عودة الإضرابات العامة في لبنان من بوابة موازنة 2024

01 فبراير 2024
ضائقة معيشية وانهيار اقتصادي أصابا اللبنانيين في الصميم (محمود زيات/ فرانس برس)
+ الخط -

عادت الإضرابات العامة في لبنان إلى الواجهة من جديد اعتراضاً على الضرائب التي فرضها البرلمان اللبناني في موازنة العام 2024 التي أتت خالية من أي تقديمات أو حوافز مالية لموظفي القطاع العام، ومثقلة بالضرائب والرسوم التي تزيد من تدهور قيمة الرواتب والأجور والقدرة الشرائية عند المواطنين، بينما لا تمسّ الأغنياء والمحظيين.

وشلّت حركة الاحتجاجات الإدارات العامة في لبنان، فيما عاد مشهد الطوابير والزحمة منذ يوم أمس الأربعاء، أمام محطات الوقود ومحال بيع الغاز والسوبرماركتات والصيدليات ليطلّ برأسه، من بوابة "الإضراب" الذي أعلنته الشركات المستوردة للسلع المدعومة، سيما النفط، والأدوية والمواد الغذائية، اعتراضاً على الضريبة الاستثنائية التي طاولتها في موازنة عام 2024.

وبدأ موظفو الإدارة العامة  إضراباً تحذيرياً يستمرّ حتى التاسع من فبراير/شباط الجاري، على أن يكون مفتوحاً تبعاً للتطورات، وذلك اعتراضاً على الرسوم والضرائب المرتفعة الواردة في الموازنة، التي من شأنها أن تزيد من انهيار قيمة رواتبهم والمساعدات التي يحصلون عليها، بما في ذلك الحوافز المالية الجديدة المُقترَحة من قبل الحكومة اللبنانية.

واعتبر الموظفون أن موازنة لبنان زادت الضرائب على الرواتب وأعفت كبار الأغنياء منها، فيما لا يزال التهرب الضريبي والجمركي مشرعاً بها، كما نهب الأملاك العامة من دون أية مقاربة وعلاج، مشددين على أنها ستزيد الانكماش الاقتصادي والجمود والركود وستعطل الدورة الاقتصادية، مؤكدين، رفضهم لإصرار الحكومة على تقاسم حقوقهم ودفنهم أحياء واستنكارهم للصفقات المستمرة والمستفزة، باسم الموظفين، داعين إلى تصحيح الرواتب وكافة المستحقات ذات الصلة.

وانضم المساعدون القضائيون أيضاً إلى الاضراب، معلنين "الاعتكاف العام والتوقف القسري عن العمل وإلغاء جلسات المحاكمة بكل أنواعها وعدم استقبال أي مراجعة، باستثناء ما يتعلق باليوم الأخير من المهل القانونية، بدءاً من صباح اليوم، على أن تبقى الاجتماعات مفتوحة لمواكبة كل جديد، وذلك نظراً إلى ما يعانيه الموظف العام من سوء في الأوضاع المعيشية المزرية وتدني قيمة الرواتب وحرمان الموظفين من الحوافز والمساعدات التي تعطى لبعض المرافق العامة من دون سواها وتجانساً مع مطالب رابطة موظفي القطاع العام".

في الإطار، رأى تجمّع المطاحن في لبنان أن "الاقتراح بفرض غرامة أو ضريبة استثنائية على الشركات التي استوردت سلعاً مدعومة باعتبارها استفادت منه، ليس في محلّه، ولم تعرف الغاية من طرحه في المرحلة الراهنة من خارج مشروع الموازنة الذي أعدته لجنة المال في المجلس النيابي ولم تتم قراءته بصورة معمّقة".

واعتبر التجمّع أن "تطبيق هذه الضريبة سيقضي كليّاً على الحركة التجارية في البلاد ويدفع بالشركات إلى الإفلاس والإقفال وتشريد آلاف العمل والمستخدمين. كما أنه لا يجوز مطلقاً فرض ضريبة على سياسة اعتمدتها الدولة وأجبرت الشركات على تطبيقها، إذ إن سياسة الدعم أقرتها الحكومة لمساعدة المستهلك في الظروف الاقتصادية والمالية والمعيشية الصعبة التي تمر بها البلاد".

