على الشركات العربية أن تتحرك من الآن، وليس الغد، للمشاركة في مشروعات إعادة إعمار ليبيا والتي تقدر كلفتها بنحو 200 مليار دولار من المقرر ضخها خلال السنوات العشر المقبلة حسب تقديرات البنك الدولي.
وعلى هذه الشركات ألا تترك الباب للشركات الأجنبية لقنص هذه الصفقات الواعدة والفرص الاستثمارية الضخمة والفوز بكل هذه المليارات، خاصة وأن ليبيا سوق بكر في كل المجالات بداية من مشروعات إقامة أفران الخبز وتوفير الدقيق واللحوم والزيوت والأدوية والسجائر للمواطن، ونهاية بمشروعات التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي والذهب والمعادن في سواحل البحر المتوسط والتراب الليبي، وتوليد الكهرباء من الطاقة النووية والشمسية وطاقة الرياح، وتصنيع سيارة محلية.
ومرورا بتأسيس مصانع لإنتاج الأجهزة الكهربائية والإلكترونية ولعب الأطفال، وشركات صغيرة ومتوسطة، وإقامة فنادق على سواحل البحر المتوسط الساحرة، وتطوير مناطق الآثار الرومانية والمدن القديمة المنسية والمهملة وغيرها، ومد الطرق والكباري وتوصيل المياه والصرف الصحي للمناطق المحرومة، وتطوير قطاعات إنتاجية من زراعة وصناعة وتجارة لسد حاجة السوق المحلي وتلبية احتياجات المواطن خاصة من السلع الضرورية ومستلزمات الإنتاج والسلع الوسيطة.
ببساطة، ليبيا في حاجة إلى مشروعات تنتج من الإبرة إلى الصاروخ خاصة مع إهمال نظام القذافي قطاع الصناعة المهم، واعتماده على الاستيراد لا الإنتاج، وتركيزه فقط على قطاع الطاقة. والشركات العربية من جانبها عليها استغلال تلك الفرصة والمشاركة بجدية في مشروعات إعادة إعمار ليبيا المهدمة، وأن تتحرك بسرعة للمساهمة والفوز بأكبر حصة من تلك المشروعات.
والباب بات مفتوحا أمام الحكومة الليبية الجديدة للبدء على الفور في تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار وتحسين الخدمات المرتبطة مباشرة بالمواطن وفي مقدمتها ملفات الرواتب والأسعار والكهرباء والمياه والصرف الصحي والطرق والاتصالات، وذلك جنباً إلى جنب مشروعات سياسية أخرى منها تنظيم الاستفتاء والانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة المقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
فقد نالت حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا برئاسة عبد الحميد الدبيبة ثقة البرلمان يوم الأربعاء، ومن المقرر أن تؤدي اليمين الدستورية يوم الاثنين المقبل في بنغازي، وبالتالي طوت البلاد مرحلة الانقسام السياسي والمالي والاقتصادي والنفطي، ووضعت حداً لحرب أهلية دامت سنوات طويلة وكبدت البلاد خسائر بمليارات الدولارات، وأدت إلى تهدم البنية التحتية وانهيار الخدمات والتردي الاقتصادي وغلاء الأسعار والأزمات المعيشية والتعثر في سداد رواتب الموظفين، وألحقت ضرراً بالغاً بقطاع النفط، المورد الأساسي للإيرادات العامة.
ومع منح الحكومة الجديدة ثقة البرلمان بات لديها الصلاحيات الكاملة للقيام بخطوات ملموسة وسريعة لتحسين ملف الخدمات خاصة مع توافر سيولة نقدية، فليبيا تتوقع إيرادات نفطية بقيمة 30 مليار دولار خلال العام الحالي، وهي أكبر زيادة في إنتاج النفط خلال 5 سنوات، وذلك بعد تعافي الإنتاج وإمكانية الوصول به إلى مستوى ما قبل الثورة الليبية وهو 1.7 مليون برميل يومياً، وارتفاع أسعار النفط مع توقعات تعافي الاقتصاد العالمي، كما أن لديها احتياطيا ضخما من النقد قدره محافظ البنك المركزي الصديق الكبير بنحو 130 مليار دولار بنهاية العام الماضي 2020.