مع تفاقم أزمة شح غاز الطهي وقفزة أسعاره أكثر من 5 مرات خلال شهر الحرب الإسرائيلية على غزة، يلجأ الفلسطينيون في القطاع إلى الاعتماد هذه الأيام على وسائل بديلة لتوفير احتياجاتهم، من أبرزها الشراء من بعض المطاعم التي تتمكن من العمل بالرغم من نقص الوقود، أو من خلال الاعتماد على أسلوب الطهي باستخدام الحطب أو من خلال الطاقة البديلة "الشمسية".
وتحول الحصول على غاز الطهي في قطاع غزة المحاصر إسرائيلياً والذي يعيش تحت العدوان الإسرائيلي منذ أكثر من شهر، لحلم بعيد المنال نتيجة إغلاق المعابر الحدودية منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بقرار من الحكومة الإسرائيلية.
ولا يحصل أي من الفلسطينيين هذه الأيام على الوقود أو الغاز الطبيعي المستخدم في الطهي نتيجة عدم توفر أي من الكميات، واقتصار الوقود الخاص بالمركبات على سيارات الإسعاف والدفاع المدني فقط في ظل رفض الاحتلال إدخاله إلى القطاع منذ قرابة الشهر.
ويعتمد القطاع في الغاز المستخدم للطهي على مصدرين هما استيراده من الجانب المصري والشراء من الاحتلال الإسرائيلي، وهو الأمر الذي توقف منذ أن بدأت المقاومة الفلسطينية مواجهتها التي أطلقت عليها اسم "طوفان الأقصى" وسمّاها الاحتلال "السيوف الحديدية".
وأغلقت الكثير من محطات الوقود والطاقة أبوابها في غزة بسبب عدم توفر أي كميات أو كفايتها للبيع للمواطنين في ظل حاجة مئات الآلاف من الأسر الفلسطينية في القطاع لشراء الغاز لطهي الطعام أو المساهمة في توفير وجبات الطعام بشكل يومي.
وإلى جانب ذلك الأمر، فقد توقفت محطات أخرى عن العمل جراء وجودها في مناطق حدودية أو مناطق طاولها القصف الإسرائيلي في ظل استخدام الاحتلال لأسلوب الأحزمة النارية خلال عمليات القصف، وهو ما يعرض العاملين لخطر القتل أو الإصابة.
وبموازاة هذا الأمر فقد ارتفعت أسعار أسطوانة الغاز التي تزن 12 كيلوغرامًا من مبلغ 72 شيكلا إسرائيليا لتتجاوز مبلغ 400 شيكل في السوق السوداء في غزة خلال شهر الحرب، وهو مبلغ كبير للغاية يزيد عن 100 دولار. (الدولار = 4.4 شيكلات إسرائيلية)
ولا تقوى الكثير من الأسر الفلسطينية على شراء هذا الغاز الطبيعي في ظل وجود نسبة تتجاوز 60% من الفلسطينيين في غزة يعملون بأجور يومية وهم متعطلون عن العمل منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر الماضي.
وبالتوازي مع ذلك، لم يتقاضِ أي من موظفي الحكومة الفلسطينية في غزة التي تديرها حركة حماس رواتبهم منذ أكثر من شهر باستثناء سلفة مالية صرفت فقط لصالح الطواقم الطبية بإجمالي مالي لا يتجاوز 1000 شيكل كسلفة لهم فيما لم يتقاضِ موظفو بقية الوزارات أي رواتب.
في الأثناء، يؤكد المواطن جهاد رجب أنه اضطر لشراء أسطوانة غاز بأضعاف سعرها قبل الحرب من أجل المساهمة في توفير الطهي بشكلٍ يومي لعائلته التي لجأت لاحقًا لمستشفى الشفاء الطبي بعد تعرض منطقته للقصف الإسرائيلي.
ويقول رجب لـ"العربي الجديد"، إن هناك أزمة حقيقية في ما يتعلق بالغاز نتيجة منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال الغاز بالإضافة إلى إغلاق معبر رفح البري وبوابة صلاح الدين التي تفصل القطاع عن مصر، وهو ما فاقم الأزمة المعيشية في القطاع إلى جانب الحرب.
ويشير إلى أن أزمة الغاز تمس بقطاعات الحياة المختلفة للمواطنين في غزة وتفاقم الأوضاع القائمة، ولا سيما أن بقية أنواع الوقود غير متوفرة في ظل استمرار إغلاق المعابر للأسبوع الرابع على التوالي والرفض الإسرائيلي المتكرر لإدخالها.
أما الفلسطيني محمد حمادة فلم يتمكن من العثور على أي من كميات من الغاز بالرغم من بحثه في السوق السوداء وفي بعض المحطات التي أكد أصحابها عدم وجود أي كميات لديهم بسبب عدم إدخاله سواء من معبر كرم أبو سالم أو عبر بوابة صلاح الدين.
ويقول حمادة لـ"العربي الجديد"، إن المطلوب تدخل من الجهات الدولية للسماح بإدخال غاز الطهي باعتباره سلعة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها وتمس بالاحتياجات الأساسية للسكان في القطاع كونها متعلقة بإعداد الطعام وتؤثر على واقع التغذية لهم.
ويؤكد على أن المئات من الفلسطينيين في غزة يبحثون عن الغاز في السوق السوداء وبعضهم يبحث عنه بمبالغ مالية مرتفعة من أجل تلبية احتياجات العوائل، ولا سيما أن مئات الآلاف من الغزيين نزحوا نحو المدارس ويحتاجون لإعداد الطعام في ظل عدم وجود اهتمام رسمي بهم.
وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، يوم الأحد الماضي، أن تقديرات برنامج الغذاء العالمي تشير إلى أن الإمدادات الغذائية في متاجر قطاع غزة لن تكفي إلا لبضعة أيام.
من جانبها، قالت رئيسة برنامج الغذاء العالمي سيندي ماكين إن المساعدات التي تدخل غزة ليست كافية على الإطلاق لتلبية احتياجات السكان الآخذة في التزايد بشكل كبير.