قاطعوا داعمي الاستبداد

19 يونيو 2015
عربيا لدينا أروع مثال للمقاطعة (أرشيف/الأناضول)
+ الخط -
تعد المقاطعة الاقتصادية واحدة من أبرز الأسلحة التي استخدمتها الشعوب والأمم في نيل مطالبها وتحقيق استقلالها ومقاومة الاستعمار والاحتلال الأجنبي، وهناك عشرات الأمثلة أبرزها شهرة ما فعله المهاتما غاندي، الذي وجه لطمة اقتصادية للاستعمار البريطاني، عن طريق دعوته المواطنين الهنود لمقاطعة منتجات الاحتلال، من خلال حثهم على صنع ملابسهم بأنفسهم والاستعانة بالمغزل اليدوي، وكانت مقولة غاندي الشهيرة "كلوا مما تنتجون، والبسوا مما تصنعون، وقاطعوا بضائع العدو" تتردد على لسان العامة في كل أنحاء الهند.

ولدينا أيضا النموذج الياباني في مقاطعة المنتجات الأميركية عقب الحرب العالمية الثانية التي انتهت عام 1945، فقد رفضت اليابان المنكسرة والمهزومة في ذلك الوقت الوقوع في فخ أميركا المنتصرة وشركاتها الصاعدة واحتلالها الاقتصادي الجديد، ونجحت المقاطعة اليابانية للمنتجات الأميركية في التصدي لغطرسة الدولة المنتصرة، بل وهزيمتها اقتصاديا في عدة أسواق كما جرى لاحقا حيث تفوقت المنتجات اليابانية علي نظيرتها الأميركية شهرة في أسواق عديدة كما جري في السنوات الماضية.

وهناك نماذج عالمية أخرى لنجاح المقاطعة الاقتصادية، منها ما فعلته كوبا حينما قاطعت طوال أكثر من 40 سنة المنتجات والسلع الأميركية، ومنعت مواطنيها من التعامل مع الشركات الأميركية، وهو ما ألحق بها خسائر قدرت بمليارات الدولارات.

وعربيا لدينا أروع مثال للمقاطعة؛ وهي المقاطعة العربية لإسرائيل النشطة علي مدي 70 عاماً رغم توقيع اتفاقات السلام المصرية الإسرائيلية والأردنية الاسرائيلية، وكذا اتفاق أوسلو الشهير مع الفلسطينيين، وبعدها اتفاق باريس الاقتصادي.

ونجحت الشعوب العربية في تطبيق قرار جامعة الدول العربية الصادر في عام 1945 والخاص بالمقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، واعتباره عملا دفاعيا مشروعا وإحدى الوسائل التي يستخدمها العرب ضد الاعتداءات الواقعة عليهم من المحتل وحماية للأمن القومي العربي.

ورغم محاولات الأنظمة العربية التطبيع مع إسرائيل عن طريق ابرام اتفاقات اقتصادية منها الكويز وصفقات الغاز واتفاق باريس الاقتصادي، إلا أن الشعوب العربية لا تزال تقاطع المنتجات الإسرائيلية، وما فعله مجلس النواب الأردني قبل نحو شهرين، حين رفض ابرام حكومته صفقة لاستيراد الغاز الإسرائيلي أكبر دليل على ذلك.

وحتى نفهم تأثيرات المقاطعة العربية لإسرائيل علينا أن نرجع لأرقام الجامعة العربية التي قدرت خسائر دولة الاحتلال من المقاطعة حتى 1999 بنحو 90 مليار دولار، منها 20 مليار دولار قيمة صادرات إسرائيلية كان من المخطط تصديرها للأسواق العربية و24 مليار دولار للاستثمارات المتوقعة في الدول العربية، فضلا عن 46 مليار دولار خسائر جراء مقاطعة الشركات العالمية للمنتجات الإسرائيلية، خاصة المصنعة داخل المستوطنات والأراضي المحتلة عام 1948. 

الآن جاء دور المقاطعة الاقتصادية للدول الأجنبية التي تدعم الأنظمة القمعية والاستبدادية والحركات الانقلابية في منطقتنا العربية، فالشعوب العربية يمكنها مثلاً مقاطعة منتجات وسلع الدول الأجنبية التي تعترف بالانقلابات العسكرية أو تدعم الأنظمة الفاشية أو تستقبل رموز الفساد، وأظن أن تجربة مقاطعة المنتجات الدنماركية بعد الرسوم المسيئة للنبي صلي الله عليه وسلم أكبر دليل علي ذلك.

اقرأ أيضا: يهودي مغربي يطارد الشركات الإسرائيلية
المساهمون