غزة: قفزة في أسعار المواشي وسط تدهور معيشي

27 يونيو 2023
استقرار أسعار الخراف عند 8.5 دولارات للكيلوغرام (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

تسجل أسعار الأضاحي في قطاع غزة ارتفاعًا ملحوظًا عند مقارنتها مع الأسعار في بقية الدول العربية، بطريقة لا تتناسب مع الواقع المعيشي والاقتصادي الصعب لأكثر من 2.5 مليون فلسطيني يعيشون في القطاع المحاصر إسرائيلياً للعام السادس عشر على التوالي.

وتشهد أسعار العام الحالي ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار المواشي من العجول بما لا يقل عن 2 إلى 3 شيكلات للكيلوغرام الواحد (نصف دولار وحتى دولار واحد)، يأتي ذلك في وقت استقرت فيه أسعار الخراف عند 6 دنانير أردنية للكيلو (8.5 دولارات).

وتعزز الارتفاعات الحاصلة في أسعار لحوم الأضاحي من إحجام المضحين عن الشراء بسبب تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية وزيادة نسبة الفقر والبطالة في صفوف السكان، فضلاً عن اعتماد ما لا يقل من 1.5 مليون نسمة على المساعدات الإغاثية.

ويسجل متوسط أسعار كيلو اللحم القائم حاليًا ما بين 20 إلى 22 شيكلاً إسرائيليًا لكل كيلوغرام (5.5 وحتى 6 دولارات)، وهو ارتفاع ملحوظ عند المقارنة مع الأسعار ذاتها في العام الماضي 2022، الذي تراوحت فيه أسعار المواشي ما بين 15 و20 شيكلاً لكيلوغرام العجول (4 حتى 5.5 دولارات)، فيما تُباع الخراف في السوق المحلية بعملة الدينار الأردني بنحو 6 دنانير للكيلو الواحد.

وأدت هذه الزيادة في الأسعار إلى فتح النقاش بين الفلسطينيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشأن أسعار المواشي لهذا العام، وتداول مجموعة من الأسعار ومقارنتها مع الأسعار المنتشرة في بعض الدول العربية.

وتعتمد السوق المحلية الفلسطينية في غزة على الاستيراد، فما يربى في المزارع المحلية محدود الكمية، بما لا يتجاوز 10% في أفضل الأحوال، في حين أن باقي الأضاحي تستورَد من الخارج من خلال معبر كرم أبو سالم مع الاحتلال وبوابة صلاح الدين مع الجانب المصري.

ولا يسمح للمستوردين والتجار الفلسطينيين بالاستيراد المباشر للحوم الماشية من دول المنشأ، سواء من هولندا أو أستراليا أو بلجيكا، بل من خلال الاحتلال الإسرائيلي ومصر، وهو ما يضع مجموعة من العوامل تؤثر على أسعار جميع السلع ويجعلها قريبة من السوق الإسرائيلية وفقًا لبروتوكول باريس الاقتصادي.

وإلى جانب ذلك، فإن ثمة مجموعة من العوامل الأخرى تتحكم في الأسعار، أبرزها الرسوم التي تفرض من قبل السلطة الفلسطينية والجهات الحكومية في غزة، فضلاً عن ارتفاع أسعار الأعلاف على المستوى العالمي إلى جانب ما تفرضه الحكومة من ضرائب.

ويؤكد المستورد الفلسطيني حسن عفانة أن نسبة الارتفاع في الأسعار لهذا العام لا تقل عن 10%، وهو أمر سينعكس بشكل واضح على حجم المبيعات في السوق المحلية خلال موسم عيد الأضحى على صعيد المواطنين الراغبين في شراء الأضحية.

ويقول عفانة لـ"العربي الجديد" إن الزيادة الحالية مرتبطة بارتفاعات عالمية بالأساس، فضلاً عن الزيادة الواضحة في أسعار الأعلاف، حيث وصلت أسعارها إلى 2200 شيكل للطن (610 دولارات) بعد أن كان سعره قبل بضعة أشهر لا يتجاوز 1000 شيكل (275 دولاراً)، وهو الأمر الذي رفع التكلفة على أصحاب المزارع وانعكس بالسلب على الأرباح المتوقعة.

