قطر تتقدم في مؤشرات عالمية... ورهان على طفرة الغاز

07 اغسطس 2024
مواطنون ومقيمون يتنزهون على كورنيش الدوحة (كريم جعفر/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **التقدم الاقتصادي والتنافسية العالمية**: قطر حققت المرتبة 11 في تقرير التنافسية العالمي لعام 2024، وتوقعات النمو الاقتصادي تشير إلى زيادة بنسبة 2.3% في 2024 وصولاً إلى 3.6%.

- **مشاريع الغاز الطبيعي وتوسعة حقل الشمال**: توسعة حقل الشمال لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال إلى 142 مليون طن سنوياً بحلول 2030، مع توقعات بنمو القطاع الهيدروكربوني بنسبة 1.6% في 2024 وصولاً إلى 7% في 2026.

- **الاستقرار المالي والتنوع الاقتصادي**: موازنة قطر حققت فائضاً قدره 2.6 مليار ريال، مع تقلص حصة القطاع النفطي إلى 37% في 2022، ونمو القطاعات غير النفطية إلى 63%.

تبوأت قطر مراكز متقدمة، في مؤشرات وكالات اقتصادية عالمية وتقاريرها، وارتفع ترتيب الدولة الخليجية في تقرير التنافسية العالمي للعام 2024 الصادر في يونيو/حزيران الماضي إلى المرتبة الحادية عشرة عالمياً، من بين 67 دولة، وحلت قطر في محور الأداء الاقتصادي الرابعة، وفي الكفاءة الحكومية، السابعة، وفي كفاءة قطاع الأعمال الحادية عشرة، وجاءت في المرتبة الـ 33 في البنية التحتية عالمياً.

كما توقعت مؤسسة "فوكس إيكونوميكس" العالمية في تقرير لها مطلع العام نمو الاقتصاد القطري بنسبة 2.3 % في العام 2024 وأن يتزايد وصولاً إلى مستوى 3.6%. أما صندوق النقد الدولي، فتوقع أن يرتفع معدل النمو في المدى المتوسط إلى نحو 4.5%. وبحسب بيان الصندوق، الذي جاء بعد زيارة لبعثة منه إلى الدوحة مطلع مايو/ أيار الماضي، يأتي النمو المتوقع على خلفية التوسع الكبير في إنتاج الغاز الطبيعي المسال مع اكتمال مشاريع حقل الشمال للغاز الطبيعي، فضلاً عن النمو القوي في القطاع غير النفطي.

واعتبر خبراء اقتصاديون، في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن الاقتصاد القطري يحقق أداءً جيداً، مشيرين إلى أن زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال من خلال رفع إنتاجها إلى 142 مليون طن سنوياً في نهاية العشرية الثالثة، سيكون هو عنوان المرحلة المقبلة.

وتتواصل الأعمال في مشروع توسعة حقل الشمال عبر ثلاث مراحل، مشروع حقل الشمال الشرقي، ويستهدف زيادة الطاقة الإنتاجية من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن سنوياً إلى 110 ملايين طن سنوياً بحلول عام 2026، وتوسعة حقل الشمال الجنوبي، لزيادة الإنتاج إلى 126 مليون طن سنوياً عام 2027، وأخيراً، توسعة حقل الشمال الغربي والتي تزيد الطاقة الإنتاجية إلى 142 مليون طن سنوياً قبل نهاية 2030.

وتواصل قطر إظهار قدر كبير من المرونة في مواجهة حالة عدم اليقين العالمية والتوترات الجيوسياسية. ووفق صندوق النقد الدولي أنّه لا تأثير واضحاً على قطر، جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على قطاع غزة، لافتاً إلى أن التوتر في البحر الأحمر أدى إلى تأخير تصدير الغاز الطبيعي المسال القطري مؤقتاً فقط بسبب تغيير المسار. وتوقع الصندوق أن يتراجع معدل التضخم الرئيسي في قطر إلى 2.5% في العام الجاري، ثم يقترب تدريجياً من 2% على المدى المتوسط.

