رفعت جائحة كورونا من المبيعات الإلكترونية "أونلاين" في موسم الأعياد خلال العام الجاري على حساب المبيعات التقليدية، إذ استعاض المتسوقون في أميركا وأوروبا برحلات التسوق الافتراضية كبديل لرحلات التسوق الفعلية، مستغلين في ذلك الدفع ببطاقات الائتمان والحسم، التي باتت الوسيلة الأكثر استخداماً في تسوية الفواتير بسبب مخاوف العدوى من حمل النقود. وحسب تقرير لمؤسسة "باركلي كارد كوروبريشن"، ارتفعت مبيعات أعياد الميلاد هذا العام بنسبة 3% عن العام الماضي، إذ إن متاجر التسوق أعلنت عن التنزيلات مبكراً، وبدأ الموسم فعلياً في 11 أكتوبر/ تشرين الأول، وامتد حتى الرابع والعشرين من شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري. وحسب التقرير، ارتفعت مبيعات "أونلاين" هذا العام بنسبة 19.7% في أميركا مقارنة بمبيعات العام الماضي. وحسب موقع "أوبت إن مونستر" الأميركي المتخصص في التسوق، فإن نحو 69% من الأميركيين تسوقوا هذا العام عبر متاجر "أونلاين". وبلغت مشتريات المتسوق الأميركي عبر "أونلاين" في المتوسط نحو 1.8 ألف دولار، مقارنة بنسبة 1.6 ألف دولار في بريطانيا و1.4 ألف دولار في فرنسا و1.2 ألف دولار في السويد وألف دولار في ألمانيا. وقال كبير مستشاري باركلي كارد ستيف سادوف، في تعليقات لوكالة رويترز، إن "مبيعات هذا العام صحية لمحلات التسوق في أميركا مقارنة بالتوقعات".
وفي بريطانيا، افتقدت متاجر لندن هذا العام زحمة المتسوقين الأجانب من أوروبا والخليج وأميركا بسبب عمليات حظر السفر الجوي من بريطانيا وإليها من قبل معظم دول العالم بسبب انتشار السلالة الجديدة من فيروس كوفيد 19.
وشهدت المتاجر البريطانية خلال موسم أعياد الميلاد هذا العام أسوأ مبيعاتها منذ أكثر من مائة عام، إذ أغلقت معظم محلات التسوق في وسط لندن التي تضم نحو 600 متجر عالمي يبيع الماركات المشهورة وتنتشر في شوارع "أكسفورد ستريت" و"بوند ستريت" و"هاي ستريت كينزنغتون" ومنطقة نايتسبريدج حيث يوجد متجر هارودز الشهير.
وتواصلت معاناة المتاجر البريطانية ومحلات التسوق الرئيسية من المنافسة الشرسة التي تجدها من مبيعات "أونلاين"، ولكن تفشي السلالة الجديدة من جائحة كورونا، وما تبعها من عمليات إغلاق للنشاط الاقتصادي وتقييد الحركة وتكثيف إجراءات العزل الاجتماعي ضاعفت من مشاكل متاجر التسوق في لندن. وحسب تقرير لشركة "سبرينغ بورد" اللندنية المتخصصة في بيانات متاجر القطع ومراقبة حركة التسوق في بريطانيا، تراجعت مبيعات المتاجر البريطانية في اليوم الثاني لعيد الميلاد الذي يطلق عليه في بريطانيا "بوكسينغ داي"، بنسبة 60%. وقالت صحيفة "سيتي أي أم" البريطانية إن مبيعات المتاجر في وسط لندن ومنطقة "ويست آند" تراجعت بنحو 80% خلال العام الجاري مقارنة بالعام الماضي.
وتوقع خبراء في متاجر القطع أن تواجه محلات التسوق البريطانية بعض عمليات الإفلاس في العام المقبل إذا لم تتدخل الحكومة بتقديم مساعدات مالية كبرى لها. وكانت سلسلة متاجر "ديبنغهام" الكبرى قد أعلنت إفلاسها خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني وهددت 12 ألف وظيفة في البلاد.
في هذا الصدد، قال الرئيس التنفيذي لشركة "ويست أند آند كومباني"، جيس تايرل، إن "المحلات التجارية بحاجة إلى مساعدة مالية من قبل الحكومة، وتأكيد مواصلة الدعم المالي، إذا كان لها أن تتمكن من تلافي الإفلاسات خلال العام المقبل". وعادة ما تعوض مبيعات شهر ديسمبر/ كانون الأول للمتاجر البريطانية تراجع مبيعاتها في باقي العام. وعلى الرغم من أن إجراءات الحظر والعزل الاجتماعي رفعت من الوفورات المالية للعديد من الأسر البريطانية، إلا أن هذه الوفورات استخدمت في تسديد ديون بطاقات الائتمان وتقليل السحب على المكشوف.
ويشير مكتب الإحصاء الوطني إلى أن إجراءات الحظر والعزل الاجتماعي رفعت معدل الادخار لدى الأسر في بريطانيا من 9.6% في الربع الأول إلى 29.1% في الربع الثاني. ولكن هذه الادخارات لم تترجم في ارتفاع مبيعات المتاجر. كما انعكست تداعيات العزل الاجتماعي كذلك في تراجع كبير بمبيعات الملابس ومتاجر الموضة والماركات الشهيرة بسبب عدم خروج الناس للحفلات والمناسبات الاجتماعية التي كانت ترفع من مبيعات متاجر الموضة ومحلات الزينة في فترة أعياد الميلاد.
ويشير مسح أجرته مؤسسة "نوتنغهام بلدينغ سوسيتي"، وهي مصرف متخصص في التسليف العقاري، قبل خمسة أيام من أعياد الميلاد، إلى أن السلالة الجديدة من جائحة كورونا أثرت في إنفاق الأسر البريطانية على أعياد الميلاد، إذ قال 19% من الذين شملهم الاستفتاء إن انفاقهم على التسوق خلال أعياد الميلاد هذا العام سيكون أقل كثيراً مقارنة بالأعياد السابقة، بينما قال 4% فقط إنهم سيرفعون إنفاقهم، وقال 43% إن إنفاقهم لن يختلف عن الأعوام السابقة. يُذكر أن إجراءات العزل الاجتماعي المشددة امتدت إلى العديد من المدن البريطانية.