يزداد الساحل السوري يوما بعد يوم فقرا بالثروة السمكية نتيجة عوامل المناخ المتغيرة والصيد الجائر وعدم حماية هذه الثروة من قبل سلطات النظام إضافة إلى الأعمال العسكرية، ما يؤثر سلبا على التجار والعاملين في سوق الأسماك في مدن اللاذقية وجبلة وطرطوس ومعظم الساحل.
وبحسب ما نشرته صحف موالية للنظام السوري، مؤخراً، يبلغ كيلوغرام سمك البلميدا قرابة 7500 ليرة سورية، بينما يبلغ سعر كيلوغرام سمك اللقز 50 ألف ليرة (الدولار = نحو 3500 ليرة)، ما يعني أنه حلم يراود الكثير من السكان الفقراء أو من متوسطي الدخل والموظفين في حكومة النظام فثمن كيلو اللقز يعادل أكثر من نصف مرتب موظف.
في سوق السمك بمدينة جبلة حالة من شبه الكساد، الحركة في السوق قليلة والزبائن معظمهم لا يشتري، الأسعار مرتفعة كثيرا، كمية الأسماك المعروضة في المتاجر أيضا قليلة، وفق ما تؤكده مصادر لـ"العربي الجديد" من المدينة تعمل في السوق.
يقول وليد ع. الذي فضل عدم الكشف عن كنيته، وهو أحد التجار في اللاذقية في حديث لـ"العربي الحديد" إن الأسعار ارتفعت ووراء ذلك عدة عوامل على رأسها قلة المحصول الناتج عن الصيد، وهناك أسباب كثيرة أهمها تغير العوامل المناخية والصيد الجائر والوسائل البدائية للصيد، إضافة إلى التغيرات التي تجري في السواحل السورية وسببها حركة القواعد العسكرية. ويشتهر الساحل السوري بالكثير من أنواع السمك منها البوري، الغريبة، الأجاج، الطراخور، المرمر، بلميدا، اللقز، السلطان ابراهيم، عسيفي، بلميدا غزالي.
وفي سوق السمك جنوبي اللاذقية أيضا لم يكن الحال مختلفا عن سوق جبلة حيث حمل الصيادون كميات قليلة من السمك إلى السوق، بعد عناء طيلة الليل في أجواء باردة، ويقول الصياد سالم لـ"العربي الجديد" إن الأجواء الباردة حاليا تؤثر في عملية الصيد إضافة إلى الأمواج العالية المترافقة مع حركة السفن قرب الجرف.
ويضيف أن السمك عموما في الشتاء يكون قليلا بسبب البرد على عكس الصيف الذي يتكاثر فيه السمك، وما يزيد من السعر أيضا زيادة أسعار المحروقات التي تعتمد عليها سفن الصيادين، إضافة إلى غلاء أسعار الطعوم والشباك والسنانير وأصابع الديناميت.
وقال محمد أحد الصيادين من جبلة إنه يعتمد في عملية الصيد على الشبكة وأحيانا السنارة ولا يستخدم الديناميت، مضيفا أن انفجار الديناميت يؤدي إلى قتل الأسماك الصغيرة التي خرجت حديثا من البيض وخاصة في موسم التكاثر، إضافة إلى أضرار تغيير المناخ. وأضاف محمد لـ"العربي الجديد" أن هناك عدة عوامل أخرى أدت إلى قلة الأسماك منها التلوث الناجم عن التسربات النفطية، إضافة إلى التسرب الناجم عن حركة السفن الحربية في ميناء اللاذقية وصولا إلى ميناء جبلة وإجراء عدة مرات مناورات عسكرية استخدمت خلالها صواريخ وقذائف شديدة الانفجار.
وشهد الساحل السوري في سبتبمر/ أيلول الماضي حادثة تسرب نفطي من مصفاة بانياس في محافظة طرطوس. وحسب تقارير صحافية، فإن التسرب وصل إلى مناطق كثيرة من الساحل السوري وتوقعت التقارير أن هذا التسرب سيكون له أثر سلبي على الثروة السمكية في المنطقة.
في سوق السمك جنوبي اللاذقية أيضا لم يكن الحال مختلفا عن سوق جبلة حيث حمل الصيادون كميات قليلة من السمك إلى السوق، بعد عناء طيلة الليل في أجواء باردة
ويؤكد مصدر مقرب من مديرية الثروة السمكية في اللاذقية خلال حديث مع "العربي الجديد" أن النظام هو المسؤول الأول عن تدهور الثروة السمكية على الساحل السوري، أولا بسبب القوانين الظالمة وغير المفهومة التي يضعها ولا يطبقها على الجميع فهو يمنع الصيد في أوقات محددة، ولكنه يسمح للبعض بالصيد ضمن هذه الأوقات، وهنا تدخل الواسطة والمحوسبية والتبعية للمليشيات أيضا كذلك الصيد بالديناميت حيث يغض النظام طرفه عن الكثير من الصيادين.
وثانيا، يضيف سالم أن النظام لا يدعم العاملين في الصيد بالمعدات الحديثة التي تمكن من الصيد في مناطق بعيدة بالبحر وهو يتذرع دائما بقلة الإمكانيات، في حين أن منحه معظم الساحل في المدينة للروس والسماح لهم بحرية التحرك العسكري أثر سلبا على تكاثر ونمو الأسماك.
ويقول أحد أصحاب المتاجر في سوق السمك باللاذقية لـ"العربي الجديد" إن البلدية والمحافظة التابعتين للنظام تأتيان لتأخذا الضرائب وتسجلا المخالفات، ودائما تأتيان بضريبة النظافة، إضافة إلى فواتير الماء والكهرباء المرتفعة، ومع أنهما تحصلان على كافة الضرائب لا تهتمان إلى مشاكل السوق وهموم التجار.
وأضاف، مفضلا عدم ذكر اسمه، أن السوق بحاجة إلى ترميم وإصلاح شبكات الصرف الصحي وبحاجة أيضا إلى العناية بمسألة النظافة. وذكر أن البلدية تهمل السوق بحجة أنه سيجري نقله إلى مكان آخر.