كشفت مصادر تجارية وزراعية في السودان، أن الكثير من المزارعين، اضطروا إلى بيع محصول القمح لديهم إلى تجار يعملون على شرائه بأسعار مجزية، يقومون بعدها بتصديره إلى مصر، بعد أن تعرضت عمليات تسليم المحصول إلى الحكومة الانتقالية للكثير من العراقيل، إذ يتهم مزارعون البنك الزراعي بوضع شروط تعجيزية للاستلام، فضلا عن عدم وجود سيولة مالية للشراء.
وقال طارق أحمد الحاج، رئيس تجمع مزارعي الجزيرة والمناقل، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن الكثير من المنتجين باعوا المحصول للتجار الذين يرحلونه إلى مصر، فضلا عن اضطرار البعض إلى تهريبه إلى دول أخرى بعد الخسائر التي تكبدوها بسبب عدم قدرتهم على تصريف المحصول بسبب إهمال الحكومة لهذه السلعة الاستراتيجية.
وحددت الحكومة الانتقالية سعر شراء القمح من المزارعين بواقع 43 ألف جنيه سوداني (نحو 94 دولاراً) للجوال زنة 100 كيلوغرام، لكن مسؤولين في القطاع الزراعي أكدوا مواجهة الحكومة صعوبات مالية كبيرة تحول دون الوفاء بتعهداتها بشراء القمح المحلي.
في الأثناء، شهدت أسعار القمح تدنياً كبيرا في السوق السودانية وصل إلى نحو 27 ألف جنيه (59.3 دولاراً) للجوال، ما اضطر البعض إلى البيع بالخسارة في السوق المحلية، فيما فضل آخرون بيعه إلى تجار يعملون على تصديره إلى مصر بأسعار مجزية على حد وصف مصطفى محمد، منتج القمح في الولاية الشمالية. وأشار مزارعون إلى أن سعر البيع إلى التجار المصريين وصل إلى 60 ألف جنيه للجوال.
وبخلاف الصعوبات المالية التي تواجهها الحكومة ما يحول دون إتمام عمليات شراء القمح المحلي، ينتقد مزارعون ما وصفوها بالشروط التعجيزية الأخيرة التي دفع بها البنك الزراعي، والتي تلزم المزارعين بتسليم القمح إليه في مناطق بعينها وتحميلهم تكاليف النقل، فضلا عن سداد رسوم وضرائب على عمليات التوريد.
وفق مزارعين فإن تكلفة ترحيل الجوال الواحد تزيد في بعض المناطق عن 10 آلاف جنيه ما يعرضهم لخسائر كبيرة ويجعل من عمليات التسليم إلى البنك الزراعي غير مجدية.
في المقابل، أشار وزير الزراعة والموارد الطبيعية أبو بكر البشري، في تصريحات صحافية أخيراً، إلى أن وزارة المالية أصدرت توجيهات عاجلة لمحافظ البنك المركزي بشأن توفير الأموال المطلوبة لشراء القمح من المنتجين، مناشداً المزارعين التحلي بالصبر إلى حين توفير الأموال.
ودفعت مشكلة تأخر الحكومة في شراء القمح، أبناء الولاية الشمالية لطرح مبادرة بالتنسيق مع الغرفة الزراعية ومنتجي القمح، تقوم على دعوة من لديهم القدرة المالية على الشراء ولو جوالا لصالح دعم المخزون الاستراتيجي من هذه السلعة، بجانب تكوين مبادرة شعبية مماثلة من أبناء السودان بالمهجر لشراء القمح دعما للمنتجين وللمخزون.
ويعاني السودان بالأساس من فجوة كبيرة بين إنتاج واستهلاك القمح، إذ تتراوح بين 60% و70%، حيث يبلع الاستهلاك السنوي نحو 2.4 مليون طن، بينما لا يتجاوز الإنتاج المحلي 700 ألف طن تقريباً.
وفي مايو/أيار الماضي قبل أيام، حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من مواجهة نحو 18 مليون شخص في السودان خطر الجوع بحلول سبتمبر/أيلول المقبل، وفق تقييم مشترك لبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة.