سعيّد يريد إعادة النظر في استقلالية البنك المركزي التونسي لـ"تمويل الميزانية بشكل مباشر"
انتقد الرئيس التونسي قيس سعيد، اليوم الجمعة، بنودا من قانون البنك المركزي التونسي تتعلق بالاستقلالية المطلقة للبنك، مؤكدا ضرورة المضي في إصلاح هذه الفصول "من أجل تحسين مساهمة مؤسسة الإصدار النقدي في التمويل المباشر لموازنة الدولة".
وقال قيس سعيد، أثناء زيارته مقر البنك المركزي التونسي: "إن سياسات البنك المركزي يجب أن تكون في تناسق مع السياسات الحكومية"، معتبرا أن البنك المركزي قام بدور مهم في السيطرة على نسب التضخم، غير أنه مطالب بالمساهمة المباشرة في تمويل الموازنة.
واعتبر الرئيس التونسي أن البنوك تحصل على معدلات فائدة مرتفعة عند إقراض الدولة، بينما كان بالإمكان الحصول على هذه الأموال من تمويلات مباشرة من البنك المركزي. وأكد أن مراجعة قانون استقلالية البنك المركزي "لن تحد من استقلالية هذه المؤسسة".
وقال: "لا بد من تطوير النص ليلعب البنك المركزي دوره كمؤسسة عمومية وهو ليس مستقلا بذاته". وتابع: "من يستفيد من الفصل الخاص باستقلالية البنك هو البنوك التجارية".
وبمقتضى القانون 35 لسنة 2016، المتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي، لم يعد مسموحاً للحكومة إصدار أي تعليمات للبنك المركزي، كما حصل على السلطة المطلقة في ضبط السياسة النقدية، والإنفاق والتحكم في الاحتياطي النقدي، والتصرف في الذهب.
ومنذ عام 2016، أصبح الاقتراض الداخلي يجري عبر الجهاز المصرفي، الذي يحقق أرباحا جيدة من مساهمته في تمويل الموازنة.
ووفق تقرير أصدرته منظمة "ألارت" (مستقلة) في شهر يونيو/ حزيران الماضي، زادت أرباح البنوك المتأتية من إقراض الدولة التونسية طويل المدى بنسبة 58% على مدار العقد الأخير، لكن هذه البنوك قد تواجه مخاطر على مستوى الأموال الذاتية، في حال تعثر الدولة عن السداد.
وكشفت منظمة "ألارت" أن إجمالي حجم الخزينة القابلة للتنظير (الاستخدام)، والتي جرت تعبئتها كأداة تستخدمها البنوك لإقراض الدولة على المدى الطويل، ناهز 24 مليار دينار، أي ما يزيد عن 7 مليارات دولار خلال الفترة 2011-2022. وارتفع مردودها إلى 13.8 مليار دينار، ما يعادل 4.2 مليارات دولار.
ومؤخرا طرحت كتلة "الخط الوطني السيادي" في برلمان تونس ملف استقلالية البنك المركزي للنقاش، بعد إيداع مشروع قانون يهدف إلى إعادة النظر في بنود قانون النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي المصدَّق عليه عام 2016، ويقضي بفتح باب الاقتراض المباشر للدولة من خزينة مؤسسة الإصدار النقدية.
ويضع برلمانيون تعديل القانون الأساسي للبنك المركزي ضمن "خطة الإصلاحات الاقتصادية العاجلة" التي تحتاجها البلاد، في إطار "معاضدة الجهود الحكومية على تعبئة موارد مالية لفائدة الموازنة بأقل كلفة ممكنة، في ظل ارتفاع نسب الفائدة على القروض الممنوحة للدولة محلياً ودولياً".
وتقترح كتلة "الخط الوطني السيادي" ضمن مشروع القانون المطروح على النقاش في البرلمان كبح استقلالية البنك المركزي، عبر منح الحكومة حق النفاذ إلى خزينة البنك، من أجل الحصول على قروض مباشرة لفائدة الموازنة، بقيمة لا تتجاوز 5% من الناتج المحلي الإجمالي، أو 20% من معدل إيرادات الميزانية للسنوات الثلاث التي تسبق عملية الاقتراض.
وتأتي مطالب إعادة النظر في قانون البنك المركزي التونسي بعد 7 سنوات من حصوله على الاستقلالية التامة عن السلطة التنفيذية، بمقتضى قانون أقره البرلمان في إبريل/ نيسان 2016.
وصدّق البرلمان التونسي على القانون حينها، بعد أن دافعت الحكومة عن خياراتها، عبر منح البنك مزيداً من الاستقلالية لتعزيز أدائه، والنأي به عن أي تجاذبات سياسية محتملة.
ويواجه البنك المركزي التونسي انتقادات بسبب الزيادات المتتالية في نسبة الفائدة الرئيسية التي صعدت إلى 8%، بعد آخر تعديل أقره في يناير/ كانون الثاني الماضي، وذلك بزيادة 75 نقطة أساس .(0.75%)
وتلجأ حكومة تونس بشكل مكثف للسوق الداخلية، من أجل تعبئة موارد لفائدة الموازنة، أو مد آجال ديون حلّ موعد سدادها. ووقعت الحكومة في مايو/ أيار الماضي اتفاق تعبئة موارد بالعملة الصعبة بقيمة 400 مليون دينار، أي نحو 133 مليون دولار، حُصِّلَت من 12 مصرفاً محلياً.