غلاء الوقود ضربة جديدة للصناعة السورية

28 اغسطس 2021
ارتفاع أسعار الفيول أضّر بالمنتجات المحلية (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

توالت الأصداء السلبية لرفع النظام السوري أسعار الوقود بمختلف أنواعه على جميع القطاعات الاقتصادية، وفي مقدمتها الصناعة.

وحسب مراقبين، سيؤدي غلاء الفيول إلى زيادة خسائر الصناعة السورية التي تعاني من أزمات عديدة.
ومادة الفيول هي أحد أنواع الوقود الذي يستعمل لتشغيل آلات المصانع ومحولات الكهرباء وأفران السيراميك، ودورها يتعاظم مع قطع الكهرباء ونقص المازوت.
وفي هذا السياق، يرى الصناعي السوري محمد العلو أن رفع سعر الفيول أخيراً، بعد المازوت والبنزين الشهر الماضي، سيكون بمثابة الضربة القاضية للصناعة السورية، خاصة بواقع استمرار قطع الكهرباء نحو عشرين ساعة يومياً، وتشمل المدن والمناطق الصناعية، حيث كان الفيول الملاذ الأخير لتشغيل محولات الكهرباء الكبيرة بالمنشآت، أو اعتماد صناعات رئيسية عليه، مثل الزجاج والسيراميك والأسمنت والورق والمنظفات.

ويستغرب العلو خلال حديثه لـ"العربي الجديد" من تزامن رفع سعر طن الفيول بنحو ألف ليرة، مع قرار رئاسة الوزراء منع استيراد المواد التي تعتمد صناعتها على الفيول، مثل السيراميك والحديد، ما يعني تراجع الطلب على المنتج المحلي الذي سترتفع أسعاره بعد رفع سعر الفيول، مشيراً إلى أن أحد أهداف النظام من منع الاستيراد هو حماية المنتج المحلي إضافة لتوفير القطع الأجنبي.
ويتوقع العلو أن يزيد عدد المنشآت التي ستغلق وتتوقف عن الإنتاج بعد رفع سعر الفيول، لأن كل المجريات، من تراجع القدرة الشرائية وارتفاع أسعار المواد الأولية وأجور العمال، تسير بغير صالح الصناعي الذي كبلته أخيراً الضرائب وبشكل رجعي.
وكانت الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية "محروقات" قد رفعت قبل أيام سعر مبيع طن الفيول من 510 آلاف ليرة الى 620 الفاً، وهو الرفع الأول خلال العام الجاري، بعد رفع سعره ثلاث مرات العام الماضي من 217 ألف ليرة إلى 290 ألف ليرة ثم إلى 333 ألف ليرة، ثم إلى 510 آلاف ليرة. ويبلغ سعر الدولار الأميركي نحو 3450 ليرة في السوق السوداء.
ويأتي رفع سعر مادة الفيول بعد رفع سعر ليتر المازوت الشهر الماضي بنسبة 170%، من 180 إلى 500 ليرة، ورفع سعر البنزين، للمرة الثالثة خلال العام الجاري، ليبلغ سعر الليتر 3000 ليرة سورية.
ويقول المتخصص في مجال الطاقة عبد القادر عبد الحميد، لـ"العربي الجديد"، إن رفع سعر مادة الفيول يتناسب مع تراجع الإنتاج وزيادة استهلاك محطات توليد الكهرباء الحكومية هذه المادة، فضلاً عن أنه يُستورد اليوم، ونظام بشار الأسد ينسحب من تمويل المشتقات النفطية.
ويضيف عبد الحميد أن أول رفع لسعر مادة الفيول تزامن مع انطلاق الثورة، ففي شهر أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2011 رفعت حكومة الأسد سعر المادة من 8500 ليرة للطن إلى 13 ألف ليرة، ثم توالت الارتفاعات حتى وصل سعر الطن اليوم إلى 620 ألف ليرة، رغم أن الفيول هو البديل عن المازوت بالنسبة للمنشآت الصناعية، وتعي الحكومة منذ ذاك أثره على تكاليف الإنتاج، وبالتالي رفع الأسعار على المستهلكين.

وحول حاجة سورية من الفيول وهل كان ما ينتج يسد الطلب المحلي، يقول عبد الحميد: تاريخياً، منذ كان الإنتاج نحو 380 ألف برميل، تستورد سورية نحو 40% من الاستهلاك المحلي للفيول، لأنه مطلوب للمنشآت الصناعية وتوليد الطاقة "بديل المازوت"، مقدراً حاجة المنشآت الصناعية لهذه المادة بنحو 936 ألف طن سنوياً.
وتبرر حكومة الأسد رفع أسعار المشتقات النفطية، بعد تحول سورية من منتج ومصدر إلى بلد يستورد نحو 80% من استهلاكه من الخارج، بالإضافة إلى الخسائر في هذا القطاع وتراجع الإنتاج من 385 ألف برميل يوميا عام 2011 إلى أقل من 30 ألف برميل في المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد اليوم.
ويقول وزير النفط بنظام الأسد بسام طعمة إن خسائر قطاع النفط منذ بداية الحرب عام 2011 بلغت 91.5 مليار دولار، موضحاً، خلال اجتماع مع مجلس اتحاد العمال أخيراً، أن الخسائر المباشرة التي لحقت بالمعدات في القطاع النفطي بلغت 19.3 مليار دولار، والخسائر غير المباشرة بلغت 72 مليار دولار.
وحول دور الوزارة وأسعار السوق السوداء، يضيف طعمة أن الوزارة تدير نقصاً ولا تدير وفراً، موضحاً أن 25 ليتراً من البنزين لسيارة التاكسي كل أربعة أيام لا تكفي، والمواد التي توجد في السوق السوداء هي ناتجة عن ممارسات مشوهة وغير صحيحة، ومعالجتها في الحد من الدور البشري بعمليات التوزيع.
وأضاف: "وجود ما يسمى بالسوق السوداء هو نتيجة الممارسة الخاطئة والمشوهة وغير القانونية، وتعمل الوزارة اليوم على اتخاذ إجراءات لمنع انتشارها".

المساهمون