وأشار سلام إلى أنه "يمكن للمستهلك أن يدفع بالليرة اللبنانية حسب السعر المعتمد في السوبرماركت"، وقال: "لا يمكن أن نعوّل على سعر منصة معينة، ولن يتم تسعير الدخان اللبناني والخبز بالدولار".

وقال: "منذ بداية حديثنا عن هذا الموضوع، كان سعر صرف الدولار 60 ألفاً، ومع الأسف أصبح اليوم نحو 80 ألفاً. وهذا الأمر دفعنا لاتخاذ هذا القرار ذي الطابع الاستثنائي، ويقوم على فترة زمنية لأننا نمر في ظروف استثنائية بامتياز، وخلال الأسبوعين الماضيين اتسعت حال الطوارئ في السوق، وحفاظاً منّا على المستهلك وعلى قدرة المواطن اللبناني على الرقابة الذاتية، لأن هذه الآلية تؤمن الرقابة الذاتية إلى جانب رقابة الدولة".

أضاف وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني: "أعطينا هامش أسبوع وأسبوعين كي نستمع إلى آراء الجميع، لأننا كسلطة تنفيذية بدعم كامل من السلطة التشريعية ممثلة بلجنة الاقتصاد والتجارة، مضطرون اليوم، في ظل غياب رؤية نقدية وضبط لسعر صرف الدولار وشلل كامل في الموضوع النقدي، للعب دورنا وتأمين الحماية".

وتابع: "لا يمكننا أن نترك السوق بحال فلتان والمواطنين عاجزين عن فهم ما يحصل بسعر الصرف والسوق والفوضى التي نراها. نحن نتمنى أن تنحصر المشهدية، وإلا فإننا ذاهبون إلى حال فوضى كاملة". واعتبر أن "الواجب الوطني يفرض علينا القيام بدورنا كوزارة وكلجنة اقتصادية، درءاً لوضع الأمن الغذائي للمواطن والصناعة اللبنانية والقطاع الخاص اللبناني في مهب الريح ودائرة الخطر".

وقال أيضاً إن "الإطار العام لعمل الآلية درسته النقابات المعنية والوزارة واللجنة والخبراء الاقتصاديون والقانونيون، والهدف اليوم ليس الدولرة ولا كسر أي قوانين نقدية أو مخالفاتها، هذه الآلية هي قرار إداري من وزارة الاقتصاد، وليست كتاباً منزلاً، إنما يواكب المرحلة التي نمر فيها اليوم من أجل تمرير الظروف الراهنة مع الأمل بألّا تطول".

كذلك، قال الوزير اللبناني إن "هذا القرار قابل للتعديل والإلغاء والتغيير لمواكبة الضرورات التي تحمي المستهلك. وأتمنى على كل حريص، أكان اتحاداً أم منظمة أم مجتمعاً مدنياً أم أي مواطن، أن ينظر إلى الموضوع على أنه لحمايته ولتنظيم الأسعار، وحرصاً على حماية المستهلك واستقرار الأسعار، وبما أن البلد يرزح تحت عبء الأزمة الاقتصادية والنقدية منذ أكثر من ثلاث سنوات، وبما أن تقلبات في سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية، تتأرجح صعوداً ونزولاً من دون أي هوامش، أصبح بالتالي على نقاط البيع بالتجزئة تسعير بضائعها بطريقة تعكس سعرها الحقيقي، لأن معظمها تم تسعيره بالدولار".

واستطرد قائلاً إن "التسعير بعملة مستقرة كالدولار الأميركي له فوائد للمستهلك أولاً، وللاقتصاد والقطاعات التجارية ثانياً، نذكر أهمها كالآتي: تمكين وزارة الاقتصاد ومديرية حماية المستهلك من مراقبة الأسعار بطريقة أكثر فعالية، وتفعيل المنافسة بين مختلف السوبرماركت، ما يساعد المستهلك على المقارنة بين الأسعار المعلنة بعملة ثابتة والتوجه إلى نقطة البيع الأقل سعراً، حسب سعر الصرف المعتمد في السوق، كذلك خفض الأسعار عند انخفاض سعر صرف الدولار. وأيضاً استقرار الأسعار في مراكز البيع والإعلان عنها من طريق ملصق واضح داخل السوبرماركت من ناحية الدولار والليرة".

وتضمن القرار في مادته الأولى: "يسمح بالتسعير بالدولار الأميركي على أن تكون آلية التنفيذ الواجبة لتفادي أي مخالفة للقوانين مرعية الإجراء المذكورة أعلاه، كما يلي: وضع سعر الصرف المعتمد على كل المنتجات في السوبرماركت بالدولار وبالليرة، وعلى المدخل وصناديق الدفع على نحو ظاهر وواضح للمستهلك. اعتماد سعر الصرف الذي دفع على أساسه لشراء الدولار (أي السوبرماركت) على ألا يتعدى السعر الرائج في السوق وقت الشراء من قبل المستهلك".

وتابع أن "السوبرماركت ستعمد إلى الأسعار الوسطية، لأننا لا نستطيع التعويل على سعر منصة معينة التي فيها اختلافات ليست كبيرة".

ومن الشروط وضع ملصقات الأسعار على الرفوف بشكل واضح للمستهلك، إلا إذا كانت السلع تم شراؤها بالليرة اللبنانية، مثل الخُضَر والفواكه والسجائر والخبز.

كذلك، تضمين الفاتورة الضريبة على القيمة المضافة بالليرة اللبنانية وتاريخ الشراء وتوقيته وسعر صرف الدولار المعتمد على نحو واضح وظاهر للمستهلك، وإعطاء الخيار للمستهلك للدفع بالليرة حسب سعر الصرف المعلَن أو بالدولار.

وقال الوزير: "بناءً على ما تقدم، نلفت نقاط البيع كافة، ولا سيما السوبرماركت، إلى وجوب التقيد بأحكام القرار الراهن والقوانين مرعية الإجراء. كما نطلب من المراجع المكلفة مراقبة تنفيذ هذا القرار التشدد في التأكد من حسن تطبيقه من دون أي تساهل في سبيل تحقيق أهدافه".

المساهمون