توصل بنك ويلز فارغو إلى اتفاق مع الجهات المنظمة في أميركا يقضي بتحمله مبلغ 3.7 مليارات دولار، لوقف اتهامات بتسببه في الإضرار بأكثر من 16 مليون مستهلك.
وقال مكتب الحماية المالية للمستهلكين، يوم الثلاثاء، إن التسوية التي سيتحملها البنك تشمل غرامة قدرها 1.7 مليار دولار، بالإضافة إلى أكثر من ملياري دولار يتم دفعها كتعويضات لبعض عملائه.
وأوضح المكتب أن البنك قدر بشكل غير قانوني رسوم ومدفوعات فائدة على قروض السيارات والمنازل المقدمة للعملاء، الأمر الذي تسبب في الحجز على سيارات بعض العملاء، بينما تحمل آخرون رسوم سحب على المكشوف بشكل غير قانوني.
وقال البنك إن الغرامة ستتسبب في خسارة تشغيلية ربعية خلال الربع الجاري، تقدر بنحو 3.5 مليارات دولار، تشمل الغرامة والتعويضات، بالإضافة إلى مصاريف قانونية أخرى، تصبح 2.8 مليار دولار بعد الضرائب.
وترفع التسوية التي تم التوصل إليها، على ضخامتها، العبء عن كاهل البنك، بعد أكثر من عامين من الضغوط التي عانى منها من المنظمين والعملاء على حد سواء.
لكن يبقى البنك تحت القيود المفروضة عليه من بنك الاحتياط الفيدرالي، والخاصة بوضع حد لزيادة حجم أصوله، والتي فرضت عليه بعد فضيحة الحسابات الزائفة في 2016، وكبدته في 2020 غرامات بلغت قيمتها 3 مليارات دولار.
ولم يكن "ويلز فارغو" وحيداً في الوقوع تحت طائلة الغرامات الضخمة أو التعويضات القاسية المطلوب دفعها للعملاء، خاصة بعد "انقضاض" الجهات الرقابية والمنظمة على المؤسسات المالية، في أعقاب وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض، في يناير/كانون الثاني 2021.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن المنظمون غرامات بقيمة 1.8 مليار دولار، يدفعها بعض أكبر البنوك في الولايات المتحدة، بعدما انتهكت هذه المؤسسات قوانين الأوراق المالية الفيدرالية المتعلقة بحفظ السجلات، واستخدم موظفوها تطبيقات المراسلة خارج أنظمة الاتصالات الرسمية، لمناقشة الموضوعات المتعلقة بالعمل.
وبدأت القصة مع بنك جي بي مورغان، الذي اكتشف خلال الربع الأول من عام 2020 أن أحد المتداولين في عقود الائتمان من العاملين لديه استخدم "واتساب" في التواصل مع زملائه بالبنك، وهو أمر مرفوض تماماً، وفقاً لقواعد السلوك وقوانين الأوراق المالية الفيدرالية السارية منذ الثلاثينيات.
واعترف البنك بخطأ موظفيه، وتحمل غرامة بمبلغ 125 مليون دولار لتسوية الأمر مع هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية SEC، بالإضافة إلى 75 مليون دولار أخرى للتسوية مع بورصة العقود المستقبلية للسلع CFTC.
بعد ذلك فرضت الجهتان العديد من الغرامات الضخمة على بنوك أخرى، لمخالفات مشابهة، جاء في مقدمتها بنك أوف أميركا، بغرامة بلغت قيمتها الإجمالية 225 مليون دولار.
وتحملت بنوك أخرى في أميركا، منها مجموعة سيتي، وغولدمان ساكس، ومورغان ستانلي، وكريدي سويس، وباركليز، ودويتشه، غرامات بقيمة 200 مليون دولار لكل منها.
أيضاً كان نصيب بنك نومورا غرامة بمبلغ 100 مليون دولار، وبنك الاستثمار جيفيريز غرامة بمبلغ 80 مليون دولار.
ومثلت تلك الغرامات نسبة لا يستهان بها من أرباح البنوك في العام السابق، وصلت إلى 15% في بعضها.
ولم تقتصر الغرامات الموقعة على البنوك على تلك المتعلقة بتواصل الموظفين عبر التطبيقات الموجودة على هواتفهم، حيث امتدت لتشمل مشكلات أخرى، ارتبط بعضها باتهامات بممارسات غير مشروعة، شملت غسل الأموال والتهرب الضريبي.
وقبل شهرين، وافق بنك كريدي سويس، ثاني أكبر بنك في سويسرا، على دفع 234 مليون دولار، لتجنب الملاحقة القضائية في تهم غسل الأموال والاحتيال الضريبي، وفقًا لتسوية أقرتها محكمة في باريس في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفي التوقيت نفسه تقريباً، وافقت المجموعة المالكة للبنك السويسري أيضاً على دفع ما يقرب من 475 مليون دولار إلى سلطات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تشمل ما يقرب من 100 مليون دولار إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، لتسوية اتهامات بتضليل المستثمرين، عن طريق الاحتيال وانتهاك قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة (FCPA)، في مخطط يتضمن طرحين للسندات وترتيب لقرض مشترك، تم من خلاله تجميع الأموال نيابة عن كيانات مملوكة للدولة في موزمبيق.
وجاءت التسويتان الأخيرتان للبنك السويسري ضمن مجموعة من الغرامات التي تعرض لها البنك الذي عانى أخيراً من تراجع قيمة أسهمه بصورة كبيرة، حيث فقدت ما يقرب من ثلاثة أرباع قيمتها هذا العام، بعد تحقيقه خسارة تجاوزت 4 مليارات دولار، خلال الربع الثالث من العام الحالي، تسببت مصاريف التقاضي في جزء لا يستهان به منها، وفقاً لبيانات البنك.
ولم تكن الغرامات جديدة على البنك السويسري، حيث سبق له تحمل تسوية ضخمة، أعلنت عنها وزارة العدل الأميركية أوائل عام 2017، حين تم التوصل إلى اتفاق يقضي بتحمله غرامة بمبلغ 5.28 مليارات دولار، نتيجة لما سببه من خسائر لعملائه الذين قاموا بشراء بعض منتجاته، وتحديداً الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، قبيل أزمة الرهون العقارية في 2007.
وفي فبراير/شباط الماضي، غرمت هيئة السلوك المالي البريطانية بنك باركليز بمبلغ 783.8 مليون جنيه إسترليني، أي أكثر من مليار دولار بأسعار الصرف وقتها، بسبب ما اعتبرته "إخفاقات رقابية" في علاقة البنك مع شركة المدفوعات المنهارة بريميير إف إكس Premier FX، التي كان باركليز هو البنك الوحيد الذي تتعامل من خلاله الشركة في المملكة المتحدة.
والأسبوع الماضي، فرضت هيئة السلوك المالي FCA غرامة تجاوزت 100 مليون جنيه إسترليني (نحو 123 مليون دولار)، على بنك سانتاندير، بسبب ما اعتبرته إخفاقات متكررة في مكافحة غسل الأموال، بعدما وجدت ثغرات خطيرة ومستمرة في ضوابط مكافحة غسل الأموال (AML)، ما أثر على الخدمات المصرفية للأعمال.