أكد الخبير الاقتصادي الجزائري فريد بن يحيى في مقابلة مع "العربي الجديد"، أنه لا يمكن الاعتماد الكلي على الصيرفة الإسلامية من أجل حل أزمة السيولة، داعياً إلى طباعة نقود جديدة للسيطرة على السوق الموازية... وهنا نص المقابلة:
*ما هي خريطة البنوك الإسلامية في الجزائر؟ ولماذا تأخر عملها إلى هذا الحد؟
يوجد بنك البركة الجزائري، وبنك السلام، وكذلك بنك الخليج والذي يضم مجموعة من المعاملات الإسلامية. ويميل الكثير من الجزائريين إلى هذا النوع من الصيرفة الإسلامية كونه بعيدا كل البعد عن الربا، مما دفع الحكومة لفتح المجال أمام هذا النوع من الصيرفة وبخاصة بعد أن وجدت أكثر من 5990 مليار دينار (60 مليار دولار) في السوق الموازية وخارج إطار البنوك، وبالتالي ارتأت الحكومة أنها تستطيع توجيه تلك الأموال إلى داخل البنوك من خلال تلك الآلية.
ويرجع تأخر عمل البنوك الإسلامية في الجزائر إلى أمور تقنية كالتحكم في الصيرفة الإسلامية، كما أن البنك الوطني الجزائري لم يعط التأشيرات اللازمة لهذه البنوك بالسرعة المطلوبة، بالإضافة إلى أن البنوك الإسلامية بحد ذاتها كان فيها نوع من التحفظ في التوسع.
* ما هي حقيقة الأزمة التمويلية التي تشهدها البلاد وتأثيرها على الوضع الاقتصادي؟
تعد نسبة الادخار في البنوك أو التحويلات البنكية ضعيفة جدا في الجزائر لأن الشعب لا يؤمن بدور البنوك، كذلك السوق الموازية أصبحت تسيطر على الاقتصاد الوطني فكما ذكرت يوجد نحو 60 مليار دولار في السوق الموازية خارج البنوك، وتسير التعاملات التجارية من خلال الدفع النقدي من أجل التهرب الضريبي أو غسيل الأموال أو التجارة غير المباشرة أو غير الشرعية.
ولم تسع الحكومات السابقة لضبط هذه الأمور نظرا لوجود مسؤولين في الدولة كانت لديهم أموال في السوق الموازية، بالإضافة إلى وجود ضباط ومسؤولين سابقين بالدولة لديهم ملايين من الدولارات مكتنزة في بيوتهم وليس في البنوك. ووجود أموال في السوق الموازية أكثر من البنوك العمومية يخلق مشكلة ويزيد من أزمة السيولة.
وبالتالي على الدولة طباعة دنانير جديدة أو عملة وطنية جديدة مما يرغم أصحاب الأموال بالتوجه إلى البنوك من أجل استبدال نقودهم القديمة.
* هل ستساهم الصيرفة الإسلامية في التغلب على الأزمات الاقتصادية في الجزائر، خصوصا أزمة السيولة؟
بالطبع لا، حجم الصيرفة الإسلامية يمثل نحو 30 في المائة من المنظومة المصرفية، وبالتالي من الصعب الاعتماد على الصيرفة الإسلامية فقط للقضاء على أزمة السيولة، إذ على الدولة وضع إجراءات أخرى.
* ما هي أبرز الإجراءات التي يجب اعتمادها لتنمية العمل المصرفي؟
لا بد من اتباع استراتيجية الرقمنة والعمل بالبطاقات البنكية وتحويل الأموال عبر الهواتف الخلوية وتغيير الدينار الجزائري من خلال طبع عملة جديدة حتى يتسنى للدولة تحصيل جميع الأموال الموجودة في السوق الموازية أو المهربة إلى الخارج أو المكتنزة في البيوت، وفي حال عدم العمل بهذه الترتيبات فقد نحصل على نسبة معينة من تلك الأموال ولكن لن نحصل على أكبر نسبة ممكنة.
* ما هو الجديد الذي ستقدمه تجربة الجزائر في البنوك الإسلامية؟
هناك هيئة فتوى كبرى موضوعة من قبل المجلس الإسلامي الأعلى لمراقبة أدوات الصيرفة الإسلامية كالمرابحة والمقايضة والإيجار وغيرها، إلا أن ما تقدمه تجربة الجزائر يعد جديدا من خلال فتح باب الاجتهاد مما يتيح الفرصة لخلق تقنيات جديدة أو أدوات جديدة للصيرفة الإسلامية.
* ما هي الشريحة الاجتماعية التي تستهدفها هذه البنوك؟
أعتقد أن هناك شريحة عريضة من المجتمع الجزائري تفضل الابتعاد عن المعاملات الربوية كونها محرمة في الدين الإسلامي، حتى لو كانوا مواطنين ليس لديهم خلفية إسلامية، ومن المتوقع أن تحصل البنوك الإسلامية على نحو 30 في المائة من أموال السوق الموازية وهذا أمر جيد.
* ما تقديرك لحجم الأموال المهربة؟ ومن هم أبرز الناهبين لتك الأموال؟
بحسب البنك الدولي والكثير من الخبراء، هناك نحو 300 مليار دولار تم تهريبها خلال الـ20 عاماً الماضية إلى الخارج. ويعد أبرز الناهبين لتلك الأموال من كانوا بالسلطة حينها والمحيطون بهم ورجال أعمال ووزراء سابقون، وكذلك الموردون إذ لدينا 19 ألف سجل تجاري لشركات استيراد وتصدير، وكما هو معروف فإن التصنيع كان ضعيفا والاستيراد كان قويا وهذا خلق فواتير كبيرة ساهمت في تهريب الأموال، وبالتالي لا بد من تحليل ودراسة فواتير الاستيراد بشكل حقيقي عن طريق البنك الجزائري كون كل الأموال التي تم تحويلها مرت من خلاله.