قانون الوقف المصري: أموال النذور والمساجد تذهب لـ"مشروعات العاصمة الإدارية"

24 مايو 2021
منح المشروع وزير الأوقاف سلطة التصرف في أموال صندوق الوقف الخيري (Getty)
+ الخط -

وافق مجلس النواب المصري، يوم الاثنين، على مجموع مواد مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن "إنشاء صندوق الوقف الخيري"، وإحالته إلى مجلس الدولة (جهة قضائية) لمراجعته، تمهيداً للتصويت النهائي عليه في جلسة لاحقة.

ومنح المشروع وزير الأوقاف سلطة التصرف في أموال صندوق الوقف الخيري، بما يتضمنه من أموال صناديق النذور، وإعمار المساجد، وتوجيهها لصالح إقامة المشروعات الخدمية والتنموية للدولة كالعاصمة الإدارية الجديدة، بحجة معاونة الحكومة في ملف التطوير.

وتأتي موافقة البرلمان على مشروع القانون رغم إصدار هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، بياناً في مارس/آذار 2018 ترفض فيه اقتراحاً تشريعياً يسمح باستغلال الدولة أموال الوقف الخيري. وشددت الهيئة على أنه "لا يجوز شرعاً تغيير شرط الواقف، أو التصرف في الوقف على غير ما شرطه".

والوقف الخيري هو "حبس العين عن تمليكها لأحد من العباد، والتصدق بالمنفعة على مصرف مباح، ويشمل الأصول الثابتة كالعقارات والمزارع وغيرها، والأصول المنقولة التي تبقى عينها بعد الاستفادة منها كالآلات الصناعية، والأسلحة. أما التي تذهب عينها بالاستفادة منها، فتعتبر صدقة، كالنقود والطعام وغيرها".

وقال رئيس لجنة الشؤون الدينية، النائب المعين علي جمعة، أمام البرلمان، إن "الهدف من إنشاء الصندوق هو ضم كافة الفوائض لحسابات الأنشطة المتعددة والخاصة بأموال الوقف، لتكون جميعاً تحت مظلة واحدة"، مستطرداً بأن "الوقف الخيري هو باب من أبواب الخير، وشكل من أشكال الصدقة الجارية، وقربة عظيمة إلى الله تعالى دلت عليها الآيات والأحاديث النبوية".

وتابع أن "الأموال الوقفية بمختلف أنواعها محبوسة في الأصل لتقديم خدمات مهمة لجمهور الناس، ولم يقتصر الأمر على هذا الحد، بل أوقفت أموال على إطعام الحيوانات"، منوهاً إلى أهمية دور الأوقاف في تنمية المجتمعات الإسلامية، ومؤسساتها المختلفة. والدليل على ذلك هو بقاء الأوقاف عبر كل العصور المتعاقبة، وتشعبها في مناحي الحياة كافة.

أرباح الوقف

من جهته، قال وزير الأوقاف، محمد مختار جمعة، إن "إجمالي عائدات الوقف في مصر بلغ نحو 400 مليون جنيه (نحو 25.5 مليون دولار) العام الماضي، لتصل عائدات أرباحها إلى نحو مليار و540 مليون جنيه"، مضيفاً "نتوقع زيادة في عائدات الوقف لا تقل عن 200 مليون جنيه هذا العام، ليصل الفائض المرحل إلى نحو مليار و800 مليون جنيه مع بداية العام الجديد".

وأضاف مختار أن "إنشاء صندوق الوقف الخيري يوفر أمرين، أولهما عدم وجود استقطاع من هذه الأموال من وفر هذه الصناديق، والثاني هو إتاحة الاستثمار في هذه الأموال"، مردفاً "أموال الوقف ساهمت في العديد من الخدمات المجتمعية، ففي السنوات الست الأخيرة أنفق منها نحو مليار و600 مليون جنيه، منها 100 مليون في مبادرة (حياة كريمة)، و175 مليون جنيه لدعم التعليم، و50 مليوناً لصالح العمالة غير المنتظمة".

"إجمالي عائدات الوقف في مصر بلغ نحو 400 مليون جنيه (نحو 25.5 مليون دولار) العام الماضي

إلى ذلك، وافق مجلس النواب على اقتراح تقدم به وكيل المجلس، أحمد سعد الدين، بشأن تعديل مسمى مشروع القانون ليكون "إنشاء صندوق الاستثمار الخيري"، مبرراً ذلك بأن دور الصندوق لا يتوقف على استثمار أموال الوقف الخيري فقط، وإنما إدارة أموال الوقف بصورة كلية، واستخدامها.

وأضاف سعد الدين أن "المادة الثانية من القانون نصت على أن الصندوق يهدف إلى تشجيع نظام الوقف الخيري، بما يعني أنه ليس استثماراً للأموال فحسب، وإنما استخدام لها".

وأيده رئيس الهيئة البرلمانية لحزب "مستقبل وطن" الحائز على الأغلبية، أشرف رشاد، بقوله إن "الأغلبية تتمسك باقتراح وكيل المجلس"، ما دفع رئيس اللجنة الدينية بالبرلمان للقول: "القانون قد يتعرض هكذا للعوار الدستوري"، ليعقب رئيس المجلس، حنفي جبالي: "الفيصل هو تصويت الأعضاء".

تعديلات على القانون

في السياق نفسه، وافق البرلمان على اقتراح النائب علي بدر بإدخال تعديل على المادة الثانية من القانون، بغرض ضم ممثل لوزارة المالية يرشحه الوزير المختص إلى عضوية مجلس إدارة الصندوق، باعتبار أن عمل الصندوق يتطلب ذلك. وأن يحل وزير الأوقاف محل رئيس الصندوق، وهو رئيس الوزراء حال غيابه.

كما وافق على اقتراح النائب أحمد فؤاد أباظة بحذف عبارة "مع مراعاة الحد الأقصى للأجور"، في المادة المنظمة لاختصاصات المدير التنفيذي للصندوق، بزعم أن المنصب يحتاج إلى أصحاب الخبرات والكفاءة، وبالتالي لا يجب تقييد الدخل الشهري لمدير الصندوق التنفيذي عند مبلغ 42 ألف جنيه شهرياً.

ونص مشروع القانون على أن يكون مقر الصندوق في مدينة القاهرة، وله أن ينشئ فروعاً أخرى في جميع أنحاء الجمهورية. 

أنفق من أموال الوقف في السنوات الست الماضية نحو مليار و600 مليون جنيه، منها 100 مليون في مبادرة (حياة كريمة)، و175 مليون جنيه لدعم التعليم، و50 مليوناً لصالح العمالة غير المنتظمة".

ونص كذلك على أن يتولى إدارة الصندوق مجلس إدارة يُشكل برئاسة رئيس الوزراء، وعضوية كل من: وزير الأوقاف (نائباً لرئيس مجلس الإدارة)، وأربعة أعضاء من الشخصيات ذات الخبرة الاقتصادية يختارهم رئيس الوزراء، وثلاثة أعضاء يختارهم وزير الأوقاف، أحدهم من داخل الوزارة، والثاني من هيئة الأوقاف المصرية، والثالث من الشخصيات العامة من ذوي الخبرة في هذا المجال.

وبموجب القانون، يضم التشكيل أيضاً أحد أعضاء الجهات أو الهيئات القضائية يرشحه وزير العدل، ويختاره المجلس الخاص للجهة أو الهيئة، وعضو في مجال إدارة المحافظ المالية، يرشحه رئيس هيئة الرقابة المالية.

ويصدر بتسمية أعضاء مجلس الإدارة من الشخصيات ذات الخبرة الاقتصادية قرار من رئيس الوزراء، ويحدد القرار المعاملة المادية لرئيس الصندوق وأعضائه. ويكون مجلس إدارة الصندوق هو السلطة المسؤولة عن إدارة شؤونه، ويباشر المجلس اختصاصاته على النحو الذي يحقق أهداف الصندوق وأغراضه.

سلطات وزير الأوقاف

ونص مشروع القانون على أن يكون لوزير الأوقاف سلطة التصرف في أموال الصندوق، بعد اعتماد رئيس مجلس الوزراء، للصرف على أنشطة البر العام والخاص، وسائر الأنشطة الدعوية والاجتماعية، وغيرها على النحو المبين بأهداف الصندوق.

ويكون للصندوق مدير تنفيذي يصدر بتعيينه وإعفائه من منصبه وتحديد معاملته المالية قرار من رئيس الوزراء، بناءً على عرض وزير الأوقاف، ويكون تعيينه لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد.

وتتكون موارد الصندوق من فوائض حسابات اللجنة العليا للخدمات الإسلامية والاجتماعية، وصناديق النذور، وصناديق إعمار المساجد القائمة في نهاية السنة المالية، وفوائض ريع الوقف، وسائر التبرعات والهبات والمنح النقدية أو العينية التي يتلقاها من الأشخاص الطبيعية والاعتبارية، ويقبلها مجلس إدارة الصندوق، بما لا يتعارض مع أغراضه. وأي موارد أخرى يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية، بشرط ألا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.

ونص القانون على أن يكون للصندوق موازنة مستقلة، وتبدأ السنة المالية له مع بداية السنة المالية للدولة، وتنتهي بانتهائها، كما يكون له حساب خاص برقم موحد في أي من البنوك الخاضعة لإشراف ورقابة البنك المركزي المصري، أو الهيئة القومية للبريد، بحيث تُودع فيه جميع موارده، ويُرحل فائض أمواله من سنة مالية إلى أخرى، والصرف من الحساب وفقاً للقواعد التي يصدر بها قرار من مجلس إدارته طبقاً للائحته التنفيذية.

ونص أيضاً على إعفاء أموال وعوائد الصندوق من جميع الضرائب والرسوم وضريبة القيمة المضافة، وعدم سريان أحكام قانون ضريبة الدمغة، ورسم تنمية موارد الدولة على الصندوق، وعدم خضوعه لأي نوع من الرسوم والضرائب المباشرة المفروضة حالياً أو التي تُفرض مستقبلاً.

ويكون الإعفاء في حدود أهدافه، وتخصم التبرعات وغيرها من الموارد الموجهة للصندوق من الوعاء الضريبي للمتبرعين طبقاً للقواعد المحددة قانوناً.

(الدولار= 15.67 جنيها تقريبا)

المساهمون