ثمة علاقة طردية وثيقة بين استقرار الأوضاع السياسية واستتباب الأمن في أي بلد وزيادة معدلات تنميته وإنتاجه. ومن الأمثلة الصارخة على ذلك ما يحصل في ليبيا التي أنهكتها الحرب الأهلية وهجمات تنظيم "داعش" الإرهابي في العقد الأخير وفي أعقاب ثورة فبراير/شباط 2011 وإطاحة نظام معمر القذافي، وثمة طموحات نفطية لديها حالياً إنما تقوّضها الانقسامات السياسية.
وفي تحليل للوضع الحالي وآفاق المستقبل القريب اعتباراً من عام 2022، ذكرت أليتشي ألونّي، الباحثة الإيطالية المتخصصة في شؤون ليبيا والشرق الأوسط في جامعة "دورَم" البريطانية، أن قطاع الطاقة الليبي قد تضرر بشدة من أجواء عدم الاستقرار السياسي، بعدما واجه إنتاج النفط والغاز عام 2020، على وجه الخصوص، تراجعاً ملحوظاً بسبب تفاقم حدة الصراع المسلح. كما مرّت ليبيا في الفترة بين يوليو/تموز 2020 ومارس/آذار 2021 بحرب أهلية ومحاولة جديدة لانتقال سلمي للسلطة.
وفي دراسة لـ"مرصد السياسة الدولية"، أوضحت ألونّي أن مؤسسة النفط الليبية أعلنت، عقب اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020، إعادة فتح حقول النفط وموانئ التصدير، ومن ثم استؤنفت أنشطة إنتاج وتصدير النفط بكامل طاقتها.
وتابعت أن إنتاج النفط الخام في البلاد شهد تراجعاً حاداً في العقد الأخير، من 1.65 مليون برميل يومياً في 2010 إلى أقل من 100 ألف برميل يومياً في سبتمبر/أيلول 2020، في حين هبط إنتاج الغاز من 16 مليار متر مكعب في عام 2010 إلى 4.46 مليارات عام 2020.
وقد تعرضت المنشآت النفطية الليبية خلال هذه الفترة لهجمات وقصف، ما ألحق بها أضراراً بالغة جراء الصراع بين حكومة الوفاق الوطني في الغرب والقوات التابعة لخليفة حفتر في الشرق.
وأضافت أن مؤسسة النفط الليبية تتوقع إطلاق آبار نفط جديدة في الأشهر المقبلة في منطقتي سرت وغدامس، وتعمل على إعادة تشغيل الحقول المغلقة نتيجة لهجمات داعش في عام 2015، لكن أحداث إبريل/نيسان الماضي سلطت الضوء على هشاشة استئناف الإنتاج والفجوة القائمة بين التوقعات والواقع في قطاع النفط الليبي، الذي تصاعدت تبعيته للاستقرار السياسي للبلاد في الأشهر الأخيرة وارتباطه بخيط مزدوج بموازنة الحكومة.