ووفقاً لتقديرات البنك الدولي تتجه موازنة دولة قطر إلى تحقيق فائض يوازي 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي في العام الجاري، على أن يتراجع معدل الفائض هامشياً إلى 4.1% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025 ثم يقفز إلى مستوى 5.4% بحلول عام 2026.

وحققت موازنة الدولة الخليجية فائضاً قدره 2.6 مليار ريال (714 مليون دولار) خلال الربع الثاني من العام الجاري، سيوجه إلى تخفيض الدين العام ومن ثم لا يوجد فائض نقدي، وفقاً لوزارة المالية. وبلغ إجمالي الإيرادات الربعية نحو 59.9 مليار ريال، منها 41.1 مليار ريال إيرادات النفط والغاز، بينما بلغت الإيرادات غير النفطية 18.7 مليار ريال، بانخفاض نسبته 12.4% مقارنة بالربع الثاني من عام 2023.

ويقول الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة قطر، جلال قناص، لـ"العربي الجديد" إنه رغم تأثر النمو الاقتصادي بالمشكلات والتوترات الجيوسياسية في العالم والسياسة النقدية التشددية من طرف الفيدرالي الأميركي والبنوك المركزية العالمية، إلا أن أداء الاقتصاد القطري أفضل من الكثير من الاقتصادات الأخرى في العالم.

وأضاف قناص في تصريح لـ"العربي الجديد" أن تحقيق فائض في الموازنة العامة ساعد قطر على تحسين وضعها المالي والائتماني، من خلال رفع الملاءة الائتمانية، ورفع الثقة بقدرتها على سداد التزاماتها، إذ خفضت الدين العام في ما يخص الناتج المحلي إلى 40%، وتقلّص التضخم إلى أقل من 2%، وهبطت معدلات البطالة إلى أقل من 1%، وتحسّنت استثمارات جهاز قطر للاستثمار" صندوق الثروة السيادي" الذي تجاوزت أصوله 500 مليار دولار، مع نمو الاحتياطات الأجنبية لدى مصرف قطر المركزي، بالإضافة إلى تقوية القطاع المالي من خلال إصدار صكوك لجذب المستثمرين وآخرها إصدار سندات خضراء بملياري دولار.

وتكشف تقديرات البنك الدولي عن نمو القطاع الهيدروكربوني بنسبة تبلغ 1.6% في عام 2024 على أن تقفز وتيرة النمو إلى 3.9% في 2025 وتستمر في الصعود وصولاً إلى 7% بحلول عام 2026. وفي المقابل تشير تقديرات نمو القطاع غير النفطي إلى معدل 2.4% في 2024 ثم 2.8% في 2025 وصولاً إلى 3.4% بحلول عام 2026. وأمّا ما يخص توقعات متوسط التضخم فإنها تتمثل في متوسط 2.1% لعام 2024 ثم 1.9% في عامي 2025 و2026.

 

رهان على زيادة إنتاج الغاز

وحول المرحلة المقبلة، أشار قناص إلى أن توسيع حقل الشمال وزيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال في قطر من خلال رفع إنتاجها إلى 142 مليون طن سنوياً بحلول العام 2030، سيكون هو عنوان المرحلة المقبلة، إذ سيلعب الغاز الطبيعي المسال دوراً أكبر في سوق الطاقة العالمي، كونه مرتبطاً بمفهوم الطاقة النظيفة، مما سيرفع الإيرادات المالية للموازنة العامة للدولة.

