أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان حسان دياب عن التوصل إلى تسوية من شأنها أن "تخفّف نسبياً" الأعباء الناجمة عن أزمة المحروقات (الوقود)، التي تسببت في شل مختلف الأنشطة الاقتصادية والخدمات في الدولة ومفاقمة معاناة المواطنين المعيشية.
وقال دياب في بيان، اليوم السبت، إنه "تداركاً لتداعيات قرار المصرف المركزي برفع الدعم عن المحروقات، والذي ستكون له تأثيرات كبيرة جداً على حياة الناس، وسيضيف أعباء لا يستطيع اللبنانيون تحملها، لجأنا اليوم إلى تسوية تخفّف نسبياً هذه الأعباء".
وأوضح أن "التسوية تقضي باعتماد رقم ثمانية آلاف ليرة لتسعير المحروقات، وكذلك لدفع صيانة معامل وخدمات الكهرباء، على أن تتحمل الدولة فارق الخسارة بالليرة اللبنانية".
وشدد على أن "هذه التسوية مؤقتة لكنها ضرورية قبل انطلاق العام الدراسي، وبانتظار انطلاق عمل البطاقة التمويلية التي نعمل لتطبيقها مطلع أكتوبر/ تشرين الأول المقبل".
2/5 إن التسوية تقضي باعتماد رقم 8,000 ليرة لتسعير المحروقات ولدفع صيانة معامل وخدمات الكهرباء، على أن تتحمل الدولة فارق الخسارة بالليرة اللبنانية.
— رئاسة مجلس الوزراء 🇱🇧 (@grandserail) August 21, 2021
هذه التسوية مؤقتة لكنها ضرورية قبل انطلاق العام الدراسي وبانتظار انطلاق عمل البطاقة التمويلية التي نعمل لتطبيقها مطلع تشرين الأول...
وجاء بيان رئيس حكومة تصريف الأعمال بعد اجتماع لمعالجة أزمة المحروقات، برئاسة الرئيس ميشال عون، ضم رئيس الحكومة ووزيري المال غازي وزني والطاقة والمياه ريمون غجر وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وأضاف دياب "بالتزامن، اتخذنا قراراً بدفع راتب شهر على دفعتين لجميع العاملين في القطاع العام، مهما كانت مسمياتهم الوظيفية، وكذلك رفع قيمة بدل النقل للموظفين ليصبح 24 ألف ليرة عن كل يوم عمل، وكذلك دراسة إمكانية أن تشمل منحة الراتب لاحقاً العاملين في المؤسسات العامة والبلديات".
وتابع "لقد اتفقنا على أن تكون القوى الأمنية، عبر غرفة العمليات المشتركة، مسؤولة عن متابعة كميات المحروقات منذ لحظة وصولها إلى لبنان وحتى بيعها للمواطنين، لعل ذلك يمنع التخزين والاحتكار والتهريب، ويوقف عذابات المواطنين للحصول على حاجاتهم من البنزين والمازوت والغاز من دون الوقوف في الطوابير".
وكلمة من عون
من جهته، وجه الرئيس اللبناني ميشال عون كلمة إلى اللبنانيين بعد الاجتماع، أعلن فيها أنه "تقرّر دعم المحروقات بتحمّل الخزينة جزءاًمن الكلفة"، مؤكداً أنه سيظّل يعمل حتى بلوغ الحلول، و"لن يتأثر بالمزايدات ولا بالحملات الإعلامية، ولن يتخلّى عن واجباته ومسؤوليّاته"، على حد قوله.
وقال عون إنّ كل أجهزة الدولة المفروض بها اتخاذ القرارات "معطلة"، ولكنه "أخذ المبادرة" لحلّ الأزمات الضاغطة والمشاكل الطارئة، وأضاف موضحاً "أصارحكم كي تعرفوا أنّ هناك عرقلة لكل فكرة أو اقتراح أو مبادرة، وكأن المطلوب المزيد من تدهور الأوضاع والمعاناة والعذاب للمواطنين ووقوفهم في طوابير الذل".
وتابع ملقياً باللوم في أزمة المحروقات على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة "الذي خرّب الوضع، وجعل الأزمة تتفاقم هو القرار الذي أخذه حاكم مصرف لبنان بوقف الدعم من دون العودة إلى الحكومة وقبل صدور البطاقة التمويلية، مع الأسف، فإنّ هذا القرار جعل أزمة المحروقات تتفاقم أكثر فأكثر مع إصرار الحاكم على موقفه، ومطالبته بإصدار تشريع يغطّي الصرف من الاحتياط الإلزامي".
وقال رياض سلامة، حاكم مصرف لبنان المركزي، لـ"رويترز"، اليوم السبت، إنّ الحكومة اللبنانية قررت تغيير سعر الصرف المستخدم كأساس لواردات الوقود، ما يزيد فعلياً من أسعار التجزئة. وأضاف سلامة أنّ الحكومة ستُسعر واردات الوقود عند ثمانية آلاف ليرة للدولار بدءاً من يوم السبت، مقابل 3900 ليرة للدولار سابقاً.
وقال عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان جورج البركس، لـ"العربي الجديد"، إنه انطلاقاً من اعتماد سعر صرف 8000 ليرة للدولار لاستيراد المحروقات "سترتفع الأسعار، والتي قد تصل وفقاً لدراستنا إلى 145800 لصفيحة البنزين والمازوت 116400، وذلك في حال بقيت الجعالات في الجدول كما هي، أما في حال تم تعديل أي منها فيضاف الفرق إلى السعر أعلاه".
وشلت أزمة المحروقات مختلف الأنشطة الاقتصادية والخدمية، إذ تسببت في انقطاع الكهرباء والاتصالات والإنترنت، ما دفع الناس إلى حلول غير مألوفة في إطار بحثهم اليائس عن المتطلبات الأساسية للحياة.
ويشهد لبنان أزمة اقتصادية حادة صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، بعدما استنزف الانهيار المتسارع احتياطي الدولار لدى المصرف المركزي على وقع فقدان الليرة أكثر من تسعين في المائة من قيمتها.