شواطئ اللاذقية عصية على الفقراء ... والنظام السوري يعول على المغتربين

17 يونيو 2024
السوريون محرومون من شواطئهم الجميلة بسبب الغلاء - 9 ديسمبر 2017 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شواطئ محافظة اللاذقية في سورية شهدت ارتفاعاً كبيراً في الأسعار بأكثر من 200% مقارنة بالعام الماضي، مما جعل الإقامة في الفنادق والشاليهات ودخول الشواطئ خارج قدرة الكثير من الأهالي.
- الزيادة في الأسعار نتجت عن زيادات حكومية في أسعار الكهرباء للمنشآت السياحية، رسوم النظافة، الضرائب، وأسعار المحروقات، مما أدى إلى تراجع كبير في أعداد السائحين ووجود شاليهات فارغة.
- الأهالي بدأوا يبحثون عن بدائل أقل تكلفة مثل المسابح واستئجار المزارع، بينما تستهدف الحكومة المغتربين كسوق رئيسي للسياحة، في ظل تحديات اقتصادية متزايدة وتحول في الاستراتيجية السياحية.

تعتبر شواطئ محافظة اللاذقية غربي سورية مقصداً لكثير من السوريين في فصل الصيف للهروب من الحر، لكن أسعار هذا العام شكلت صدمة للكثير من المعتادين على التوجه إلى البحر، وباتت الأسعار بما فيها "الشواطئ الشعبية" خارج قدرة قطاع واسع من الأهالي، حتى من سكان المدينة.

وارتفعت الأسعار المعلنة لأجور الفنادق والشاليهات وأسعار دخول الشواطئ بأكثر من 200% عن العام الماضي، وقالت صحيفة تشرين التابعة للنظام إن كلفة الليلة الواحدة في غرفة جانبية في فندق تصل إلى 1.5 مليون ليرة، (متوسط راتب الموظف الحكومي 350 ألف ليرة) في حين تقفز إلى 2.2 مليون في "سويت بحري" يتسع لأربعة أشخاص، ثم تقفز إلى 3.5 ملايين لـ"سويت دوبلكس" يتسع لخمسة أو ستة أشخاص على البحر مباشرة. (كل دولار يساوي 14,650 ليرة).

وارتفعت كلفة الليلة الواحدة في شاليه ضمن منتجع جبلي من فئة 5 نجوم إلى 2.4 مليون ليرة، بينما لم تسلم الشواطئ الشعبية التي خصصتها حكومة النظام لذوي الدخل المحدود من الارتفاع هذا العام، إذ ارتفعت كلفة دخول عائلة مكونة من 5 أشخاص مع أجرة طاولة من 35 إلى 70 ألف ليرة، وتجاوز بعضها 100 ألف ليرة، من دون أي طعام، أي ما يعادل ثلث راتب موظف حكومي.

ويعزو إبراهيم حياني وهو مستثمر شاليهات في منطقة أم الطيور بريف اللاذقية في حديث لـ"العربي الجديد" الارتفاع الكبير في الأسعار العام الحالي إلى الزيادة الكبيرة التي فرضتها حكومة النظام على أسعار الكهرباء المخصصة للمنشآت السياحية منذ بداية العام الحالي، موضحاً أن وزارة الكهرباء حددت سعر 1,900 ليرة لكل كيلو واط ساعي للمنشآت السياحية بدلاً من 950 ليرة ما يعني تضاعف التكاليف.

وأضاف أنه بالإضافة إلى الكهرباء، زادت الحكومة من رسوم النظافة والضرائب كما رفعت أسعار المحروقات، وكل هذه الأسباب أدت إلى ارتفاع أسعار الإيجارات، وفقاً لقوله. واعترف حياني بأن الأسعار المرتفعة أدت إلى تراجع كبير في أعداد السائحين هذا الموسم، مؤكداً وجود شاليهات فارغة خلال عطلة عيد الأضحى.

من جانب آخر، قالت نسرين عبد العال وهي منظمة لرحلات جماعية من دمشق إلى اللاذقية لـ"العربي الجديد" إن الأهالي باتوا يستعيضون برحلة الموسم إلى اللاذقية بزيارة المسابح أو استئجار مزرعة بسبب التكاليف العالية لزيارة الشواطئ وأجور المواصلات والشاليهات. وأضافت أن رسوم الرحلة من دمشق إلى اللاذقية، والتي تتضمن أجرة المواصلات والإقامة في فندق ووجبات طعام، ارتفعت من 500 ألف العام الماضي إلى مليون و650 ألف ليرة سورية للشخص الواحد، وسعر الاشتراك للأطفال دون سن الـ 8 سنوات إلى 900 ألف ليرة سورية، وهذه الأسعار لا تناسب دخل معظم السوريين في الوقت الحالي.

الشواطئ الشعبية لا تناسب دخل الفقراء في اللاذقية

وخلال السنوات الماضية فرضت حكومة النظام السوري رسوم دخول على معظم شواطئ الساحل السوري المخصصة للسباحة، وذلك رغم الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعانيها شريحة كبيرة من السوريين. وقال الناشط الإعلامي أحمد اللاذقاني المقيم في الساحل السوري لـ "العربي الجديد" إن الشواطئ الشعبية التي يفترض أن تكون ملائمة لذوي الدخل المحدود تصل تكلفة دخولها لعائلة مكونة من 5 أفراد إلى 70 ألف ليرة، من دون حساب تكلفة الطعام والشراب، وهي تكاليف تعادل قرابة ربع راتب موظف حكومي.

وتساءل: "بأي حق يُمنع الناس من الوصول إلى الشاطئ للسباحة وهي المتنفس الوحيد الباقي، وما هي الخدمات التي تقدم مقابل هذه المبالغ؟ كان الأولى أن يترك للناس خيار استئجار طاولة وكراسي، لا أن يتم إجبارهم على دفع هذه المبالغ مقابل دخول الشاطئ". وأكد اللاذقاني أن معظم الشواطئ الصالحة للسباحة أُجّرت ولم يبق للفقير سوى بضعة أماكن صخرية لا تناسب العائلات.

الحكومة تستهدف المغتربين

من جانب آخر قال الباحث الاقتصادي السوري أيمن جانودي المنحدر من اللاذقية لـ"العربي الجديد" إن حكومة النظام تروج للموسم السياحي وتعلن أن أماكن السياحة ممتلئة، لكن الحقيقة أنها تستهدف المغتربين لأن السوريين في الداخل لا يستطيعون مجاراة وتيرة رفع الأسعار المستمرة، مضيفاً أنه "من غير المنطقي أن يكون قضاء ليلة في شاليه متوسط يعادل ضعف راتب موظف حكومي في شهر".

وتعاني محافظة اللاذقية في زحمة الموسم السياحي مشكلات خدمية أبرزها انقطاع الكهرباء والمياه لساعات طويلة، فضلاً عن مشكلات المواصلات والنظافة.