وقال إن هناك عوامل مساعدة أيضاً لدعم النمو، منها التشريعات المشجعة لجذب الاستثمارات، مثل إصدار إقامات خاصة لأصحاب الخبرات والكفاءات ورواد الأعمال، ولمدة خمس سنوات، وتقديم الدعم اللازم لجذب نوع جديد من العمالة الماهرة إلى الدولة الخليجية، مما سيعمل على زيادة الإنتاجية في قطر بالإضافة إلى تنظيم هيئة العقارات التي سيكون لها دور أساسي في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى القطاع العقاري، الذي عانى ركوداً خلال المرحلة السابقة، من خلال التسهيلات للمقيمين والأجانب بالتملك العقاري، مع تحسين التشريعات في سوق البورصة القطرية، عبر إدخال البيع على المكشوف و سوق المشتقات المالية، والدعم المقدم من صندوق الثروة السيادي.

ولفت قناص إلى دور الاستثمار في التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي في زيادة الإنتاجية والنمو الاقتصادي، متوقعاً أن ينمو الاقتصاد القطري نموّاً أكبر من 3% خلال عام 2024 إذا جرت الاستفادة من الفرص الاستثمارية، وتقديم الدعم الحكومي اللازم للقطاع الخاص، والاستثمارات الأجنبية ومن خلال الاستفادة لما تم تأسيسه قبل بطولة كأس العالم لكرة القدم (قطر 2022) والتركيز على زيادة الإنتاجية تركيزاً أساسياً.

بدوره رأى الخبير الاقتصادي، مراد كواشي، أن قطر هي من أكبر الدول وأسرعها على المستوى العالمي من حيث التطور الاقتصادي، متوقعاً أن يتقدم ترتيبها العالمي كثيراً، في عام 2030، مع تطور لافت في قطاعات بعيدة عن الطاقة والنفط. وعزا ذلك إلى عدة أسباب، أبرزها النظرة الثاقبة للقيادة القطرية التي وضعت استراتيجية محددة بآجال زمنية، (رؤية قطر الوطنية 2030) والاستفادة التي حققتها الدولة الخليجية من الأوضاع الدولية خاصة ما حدث بعيد جائحة كورونا، والحرب الروسية على أوكرانيا. وقال كواشي لـ"العربي الجديد" إن " قطر ستصبح جوهرة من الجواهر الاقتصادية على المستوى العالمي، في غضون خمس إلى 10 سنوات على أقصى تقدير".

وتهدف رؤية قطر الوطنية 2030 إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام لا يعتمد فقط على قطاع النفط والغاز، بل على قطاعات أخرى مع استمرارية الاعتماد على الأول لأنه العمود الفقري للاقتصاد القطري، بالإضافة إلى وضع منظومة إدارية وتشريعية محفزة إلى الاستثمار، وتطوير قطاع الصناعة خاصة الصناعات الثقيلة وفقاً للخبير كواشي.

واعتباراً من عام 2022، تقلصت حصة القطاع النفطي إلى نحو 37%، في حين شكلت القطاعات غير النفطية 63%، وتعد قطاعات البناء والخدمات المالية وتجارة الجملة والتجزئة والعقارات من القطاعات غير النفطية الرئيسية التي تدفع النمو الاقتصادي، بحسب تقرير الاستقرار المالي الصادر أخيراً عن مصرف قطر المركزي.

وأشار الخبير في الاقتصاد الدولي، رائد المصري، لـ"العربي الجديد"، إلى الدور الذي تلعبه دولة قطر على المستويين الإقليمي والعالمي في التخفيف من حدة النزاعات الدولية، ما يؤثر إيجاباً على سمعة قطر المالية والائتمانية، ونبه إلى نتائج استضافة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم نهاية 2022، والنجاح الذي حققته الدوحة على مختلف الأصعدة، ولا سيما في القطاع السياحي، إذ بات يؤمها ملايين الزوار من مختلف البلدان.

ورجح البنك الدولي في تقرير حديث له تسارع انتعاش وتيرة تدفقات السياحة، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على تنويع الاقتصاد القطري ويعزز من فرص نمو القطاع غير النفطي. وأظهرت بيانات جهاز قطر للسياحة ارتفاع تدفقات الزوار بنسبة 35.1% على أساس سنوي إلى أكثر من مليوني زائر خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024 مقارنة بـ 1.48 مليون زائر خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.

المساهمون