صندوقان لإعمار درنة: الانقسام الليبي يثير مخاوف حول التمويل

30 سبتمبر 2023
مطالب بإشراف دولي على الإعمار (آيدوغان غالاباليك/ الأناضول)
+ الخط -

أعلنت الحكومة المكلفة من مجلس النواب في شرق ليبيا إنشاء صندوق لإعادة إعمار مدينة درنة التي دمرتها الفيضانات، بعد تخصيص حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس 418 مليون دولار لصندوق آخر لإعادة إعمار المدينة ذاتها.

وقال الخبير الاقتصادي أحمد المبروك في تصريحات لـ "العربي الجديد" إن عدم وجود جهة واحدة يتم الاتفاق عليها من قبل الحكومتين لإعادة إعمار المدينة المنكوبة يعرقل جهود التمويل وتقديم المساعدات، حيث لا يمكن تقديم أي درهم في ظل حكومتين لكل منها صندوق إعمار مختلف.

وأوضح أن مدينة درنة بشكل خاص تحتاج إلى أن تكون مدينة عصرية بعد إعادة إعمارها، ويمكن لذلك أن يتحقق من خلال إجراء دراسات تطاول مستقبلها الاجتماعي والاقتصادي، والتصاميم المعمارية اللازمة، ومثل هذه الخبرات موجودة لدى الشركات متعددة الجنسيات والمؤسسات الدولية التي تمتلك الخبرة الكافية في هذا المجال.

من جهة أخرى، رأى أستاذ الاقتصاد عبد الفتاح أبوقصة أن المطلوب وجود صندوق سيادي دُوَليّ تشرف عليه الأمم المتحدة أو البنك الدولي لكي يقوم بإعادة إعمار المدينة.

ولفت خلال حديثه مع "العربي الجديد" إلى أن الانقسام السياسي سوف يسهم بالفساد وعدم إقامة أي مشروعات إنشائية جديدة للمدن المنكوبة، والأمثلة في هذا الإطار كثيرة، حيث لم تشهد مدينة بنغازي إعادة إعمار، كما لم تقم الحكومات المتعاقبة في ليبيا بإعادة إعمار سرت ومناطق الجبل الغربي مثل القواليش والمشاشية وكذلك جَنُوب طرابلس بسبب عدوان مجموعات خليفة حفتر خلال عام 2019.

كذلك، لاحظ المحلل الاقتصادي عبد الناصر الكميشي أن مشروعات إعادة الإعمار تحتاج إلى خطط وبرامج وهذا يتطلب وجود حكومة منتخبة واحدة، فضلا عن عدم قدرة الدولة على القيام بأي مشروعات مع عدم وصول الإنتاج النفطي إلى معدلاته الطبيعية.

وشرح لـ "العربي الجديد" أنه يجب وضع خِطَّة ثلاثية لإعمار درنة تتفق عليها الحكومتان عبر مكتب استشاري هندسي، ثَمّ تبدأ في إطلاق صندوق إعمار ذي ذمة مالية مستقلة مسنود بمؤسسات ذات خبرة كالبنك الأفريقي، وذلك عوضا عن الصراع على أموال الإعمار دون وجود خريطة طريق.

وتضرر 1500 مبنى من إجمالي 6142 مبنى في درنة حسب إحصائية لفريق الطوارئ التابع للحكومة الوحدة الوطنية، فيمًا تشير التقديرات الأولية لمركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية أن 3100 مبنى تضرر في درنة. واقترح المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي إنشاء آلية شاملة، للإشراف على جهود التعافي وإعادة إعمار المناطق المنكوبة بشرق ليبيا، وتحديد الأولويات، وضمان المساءلة.

وقال البنك الدولي، إنه على استعداد للتعامل مع حكومة الوحدة الوطنية والجهات التابعة لها وذلك لتحسين تقديم الخِدْمَات حتى يتمكن المواطنون الليبيون من البَدْء في رؤية التحسن في حياتهم والحصول على الخِدْمَات في أسرع وقت ممكن.

وأضاف في بيان نشره أخيراً، أنه على استعداد للمشاركة في حُوَار وتسهيل إنشاء صندوق لتمويل الجهود لمساعدة الليبيين على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية حيث يتمتع البنك بخبرة كبيرة في التأسيس والإدارة والتنفيذ. وقال أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الليبية عمر زرموح إن مساعدة البنك الدولي على شكل تقديم استشارة لا بأس بها.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ولكن قد تكون شكلاً من أشكال التدخل الدُوَليّ الصريح في إدارة موارد صندوق إعادة الإعمار مما يمس سيادة الدولة الليبية ويفقدها السيطرة على جزء من مواردها. ودعا في حديث مع "العربي الجديد" إلى الاستعانة بالخبرة الأجنبية لتفادي الإخفاقات الإدارية وما يعرف بالفساد المالي الذي يتحدث الكثير عن تفشيه في الإدارة الليبية قديمًا وحديثًا.

وكان رئيس الحكومة المكلفة من مجلس لنواب أسامة حماد، بحث مِلَفّ إعادة إعمار درنة وضواحيها خلال لقائه عددا من ممثلي الشركات المصرية في ليبيا، كما صرح وزير الاستثمار بالحكومة نفسها علي العيدي، بأن الصين جاهزة لإعادة إعمار درنة وقال عبر تصريحات صحافية إن الصين تمتلك القوة الفعالة القادرة على إنشاء بنية تحتية من طرق وجسور في وقت قياسي، إضافة إلى قدرتها المالية الكبيرة.

وحول حكومة الوحدة الوطنية، التقى رئيس الفريق الحكومي للطوارئ والاستجابة السريعة وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي، بمدير بَعثة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية جون كارديناس والمسؤولة الاقتصادية في السفارة الأميركية مارينا جالكينا، وتناول اللقاء وضع تصور واضح المعالم لإعادة إعمار المدن المنكوبة بشكل يضمن جودة المواصفات.

وتعاني ليبيا من الانقسامات منذ سقوط نظام مُعَمَّر القذافي، في 2011، وتحكمها حاليًا إدارتان متنافستان، واحدة في الغرب بقيادة عبد الحميد الدبيبة، والأخرى في الشرق بقيادة أسامة حماد، ويدعمها مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر.

وأدت الفيضانات الناجمة عن الإعصار "دانيال" التي اتخذت بعدا كارثيا بسبب انهيار سدين أعلى نهر درنة، إلى مقتل 3893 شخصا، وفق حصيلة غير نهائية أعلنتها حكومة شرق البلاد.

https://admin.alaraby.co.uk/admin/content
المساهمون