ويشير إلى أنّ التجار في غزة يدفعون مبلغ 100 دولار أميركي للجانب المصري على كل رأس ماشية عند الاستيراد، فضلاً عن 400 شيكل إسرائيلي (110 دولارات) تدفع للجهات الحكومية في القطاع، إلى جانب مبلغ 100 شيكل (28 دولاراً) رسوماً تضعها وزارة الزراعة على كلّ طن من الأعلاف.

أما عن الرسوم المحصلة عن الأضاحي الواردة عبر كرم أبو سالم، فيوضح عفانة أن السلطة تحصل ضريبة تبلغ قيمتها 17%، إلى جانب ضريبة الدخل البالغة 3%، مع بعض الرسوم التي تفرض من قبل الجهات الحكومية في القطاع على كل رأس من الماشية.

من جانبه، يرجع الناطق باسم وزارة الزراعة في غزة أدهم البسيوني أسباب ارتفاع أسعار الأضاحي في قطاع غزة إلى اعتماد القطاع على الاستيراد من الخارج على صعيد المواشي والأعلاف وقلة التربية المحلية، إلى جانب الاستيراد عبر النافذة المصرية والاحتلال.

ويقول البسيوني لـ"العربي الجديد" إن الاحتلال لا يسمح للقطاع بالإدخالات المباشرة من الدول المنتجة أسوة بدول الجوار، وهو الأمر الذي يساهم في ارتفاع أسعار المواشي والأضاحي خلال فترة الأعياد بشكلٍ واضح وملموس، عدا عن الارتفاع العالمي في أسعار الأعلاف.

ويشير إلى أن الوزارة عملت خلال الفترة الماضية على توفير كميات تلائم احتياجات القطاع، حيث وصل إجمالي الكميات إلى 17 ألف رأس من العجول وما يقارب 22 ألف رأس من الأغنام، أي ما مجموعه 39 ألف رأس من المواشي في موسم الأضاحي لهذا العام.

ولا يستبعد الناطق باسم وزارة الزراعة أن تشهد الأيام الأخيرة من موسم الأضاحي لهذا العام انخفاضاً جديداً في طبيعة الأسعار المعروضة أمام المواطنين، في ظل رغبة التجار والمستوردين في بيع أكبر كمية ممكنة من الأضاحي خلال هذا الموسم الذي يعتبر موسماً مهماً.

وخلال السنوات الأخيرة، برزت ظاهرة قيام مؤسسات ومزارع وشركات وجمعيات بتقسيط ثمن الأضحية، من باب تشجيع الفلسطينيين على شرائها في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.

بدوره، يرى الباحث المختص في الشأن الاقتصادي أسامة نوفل أن ارتفاعات الأسعار الحاصلة حالياً جديدة، وبعضها مرتبط بالارتفاعات العالمية، إذ شهدت أسعار لحوم المواشي من العجول ارتفاعات واضحة وملموسة لا تقل عن شيكلين إسرائيليين لكلّ كيلو.

ويقول نوفل لـ"العربي الجديد" إن هذه الارتفاعات تؤثر بشكل واضح على مستوى إقبال المواطنين على شراء الأضحية، إذ تعتمد المزارع والمنشآت العاملة في هذا المجال على شراء الجمعيات والمؤسسات الخيرية للأضاحي بشكل أكبر من اعتمادها على السكان.

ويبين أن اعتماد القطاع يقتصر على لحوم المواشي المستوردة التي عادة ما تتأثر بالارتفاعات العالمية والرسوم المفروضة، في الوقت الذي تشهد فيه أسعار الخراف استقرارا واضحا، غير أن استهلاك القطاع يعتمد بدرجة أساسية على العجول في الأضاحي.

المساهمون