قفزات أسعار الخضار والفاكهة في غزة رغم منع التصدير

28 سبتمبر 2023
خسائر كبيرة تكبدها المزارعون (عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -

تشهد الأسواق في قِطاع غزة قفزات في أسعار الخضروات والفواكه، في الوقت الذي يُعاني فيه أهالي القِطاع من الآثار الاقتصادية السيئة التي يخلفها الحِصار الإسرائيلي المُشدد مُنذ 17 عامًا.

ولم يُساهم وقف تسويق المنتجات الزراعية وتصديرها من قطاع غزة إلى مُدن الضفة الغربية والخارج في تحسين الأسعار المُرتفعة وخفضها، مُقارنة بالحالة العامة، والدخل المتدني، أو انعدام الدخل في القطاع، صاحب الكثافة السكانية الأعلى في العالم، ويقطنه نحو 2.3 مليون مواطن، في مساحة جغرافية لا تتجاوز 360 كيلومتراً مربعاً.

وشهدت الفترة الماضية منع الاحتلال الإسرائيلي تصدير المنتجات الزراعية من غزة إلى المحافظات الشمالية (الضفة الغربية المحتلة) والخارج، التي تمثل ما يزيد على 85% من إجمالي صادرات القطاع، إلا أن المنع لم يؤثر في الأسعار التي ظلت مرتفعة، فيما أثرت في الوقت ذاته (وفق بيان لوزارة الزراعة) في ما يزيد على 60 ألف أسرة تعمل في قطاعي الصيد والزراعة، إلى جانب تأثيرها في التجار، والمواطنين، لمُساهمتها في تكبد الاقتصاد خسائر يومية تصل إلى مليون شيكل إسرائيلي (نحو 263 ألف دولار).

وتُرجِع وزارة الزراعة في قطاع غزة أسباب الارتفاع الكبير في أسعار الخضروات والفواكِه، إلى الفترة الانتقالية بين فصلي الصيف والخريف، وهو موسم غلاء سنوي.

ويُمكن لجولة واحدة في أسواق قِطاع غزة، مُلاحظة ارتفاع أسعار الخضروات الرئيسية، مثل الطماطم، والبطاطس، والبصل، والخيار وغيرها، إلى معدلات عالية مُقارنة بالفترات السابقة، كذلك حِفاظ الفواكه الصيفية، وفي مقدمتها العنب، والتين، والخوخ، واللوزيات على أسعارها المُرتفعة، رغم تدني أسعارها بعد فترة من بدء مواسمها السابقة.

ويخلق ارتفاع أسعار الفواكه والخضروات الرئيسية حالة من الضيق الإضافي لدى أهالي قِطاع غزة، الذين يُعانون بالأساس من تدهور الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع نسب البطالة التي تجاوزت نسبة 65%، ونسب الفقر التي تخطت حاجز 70%، إلى جانب اعتماد ما يزيد على 80% على المُساعدات الإغاثية والإنسانية.

ولا يقتنع المواطِن الفلسطيني بأي من المُبررات الحكومية، التي تُلقي بظلال الأزمة على الفترة الانتقالية، التي تمتد لقرابة أربعة أشهر سنويًا، ما يستدعي إيجاد بدائل واقعية، وحقيقية، تتمثل بزيادة المساحات المزروعة، أو سد العجز الحاصل بفتح باب الاستيراد، للمُساهمة في خفض الأسعار.

ويوضح الناطق باسم وزارة الزراعة في قِطاع غزة، محمد أبو عودة، أن الغلاء الكبير في أسعار الخُضَر والفواكِه يرجع إلى الفترة الانتقالية، التي تشهد تبادل المواسم، من خِلال انتهاء موسم الزراعات المفتوحة ويبدأ من شهر يونيو/ حزيران، حتى نهاية شهر يوليو/ تموز، وبدء موسم زراعات الدفيئات مطلع شهر أغسطس/ آب، وتُعتبر العمود الفقري في العملية الإنتاجية للخضروات بشكل رئيسي.

ومن بين الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار الخضروات كذلك، وفق حديث أبو عودة لـ"العربي الجديد"، التغيرات المناخية والارتفاع الكبير في درجات الحرارة، وانخفاض نسبة الأمطار، التي انعكست على فسيولوجية النبات، وعلى عملية الإزهار، كذلك على وجود بعض الآفات غير المعهودة سابقًا.

أما بخصوص عدم مُساهمة منع تصدير المُنتجات الزراعية في خفض أسعار الخضروات والفواكه في قِطاع غزة، فيُبين أبو عودة أن السبب بالأساس يعود إلى الفترة الانتقالية، التي تفتقر إلى كميات الإنتاج، ووجود شُح في الكميات المعروضة، التي لا تتناسب مع الكميات المطلوبة، مُشددًا في الوقت ذاته على أن الكميات التي تُسوَّق وتُصدَّر إلى خارج القِطاع لا تشمل المُنتجات الأساسية، والمحاصيل الرئيسية، كالطماطم والخيار والبطاطس، وأن توريدها يقتصر فقط على السوق المحلي.

وفي ما يتعلق بإمكانية توسيع دائرة المساحات المزروعة للتغلب على الأزمة السنوية، يوضح أبو عودة أن الحلول للتغلب على الظروف المناخية مُكلفة، وأن التفكير بالدفيئات الذكية المزودة بأنظمة معينة ودفيئات ومراوح، سيزيد من تكاليف الإنتاج، وبالتالي ارتفاع الأسعار.

ويُعاود أبو عودة التشديد على وجود اكتفاء ذاتي في مساحات زراعة الخضروات يصل إلى 97%، وهو ما يُفسر التصدير إلى خارج قِطاع غزة بعد انتهاء فترة الأزمة، والدخول تدريجيًا في مرحلة انخفاض الأسعار، وصولًا إلى ذروة الإنتاج وانهيار الأسعار.

إلى ذلك، يقول المدير العام للسياسات في وزارة الاقتصاد في غزة، أسامة نوفل، إن الحكومة التي تُديرها حركة حماس في قِطاع غزة منعت خلال الفترة الماضية، تصدير الخضروات الأساسية، كالطماطم، والخيار، والبصل، وهذا ما يُفسر عدم تأثر الأسعار وانخفاضها، على الرُّغم من المنع الإسرائيلي لتسويق المُنتجات الزراعية في أسواق الضفة والخارِج.

ولم يُنكر نوفل في حديثه مع "العربي الجديد" الارتفاع الكبير في أسعار الخضروات والفواكِه، مقارنة بالأوضاع الاقتصادية المُتردية في قِطاع غزة، وعدم تناسبها مع دخل المواطنين اليومي، وهذا ما دفع الحكومة إلى التواصل مع القِطاع الخاص، لتوفير كميات الخضروات الأساسية بأسعار مُناسبة، إلى جانب فتح باب الاستيراد لبعض الأصناف، كالبصل، وذلك للوقوف على حالة ارتفاع الأسعار، ومُحاولة تقويضها، والتخفيف من مُعاناة المواطنين.

ويعزو نوفل الأسعار المُرتفعة للخضروات والفواكِه في أسواق قِطاع غزة إلى خضوعها لقاعدة العرض والطلب، التي تتحكم في عملية الأسعار التوازنية، وهي ناتجة بالأساس من تقلب المواسم الزراعية، وموجة الحر التي اجتاحت قطاع غزة خلال الفترة الماضية، وأثرت بمختلف المحاصيل والمنتجات.

المساهمون