صعود الذهب عالمياً تقابله زيادة ناعمة في مصر.. ما السبب؟

05 سبتمبر 2024
محل ذهب في القاهرة، 11 أبريل 2013 (Getty)
+ الخط -

شهدت أسعار الذهب ارتفاعا جديدا بالبورصات العالمية، ليقترب من المستوى القياسي المحقق نهاية أغسطس/ آب الماضي عند 2525 دولاراً للأونصة، في وقت زاد منحنى الصعود بالأسعار بنعومة غير معهودة، بالأسواق المحلية.

بلغ سعر أونصة الذهب في شاشات البورصة 2516.81 دولاراَ، أمس الخميس، وزاد سعر الغرام عيار 21 الأكثر طلبا بالأسواق 30 جنيها ليبقي بأقل من المستويات المسجلة نهاية أغسطس بنحو 40 جنيها، حيث سجل 3400 جنيه للغرام. بلغ سعر الغرام عيار 24 نحو 3875 جنيها وعيار 18 بلغ 2905.71 وعيار 14 وصل إلى 2260 جنيها. 

يعكس الصعود الناعم في أسعار الذهب حالة الركود السائدة بالسوق المحلية، وتراجع سعر الدولار أمام الجنيه بالبنوك والصاغة وأداءه المتراجع عالميا، أمام العملات الرئيسية، وفقا لآراء مسؤولين بغرفة الذهب باتحاد الصناعات المحلية.

أخبر أعضاء بشعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية "العربي الجديد" أن المعادلة التي تحكم تسعير الذهب بأسواق الصاغة، تعتمد على سعر الدولار وحجم العرض والطلب ثم سعر الأوقية بالبورصة، منوهين إلى أنه رغم ارتفاع الذهب بنهاية الأسبوع، وعودته للصعود في اتجاه المستويات التاريخية التي تحققت الشهر الماضي، إلا أن بقاء سعره عند هذه المستويات يظل رهينة بتراجع الطلب وقيمة الدولار، بما دفع كبار التجار إلى تحديد سعر أقل قيمة من الأسواق الدولية.

تأثير الطلب على أسعار الذهب

يشير عضو غرفة شعبة الذهب بالغرفة التجارية بالإسكندرية أمجد عبد السلام إلى أن تسعير الذهب محليا أقل من السوق العالمي، يعكس تراجع كفة الطلب مقابل زيادة العرض، والتي أعادت التسعير المحلي للذهب إلى عهوده المستقرة، بأقل من المستويات العالمية، مؤكدا إقبال المستهلكين على شراء السبائك والمشغولات الذهبية. 

يوضح موزعون بسوق الصاغة بالقاهرة أن ارتفاع أسعار الذهب يؤثر سلبا على حجم المبيعات اليومية، بينما يجري تسعير المنتج وفقا لسعر الدولار وسعر البورصة الدولية، ليظل الطلب مستقرا متأثرا بتوجه البنك المركزي نحو زيادة أسعار الفائدة على أدوات الدين الحكومية، التي فاقت 30% وتوقع كبار المحللين الماليين استقرار الفائدة على المدخرات عند المستويات 25%، لضمان عدم اتجاه أصحاب المدخرات إلى فك الودائع والتوجه نحو اكتناز الذهب والدولار. 

في استطلاعات رأي حول سعر الفائدة توقع مسؤولو بنوك ومحللون ماليون، إبقاء البنك المركزي على سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة 27.25% و28.25%، على الترتيب، وسعر الائتمان والخصم والعمليات الرئيسية للبنك المركزي 27.25%.

بلغ سعر الدولار بالبنوك 48.42 جنيها للشراء و48.56 للبيع، بينما تراجع إلى 47.89 لدى الصاغة وفي السوق السوداء 48.08 جنيها للشراء و48.93 جنيها للبيع. 

أشار خبراء إلى أن ابتعاد كبار المشترين والبنك المركزي عن سحب كميات كبيرة من الذهب بالأسواق، ساهم في وجود عرض من كميات الذهب أكثر من الطلب بهذه الأسواق، في اتجاه معاكس لما كانت تتوقعه شعبة الذهب، خلال الشهرين الماضيين، بما دفعها إلى مطالبة الحكومة بفتح أبواب استيراد الذهب أمام كبار الموردين وإعادة تفعيل مبادرة الإعفاء الجمركي للعاملين بالخارج الراغبين في حمل الذهب أثناء عودتهم للبلاد، لتغطية العجز الذي تشهده الأسواق.

مكانة مصر عربياً

تأتي مصر في المرتبة الخامسة عربيا في حيازة الذهب بما هو احتياطي نقدي بالبنك المركزي، بكمية 126.6 طنا، بعد السعودية ولبنان والجزائر والعراق، وفقا لتقرير مجلس الذهب العالمي فبراير 2024، بينما تتصدر الولايات المتحدة احتياطات الذهب في العالم، بنحو 8133.5 طنا تليها ألمانيا 3352.6 طنا وإيطاليا 2451.8 طنا وفرنسا 2437 طنا وروسيا 2332.7 طنا، وتحولت الصين إلى أكبر مشتر للذهب منذ عام 2022، حتى منتصف 2024، بما جعلها خامس دولة في احتياطي الذهب بكميات بلغت 2345 طنا. 

يشير خبراء إلى أن إقبال البنوك المركزية على شراء الذهب مع تدهور أداء الدولار، وسيادة حالة الاضطراب الجيو سياسي حول في مناطق متفرقة حول العالم، سيدفع بأسعاره إلى مزيد من الارتفاعات، خلال الفترة المقبلة، مؤكدين زيادة تأثر سعر الذهب بالأسواق، بتصعيد الحرب الباردة بين الصين والولايات المتحدة التي أدت إلى تخلي الصين عن الاستثمار في السندات الأميركية، مقابل زيادة مشترياتها من الذهب، ورغبة شركات التكنولوجيا في اقتناء كميات كافية من المعدن الأصفر للتحوط من ارتفاع وتيرة الحظر الغربي على التكنولوجيا والصناعات الصينية. 

يتوقع خبراء أن تدفع حالة الانقسام السياسي بين الشرق بقيادة الصين والغرب بزعامة الولايات المتحدة، البنوك المركزية نحو تنويع احتياطها من النقد الأجنبي وتحويلها إلى ذهب، بغض النظر عن القيمة، بما يدفعه باستمرار إلى مستويات قياسية جديدة. 

وتكشف تحليلات فنية، لخبراء بصناعة الذهب عن اهتمام صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب بتدفقات مستمرة، للشهر الرابع على التوالي، متأثرة بوجود حالة من القلق مع استمرار المخاطر الجيو- سياسية،  أدى إلى ارتفاع سعر الأوقية إلى مستويات 2500 دولار، بزيادة 600 دولار عن الأسعار السائدة بداية عام 2024، بينما يبدي محللون مخاوفهم من تراجع المستهلكين على شراء الذهب، في حالة توجه الفيدرالي الأميركي لخفض سعر الفائدة على الدولار، خلال الأيام المقبلة، بما يشجع الجمهور على زيادة الإنفاق المعطل على شراء السلع الأساسية والمعمرة، خاصة السيارات والعقارات، بما يقلل الزخم على طلب الدولار في الفترة المقبلة. 

المساهمون