وأشار إلى أنّ "القانون المطروح هو صك براءة للمهربين المحظوظين الذين استفادوا بملايين الدولارات على حساب من طبق القانون والنظام، يجب أن يطبق عليهم لا على الشركات التي نفذت ما طلب منها وفقاً للقوانين والأنظمة مرعية الاجراء".

وأعلن أن "مطاحن لبنان تمرّ بأزمات وصعوبات كثيرة تعمل على تذليلها تدريجياً مع المسؤولين كافة، فلا يجوز مطلقاً تعريضها لمشكلة كبيرة من جراء تطبيق ضريبة رأى البعض فيها مورداً مالياً ضخماً للخزينة قد يؤدي بهذه المؤسسات إلى الإفلاس".

كما حذر التجمّع "المسؤولين المعنيين من مغبة القرارات الارتجالية مثل هذا الاقتراح الضريبي، والتي لا تفيد أحداً، بل تؤدي إلى شللٍ في الدورة الاقتصادية وبالتالي إلى أزمة طحين وخبز نحن بغنى عنها في ظل الحرب المتربصة بلبنان".

من جهتها، أكدت الهيئات الاقتصادية في بيان معارضتها فرض ضريبة على الشركات التي تعاطت في موضوع الدعم، معتبرة إياها غير عادلة ومجحفة بحق المؤسسات الشرعية التي تعاطت بشفافية وطبقت كل مندرجات آلية الدعم التي أقرتها الحكومة ووزارة الاقتصاد والتجارة بهذا الشأن.

بدورها، أكدت وزارة الطاقة والمياه في لبنان أنها "غير مسؤولة عما يحدث اليوم في قطاع المحروقات من بلبلة وهي اذ تتفهم قلق الشركات إزاء الغموض حول ما يطرحه بعض النواب أو المجلس النيابي في شأن قانون الموازنة الذي يفرض غرامة أو ضريبة استثنائية على الشركات التي استوردت السلع المدعومة لصالح المستهلك بين عامي 2020 و2021، فالوزارة هنا ليست في وارد الدفاع عن هذا القانون أو دحضه".

وأشارت إلى أنها "تنتظر ما سيتم إقراره في المجلس النيابي بشكل واضح ونهائي، وهي تلفت إلى أن سياسة دعم سعر الصرف أمّنت استمرارية لحجم السوق مقارنةً مع ما كان سيكون عليه دون الدعم مما ادّى لتقليص حجم انخفاضه من جرّاء الأزمة المالية والاقتصادية، وبالتالي انعكس استمراريةً لربح الشركات التي تحدد الوزارة هامشها بالتسعيرة الرسمية التي تصدرها، مع العلم أن هذا الهامش بقي نفسه قبل وخلال وبعد فترة الدعم".

وأضافت في بيان لها: "من هنا نرى أن مبدأ استيفاء الدولة لنسبة عادلة من هذه الأرباح في حال تحققها هو أمر إيجابي يُمكّن من إنعاش المالية العامة والاقتصاد الوطني إذا استُفيد منها بشكل صحيح ولكن على أن يتم تحديدها بطريقة مدروسة وغير مجحفة بحق الشركات العاملة في القطاع حيث تراعي استمرارية أعمالها وإمكاناتها واستدامتها المالية مع العلم أن هذه الشركات تدفع ضريبة على الأرباح للدولة، أما دراسة هذه النسبة فتعود إلى السلطة التشريعية للتأكد إذا كانت عادلة أو يمكن تعديلها استثنائياً".

وشددت على أن "هذا الرسم الاستثنائي (في حال إقرار هذا القانون) يجب أن يُقتطع من الأرباح المحققة وليس من الإيرادات أو من قيمة الكميات المستوردة كون استفادة الشركات تقتصر على الأرباح فقط وحيث إن المواطن والمستهلك هو الذي استفاد من الكميات المدعومة عبر التسعيرة المخفضة من جراء الدعم".

ودعت الوزارة الشركات النفطية إلى "الاستمرار في تزويد السوق بالمواد النفطية حرصاً منها على عدم خلق أزمة تضر بالبلد وبمصالح المواطنين".

المساهمون