بات نقص اليد العاملة في الدنمارك يؤثر بقطاعات حيوية في البلاد، ما استدعى قرع جرس إنذار من الشركات وخبراء اقتصاديين.
وبحسب وزارة المواصلات، أمس الثلاثاء، فإن قطاع المواصلات العامة، الذي يشكل عصب التنقل لمواطني البلد، بات بحاجة متزايدة لسائقي الحافلات في محافظات مختلفة، حيث تشير الأرقام إلى نقص بأكثر من ألف سائق حافلة، وهو رقم غير مسبوق في هذا القطاع الحيوي.
ويجيء إعلان النقص في قطاع النقل من ضمن أزمة عامة يعانيها السوق الدنماركي في زيادة متواصلة لعدد الوظائف الشاغرة.
ارتفاع الوظائف الشاغرة
ووفقاً لأرقام "هيئة الإحصاء الدنماركي" المنشورة اليوم الأربعاء، فإن الوظائف الشاغرة في القطاع الخاص زادت بنسبة 69 في المائة على ما كانت عليه قبيل اندلاع جائحة كورونا في ربيع 2020.
وتشير الأرقام إلى أن الفترة الممتدة بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول الماضيين شهدت نحو 60 ألف وظيفة شاغرة في ذلك القطاع، وذلك أيضاً فيه زيادة بنحو 12 في المائة عن الربع السابق، بين ربيع العام الحالي وصيفه.
ويعتبر "الإحصاء الدنماركي" أن معدلات الوظائف الشاغرة هي الأعلى على الإطلاق خلال السنوات العشر الأخيرة، وبنسبة زادت 87 في المائة عن بعض الأعوام الماضية.
وأشارت غرفة التجارة الدنماركية إلى أن الشركات العضو في المؤسسة، والبالغ عددها 18 ألف شركة، مضطرة إلى تخفيض الإنتاج بنسبة تصل إلى 40 في المائة بسبب الوظائف الشاغرة وعدم تقدم أشخاص كفاية للتوظيف.
وخلال فترة الصيف، وحتى سبتمبر/أيلول الماضي شهدت معظم الصناعات الدنماركية زيادة كبيرة في الوظائف الشاغرة، حيث تجاوزت النسبة في بعضها الـ4 في المائة مقارنة بالفترة نفسها عن الربع الثالث لعام 2020.
وجدير بالذكر أن عدد العاطلين من العمل في الدنمارك هو الأدنى منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، إذ يسجل وجود نحو 90 ألف عاطل من العمل، وخصوصاً بين اليد العاملة غير الماهرة.
وسبق أن ناشد رجال أعمال وشركات دنماركية حكومة البلاد ومشرعيها تعديل القوانين في سوق العمل لتمكينها من استيراد اليد العاملة من خارج أوروبا، أو من خارج منطقة اليورو.
أزمة للاقتصاد الدنماركي
ويحذر كبير الاقتصاديين في المؤسسة المالية الكبيرة "نيكريديت"، بالا سورنسن، من أن هذا النقص في اليد العاملة "يدق مسماراً طويلاً في الاقتصاد الدنماركي، وبارتفاع تاريخي مع انخفاض التوظيف وتراجع البطالة بشكل متكرر خلال الأشهر الماضية، حيث يعاني السوق اليوم من منافسة شرسة على الموظفين المؤهلين، بينما اتجاهات السوق تشير إلى مزيد من الضيق لدى شركات أخرى". وتشهد منطقة كوبنهاغن أكبر عدد من الوظائف الشاغرة، وبزيادة 3.6 في المائة عن الفترة ذاتها في العام الماضي، وفي محافظتي جنوب الدنمارك وجنوب شيلاند (الجزيرة التي تقع فيها كوبنهاغن) ارتفعت نسبة الوظائف الشاغرة بمقدار 1.4 نقطة مئوية لتصل إلى 3.3 و3.1 في المائة على التوالي، بينما لم تزد النسبة في محافظة شمال الدنمارك إلا بـ0.9 نقطة وتسجل نقصاً في شغل الوظائف بنحو 2.7 في المائة.
ورغم أن التنافس على الموظفين يعتبر مثالياً بالنسبة إلى العمال والراغبين في التوظيف لناحية التفاوض على الأجور، بحسب بالا سورنسن، إلا أن انعكاس النقص على قطاعات حيوية، مثل النقل العام، يدفع الآن بعض المشرعين والخبراء الاقتصاديين إلى طرح بدائل مستعجلة.
ومن بين تلك البدائل في قطاع النقل يقترح يمين الوسط وهيئة المواصلات العامة توظيف الشباب في سنّ التاسعة عشرة لقيادة الحافلات لسد النقص.
ويتطلب ذلك تعديلاً في قانون لا يتيح لمن هم دون الـ24 عاماً قيادة حافلات النقل العام في البلد.
ويبدو أن نقص السائقين في الدنمارك أمر حساس في سياق سياسات بيئية في التشجيع على مزيد استخدام النقل المشترك في البلاد.
ويقترح حزب "فينسترا" الليبرالي منح الشباب الذين تقلّ أعمارهم عن 18 سنة رخصة قيادة حافلات من خلال برامج تدريب مكثفة مع سائقين ذوي خبرة، ويرفض اليمين الدنماركي استيراد سائقين من خارج البلاد، بينما يشغل هذا القطاع الحيوي عدد لا بأس فيه من السائقين من أصول مهاجرة.