- وكالة فيتش تشير إلى أن الإجراءات الاقتصادية الأخيرة لم تكن كافية لتحسين التصنيف الائتماني لمصر، مؤكدة على ضرورة الحد من الضعف الخارجي وتقييم التأثيرات طويلة الأمد.
- مصر تواجه تحديات مثل ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي والتضخم السنوي، لكن تخفيض قيمة الجنيه قد يساعد في تحسين الوضع الاقتصادي على المدى الطويل بشرط مرونة سعر الصرف والسيطرة على التضخم.
قال رئيس قطاع التصنيف السيادي بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لدى وكالة فيتش لـ"رويترز" إنّ التدفقات النقدية الضخمة التي شهدتها مصر، وخفض قيمة العملة، ورفع أسعار الفائدة، ليست كافية لتعديل التصنيف الائتماني للبلاد.
وفاجأت مصر، التي تعاني من أزمة اقتصادية ممتدة مرتبطة بالنقص المزمن في العملة الأجنبية، الأسواق في فبراير/شباط بالإعلان عن صفقة تطوير عقاري وسياحي بقيمة 35 مليار دولار مع شركة أبوظبي القابضة (إيه دي كيو)، أحد صناديق الثروة السيادية في الإمارات.
وبعد فترة وجيزة من إتمام الصفقة، سمحت البلاد بتراجع سعر الصرف إلى أكثر من 50 جنيهاً مقابل الدولار، ورفعت أسعار الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس، قبل الاتفاق على برنامج موسع بقيمة ثمانية مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي.
وقال توبي أيلز، رئيس قطاع التصنيف السيادي لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لدى وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، إنّ هذه التطورات "تدخل بالفعل في التصنيف ونظرته المستقبلية المستقرة". لكنه أضاف: "للتفكير في تصنيف إيجابي، كان الحد من نقاط الضعف الخارجية أحد الأشياء التي حددناها. وأعتقد أن ذلك تحقق على المدى القريب. السؤال هو ما إذا كانت نقاط الضعف ستعود للظهور مرة أخرى".
وخفضت الوكالة تصنيف مصر إلى (B-) في نوفمبر/ تشرين الثاني، مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وجاءت كلمات المسؤول بوكالة فيتش بعد يوم واحد من وصف نشرة "حوار البحر المتوسط" التابعة للخارجية الإيطالية مصر بأنها "عملاق بقدمين من طين"، مؤكدة أنّ مليارات الدولارات التي تدفقت وستتدفق على القاهرة لا تضمن تحقيق الإصلاح الاقتصادي المنشود.
وأكدت النشرة أنّ التفاؤل بشأن تحقيق تقدم ملموس في ما يخص الاقتصاد المصري يبقى حذراً، بسبب تاريخ البلاد في الفشل في الوفاء بتعهدات الإصلاح، وفي إبعاد الجيش عن الاقتصاد، وأيضاً في طرح رؤية متماسكة للمستقبل لتحسين سبل عيش المواطنين.
ومن المقرر أن تراجع "فيتش" التصنيف الائتماني لمصر في مايو/ أيار. ويرجح أيلز أن يكون من السابق لأوانه تحديد مسار المالية العامة بحلول هذا الوقت.
وتمثل التصنيفات الائتمانية عاملاً رئيسياً في تحديد تكاليف الاقتراض التي تتحملها البلدان. وقد يشير استقرار النظرة المستقبلية إلى إمكانية أن ترفع الوكالة التصنيف الائتماني لمصر على المدى القريب إلى المتوسط.
وقال أيلز إنّ تخفيض قيمة الجنيه "سيكون له تأثير قوي للغاية على التحويلات"، المصدر الأكثر أهمية للنقد الأجنبي في مصر، والتي بلغ متوسطها نحو 30 مليار دولار سنوياً بين عامي 2020 و2022. وقد يساعد ذلك في تعويض خسائر الدخل الناجمة عن الحرب على غزة.
وأضاف أنه "إذا لم يتم السماح لسعر الصرف بالتحرك بمرونة، وإذا ظل التضخم مرتفعاً، فإن مكاسب الأسابيع القليلة الماضية يمكن أن تتآكل سريعاً كما حدث بعد تخفيض قيمة العملة في 2016".
وقال أيلز: "يشير البعض إلى وجود تعويم بالفعل، ومن الواضح أن ذلك سيكون إيجابيا، لأنه يعني وجود القدرة على امتصاص الصدمات، والتي لم تكن موجودة من قبل".
وأشار أيضاً إلى أنّ مسار الدين في مصر أصبح "قاسياً للغاية" إذ تقترب قيمة مدفوعات الفائدة، كنسبة إلى الإيرادات الحكومية، من 50%، كما تقترب نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 100%.
وأوضح أيلز أنّ السيطرة على التضخم، الذي تجاوز 35% في فبراير/ شباط، قد تسمح بخفض أسعار الفائدة وتكلفة الديون.
وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمصر قد ذكر، في العاشر من مارس/ آذار، أنّ التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن قفز إلى 35.7% في فبراير/ شباط من 29.8% في يناير/ كانون الثاني، مدفوعاً بشكل أساسي بارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات.
(رويترز، العربي الجديد)