فن إدارة ثلاجتك

28 ابريل 2021
اقبال على التسوق في شهر رمضان (Getty)
+ الخط -

سيدة تذهب إلى أحد المحال التجارية للتسوق، تشتري كل ما هو قريب من يديها، وبلا تفكير في بعض الأوقات، فليس لديها لائحة بالمشتريات المطلوبة، ولم تحدد قبل ذهابها إلى المتجر احتياجات البيت بدقة خلال فترة زمنية محددة، ولم تجرد كذلك ما في خزانة بيتها أو في الثلاجة قبل قرار التسوق. 
بالمناسبة، تزداد هذه الظاهرة عند الرجال خاصة هؤلاء الذين لا يجيدون فن التسوق، ويتسرعون في قرار الشراء لأسباب عدة منها ضيق الوقت وقلة الخبرة وعدم الالمام باحتياجات المنزل، وأحيانا بسبب الزهق.
تذهب السيدة مثلا إلى السوبر ماركت، تمد يدها إلى اللحوم لتختار كميات من كل صنف، تتوجه إلى المواد الغذائية وتشتري كميات كبيرة خاصة مع تعدد السلع.

ويتكرر الأمر مع سلع أخرى مثل الألبان والجبن والبيض والعصائر وغيرها، أما الفواكه والخضروات فحدث ولا حرج، تعود إلى منزلها، تحشر ما اشترته داخل الثلاجة وربما في أكثر من ثلاجة وديب فريزر.
تكتشف أن لديها سلعا كثيرة في منزلها تشبه تلك التي اشترتها منذ قليل ولم تكن بحاجة إليها، هنا تصبح أمام خيارين.

إما أن تحشر المشتريات الجديدة مع القديمة داخل الثلاجة، وهو ما يعني اختفاء بعضها عن الأنظار وتلفه بعد ذلك، أو أن يكون مصير السلع القديمة أكوام النفايات خاصة الخضر والفاكهة والألبان سريعة التلف، والنتيجة خسارة مادية للأسرة قد تكون في غنى عنها خاصة هذه الأيام.

هذا السيناريو يتكرر مع ملايين الأسر العربية خاصة تلك التي تتمتع بمستوى مالي مرتفع وقدرة على الشراء وبأي كميات وربما بأي سعر، ويزداد هذا السيناريو خلال شهر رمضان حيث يزداد فيه هدر الغذاء خاصة في منطقة الخليج الثرية. كما يتكرر أيضا في حال الشراء عبر الإنترنت.

قبل التسوق حددي احتياجاتك الغذائية المطلوبة للمنزل بدقة، اجردي ما في بيتك قبل التوجه إلى المولات التجارية أو محال التجزئة الصغيرة، فربما تشترين شيئا موجودا بالفعل في خزانة منزلك أو في ثلاجتك، وقد يتلف في حال عدم استخدامه لفترة.
حددي صلاحية السلع التي بحوزتك، فالسلع سريعة العطب مثل الخضر والفاكهة والألبان قللي من شراء كمياتها، اشتري قدر حاجة وبما يكفي لأيام معدودة، فالسلع التي قد تفقد شهيتها وذوقها بسرعة يجب أن تشتري كميات قليلة منها.
وأعلمي أن ترك الأغذية خاصة الفاكهة والخضروات تفسد في المنزل يعطي رسالة سلبية لأولادك وأحفادك ومن حولك ويشجعهم على الإسراف والتبذير.

تحققي من تواريخ الطعام الطازج عند شرائك له وهو ما يتيح لك الفرصة لاستهلاكه قبل انتهاء صلاحيته. 

ترك الأغذية تفسد في المنزل يعطي رسالة سلبية لأولادك وأحفادك ويشجعهم على الإسراف والتبذير

في حال وجود سلع غذائية لست في حاجة إليها، امنحيها لمن حولك بشرط صلاحية الأغذية للاستهلاك الآدمي، فلا يصح منح أدوية فاسدة أو قاربت خاصة إذا كان المحتاج المتلقي لهذه السلع ليس لديه الوعي الكافي بتاريخ الصلاحية.
تذكري أنك حتى وإن كنت قادرة على الشراء فإن ملايين من حولك لا تتوافر لديهم هذه الفرصة، وبالتالي ساعدي نفسك وأسرتك ورب الأسرة أولا على المحافظة على الطعام عبر الحفظ الحراري المناسب للأغذية، والنقل السليم، وعدم تعريض الأغذية للتلوث، وبعدها ساعدي من حولك.
 ساعدي المجتمع الذي تعيشين به، تذكري وأنت تلقين بالغذاء الفاسد في سلة المهملات أن هناك ملايين الفقراء حولك والذين يجدون صعوبة في تناول وجبة يومية وليس 3 وجبات كما تفعلين، تذكري أن هدر الطعام يعني مزيداً من الجياع والمحرومين.
بهذه الأساليب البسيطة يمكن للأم غرس ثقافة ترشيد الاستهلاك في نفوس أبنائها، وغرس قيم حفظ النعمة وشكر الله سبحانه وتعالي عليها، وقبلها خفض كميات الطعام التي يتم هدرها وتكلف موازنة الدولة مليارات الدولارات سنويا.

لا يقتصر أمر المحافظة على الطعام وتفادي هدره على الأسرة الصغيرة، فهو ينطبق أكثر على الجهات الأكثر استهلاكا للطعام، وبالتالي الأكثر إهدارا للغذاء مثل المطاعم والفنادق والمحال وقطاع الضيافة والمنتجعات السياحية والولائم الضخمة التي تقام في البيوت، فهذه الجهات يجب أن تتبرع أولا بالطعام الفائض للمحتاجين وبنوك الفقراء التي بدأت تنتشر في المنطقة، وقبلها يجب عليها وقف إهدار الطعام.
أسعار الغذاء ترتفع في العالم منذ شهور، وهناك توقعات باستمرار هذا الارتفاع حسب بيانات منظمة الأغذية والزراعة " فاو"، وقد تكون الدولة التي تقيم بها من أكثر دول العالم استيرادا للغذاء، بل وتقترض المليارات من الخارج لشراء القمح والذرة والزيوت وغيرها من السلع، وبالتالي هذه الدولة هي في أمس الحجة إلى تطبيق استراتيجية الأمن الغذائي وتقليل هدر الطعام، والخطوة هنا تبدأ من الأسرة الصغيرة.

المساهمون