بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحصي خسائرها بعد العدوان الذي شنته على الفلسطينيين. صواريخ غزة طاولت تل أبيب، وهي التي تعتبر العاصمة الاقتصادية للاحتلال، إلى جانب العديد من الأهداف في مناطق أخرى. الاحتجاجات في مناطق 48 المحتلة خلخلت صورة الاحتلال وانعكست على دعايته الاستثمارية باعتباره كيانا "آمنا"، فيما أكملت الضفة صورة الوحدة الفلسطينية لتخرب أوهام الاحتلال بقدرته على قضم فلسطين، وتطوير اقتصاده على أنقاضها.
وتترافق هذه الضربات مع وهن اقتصادي إسرائيلي ناتج عن الصراعات الداخلية بين أركانه، وعدم القدرة على تشكيل حكومة ولا على إقرار موازنة مالية، وسط هبوط حاد في الناتج المحلي الإجمالي. موقع "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلي تطرق إلى أزمة الاقتصاد الإسرائيلي في تقرير نشره الجمعة.
قال الموقع إنه مع انتهاء العملية العسكرية، "تعود إسرائيل إلى الواقع الاقتصادي المليء بالتحديات في وضع أكثر خطورة. إلى حالة البطالة التي تختلط مع انتهاء تعويضات كورونا، الآن تمت إضافة 7 مليارات شيكل أخرى (بسبب الحرب) على الإسرائيليين تغطيتها بطريقة أو بأخرى، وكل هذا بدون ميزانية وبدون حكومة". وقال مصدر رفيع في وزارة المالية لـ"يديعوت أحرونوت" إن الأضرار الناجمة عن 11 يومًا من القتال في العملية الحالية في غزة من المتوقع أن تصل إلى حوالي 0.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بأضرار 0.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عملية إيتان (العدوان الإسرائيلي في 2014)، التي استمرت 50 يومًا.
وهذا تقدير أقل بكثير من تقديرات الاقتصاديين وبيوت الاستثمار. إذ تقدر الكيانات الاقتصادية المختلفة، بما في ذلك خبراء الاقتصاد في بيوت الاستثمار، أن الضرر سيصل إلى ما بين 0.6 إلى 0.8 في المائة. ويبلغ إجمالي الناتج المحلي الإسرائيلي حاليًا 1.4 تريليون شيكل، أي ما يعادل 14 مليار شيكل (4.3 مليارات دولار) لكل واحد في المائة من الناتج المحلي الإجمالي (يوازي الدولار 3.25 شواكل).
وفيما يقدر مصدر وزارة المال الأضرار بقيمة 7 مليارات شيكل (2.1 مليار دولار)، إلا أنه وبحسب معطيات وزارة المالية السابقة، فإن إجمالي الأضرار التي لحقت بالاقتصاد بما في ذلك الأضرار غير المباشرة بلغت 12 مليار شيكل في 2014، أي ثلاث مرات أعلى مما كانت عليه في عدوان 2009.
وبالتالي، فإن ما يصرح عنه الإسرائيليون أقل بكثير من الأضرار الفعلية التي لحقت باقتصادهم بعد العدوان الذي انتهى فجر الجمعة. إذ يشمل الضرر الذي يلحق الناتج المحلي، من بين أمور أخرى، الأضرار التي لحقت بالنشاط الاقتصادي، وانخفاض الإنتاج في المصانع، وانخفاض كبير في الاستهلاك الخاص والتكاليف التي تكبدها الاقتصاد الإسرائيلي بسبب تكلفة الحرب.
ويقدر الضرر غير المباشر، الذي لم تقرر الحكومة بعد ما إذا كان سيتم التعويض عنه (إغلاق المصانع والإنتاج، وعدم وصول العمال إلى أماكن عملهم، وما إلى ذلك) بمليارات الشواكل.
وأشارت تقديرات المسؤولين الحكوميين إلى أن "المؤسسة الدفاعية ستحتاج قريبًا إلى تحويل ما لا يقل عن ملياري شيكل من ميزانية الدولة بسبب النشاط الحربي في العملية الأخيرة".
سيكون من الضروري أيضًا، وفقًا لمسؤول حكومي كبير تحدث إلى "يديعوت أحرونوت"، تحويل مبالغ كبيرة من المال إلى الشرطة، بما في ذلك حرس الحدود، الذي ازدادت أنشطته بشكل كبير بسبب العملية وبشكل رئيسي بسبب الاحتجاجات في المدن المختلطة التي حدثت لمدة أسبوع تقريبًا.
وادعى جيش الاحتلال بعد عملية إيتان أن تكلفة الحرب بلغت 9.5 مليارات شيكل. وزعمت وزارة المالية بعد ذلك أن تكلفة نظام الدفاع بلغت 6.5 مليارات شيكل فقط. وبعد العملية، تم تحويل 2.5 مليار شيكل إلى جهاز الدفاع على الفور ثم ملياري شيكل أخرى.
والخسائر ليست آنية فقط، إذ ستكون ذات أمد طويل على الاقتصاد الإسرائيلي المنهك، ومن أبرز المتضررين ستكون شركة طيران "العال" التي أنهت الربع الأول من العام بخسارة قدرها 86 مليون دولار، مقابل خسارة 140 مليون دولار في الربع المقابل من العام الماضي.
جاء ذلك وفقًا للتقارير المالية التي نشرتها الشركة الخميس، إذ توقفت غالبية الرحلات إلى الاحتلال على مدى 11 يوماً، وتأثرت صورة الاحتلال السياحية التي كانت تروج لها قبل حلول الصيف، ما سيكون له انعكاساته على الكثير من القطاعات وأبرزها الطيران.