إذا أخذنا بمبدأ حسن النية، فإننا أمام أشخاص أطلقوا الدعوة تحت بند الوطنية وفي لحظة نشوة بافتتاح المشروع الجديد، وهذا مفهوم، فربما يريد هؤلاء تخفيف الأعباء المالية عن القناة، بالضغط على أصحاب الشهادات للتنازل عن 61 مليار جنيه من الأموال المستحقة لهم، سواء كانت هذه المستحقات في صورة أسعار فائدة تبلغ 12% ولمدة 5 سنوات، أو التنازل عن ربع المبلغ المستحق وبما يعادل 25% من قيمة الشهادات، وهذا الظن وارد خاصة لدى المتحمسين للمشروع والمراهنين على نجاحه وجلبه إيرادات ضخمة للاقتصاد المصري.
وقد تأتي الدعوات التي تطالب بإلغاء عوائد شهادات الاستثمار في قناة السويس، وحث أصحاب المدخرات على التنازل عن ربع قيمة الشهادات، من قبل معارضين للنظام وفي ظل مناكفة سياسية يريد هؤلاء من خلالها تحقيق عدة أهداف منها:
- استمرار إثارة الشكوك حول جدوى مشروع توسعة قناة السويس والذي قلت من قبل إنه مهم للاقتصاد القومي، لكن ليس في هذا التوقيت الذي يعاني فيه المواطن والاقتصاد أزمات مزمنة.
- إحراج الحكومة عن طريق مثل هذه الدعوات التي قد تثير فزع أصحاب المدخرات على تحويشة عمرهم.
- مناكفة المهللين للمشروع خاصة أولئك الذين وصفوا المتحفظين على المشروع والرافضين له بأنهم غير وطنيين.
اقرأ أيضاً: حكومة السيسي تُهدي ضيوف "السويس" 22.5 ألف عملة ذهبية
وبالطبع، فإن هذه المناكفات السياسية يجب ألا يكون الاقتصاد وأموال الناس ومدخراتهم مسرحاً لها، لأن عدم مصداقيتها يهز الثقة في الشخص الذي يطلقها.
أما إذا أخذنا بسوء النية، فإن هذه الدعوات تثير علامات استفهام، وخاصة أنها صادرة عن أشخاص يريدون دفع 1.1 مليون مصري اكتتبوا في شهادات القناة، نحو البنوك لسحب 64 مليار جنيه قيمة استثماراتهم في المشروع الجديد لقناة السويس، ولو حدث ذلك فإنه يمثل كارثة لوحدات القطاع المصرفي المتلقية للاكتتاب لعدم قدرتها على توفير هذه السيولة الضخمة البالغة قيمتها مليارات الجنيهات في وقت قصير.
وأما أن تكون الدعوات صادرة عن أشخاص يريدون إظهار الحكومة على أنها غير قادرة على سداد الالتزامات المستحقة عليها، وكذا الإساءة لسمعة مؤسسات الدولة الاقتصادية، وقد يندرج هذا الإحراج تحت بند المناكفات السياسية كما قلت.
وهناك احتمال ثالث؛ وهو أن الدعوة مجرد جس نبض من قبل بعض الجهات المسؤولة بالدولة للتعرف إلى آراء المدخرين، ومدى استجابتهم لدعوات التنازل عن أسعار الفائدة المستحقة على الشهادات لمدة 5 سنوات والبالغ قيمتها 38.5 مليار جنيه، أو التنازل عن 22.5 مليار جنيه تمثل ربع أموال المدخرات.
وبناءً على رد الفعل، يتم اتخاذ الخطوة المقبلة، وهي إما دفع وسائل الإعلام لتتبنى دعوة مطالبة أصحاب الشهادات إلى التنازل عن الفائدة وربع مدخراتهم، والضغط عليهم في هذا الاتجاه، وهنا يتم تجنيد وسائل الإعلام للترويج للدعوة، وإظهارها على أنها عمل وطني وتشويه الرافضين لها، ونعتهم بالخيانة وأنهم لا يحبون أوطانهم، وإما أن تغلق هذه الجهات الباب في حال عدم الاستجابة لدعوات جس النبض.
في كل الأحوال، فإننا أمام دعوات خبيثة ولعبة خطرة يجب تفاديها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، وخاصة أنها تتعلّق بمدخرات الناس وتحويشة عمرهم.
اقرأ أيضاً: حكومة مصر تتراجع عن توقعاتها بشأن إيرادات قناة السويس