يميزه الكثيرون بكوفيته الفلسطينية وطربوشه المغربي الأحمر والعلم الفلسطيني. حتى من لم يتعرفوا إلى ذلك المغربي مباشرة يحدسون أنه هو سيون أسيدون، المغربي الذي لم يكف يوما عن الدعوة إلى مقاطعة إسرائيل.
أسيدون هو أحد مؤسسي حركة "بي دي إس" BDS، التي أطلقت منذ 2005 نداء عبر العالم من أجل المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات على إسرائيل.
حاضر بقوة في المسيرات للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، وفي الوقفات أمام علامات تجارية يرى المغاربة أن لها صلات بإسرائيل.
ودأب، كما محتجين آخرين في الفترة الأخيرة، على تنظيم وقفات أمام متاجر "كارفور" منذ العدوان الإسرائيلي على غزة، غير أن المقاطعة تشمل علامات أخرى مثل "ماكدونالدز".
ولاحظت "العربي الجديد"، تراجع العلامات التجارية منذ العدوان على غزة. هذا ما يتجلى بشكل خاص في متاجر "كارفور" التي اضطرت إلى اقتراح عروض تحاول عبرها إغراء العملاء. وخف الإقبال على محلات "ماكدونالدز" بشكل ملحوظ بعد الدعوة إلى المقاطعة التي يضطلع أسيدون بقوة فيها.
كان الناشط الحقوقي والداعم للشعب الفلسطيني المقاوم للاحتلال الإسرائيلي، يقود في المغرب حملة ضد أي حضور إسرائيلي في المغرب. فقد قاد حملة قوية ضد شركة ZIM التي يؤكد أنها تنطلق من الأراضي المحتلة نحو الموانئ المغربية، وتنقل منتجات من الاحتلال إلى المغرب، وترجع في الطريق المعاكس لنقل بضائع مغربية نحو الاحتلال.
جذوة النضال ضد القهر والظلم ما زالت تحرك هذا المغربي البالغ من العمر خمسة وسبعين عاما. فقد رأى النور في مدينة أكادير عام 1948، ودرس بفرنسا قبل أن يعود إلى المغرب سنة 1967.
كلفه نضاله في الحركة اليسارية المغربية السجن، غير أنه رغم ذلك ظل بعد معانقته الحرية مناضلا حقوقيا ومدافعا عن حقوق الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال الصهيوني.
حضوره مؤكد في جميع المسيرات والوقفات الاحتجاجية ضد العدوان على غزة، الذي اعتبره في تصريح بمناسبة مسيرة الرباط قبل أسبوعين، تطهيرا عرقيا يذكر بما حدث في 1948، لكن بوسائل أشد فتكا حاليا، معبرا عن إيمانه بأن الشعب الفلسطيني سيتحرر ويبني دولته.
مناصرته القضية الفلسطينية تكاد تنسي الكثيرين الأبعاد الأخرى في نشاط هذا الحقوقي، الذي يعتبر كذلك عضوا مؤسسا لفرع منظمة تراسبارنسي بالمغرب، وهو الفرع الذي قرر في ظل العدوان على غزة مقاطعة أي تمويل يأتي من الإدارة الأميركية، ودعا كافة مكونات المجتمع المدني المغربي إلى أن تحذو نفس الحذو.
يحرص على التمييز بين المقاطعة التي يستدعيها العدوان على غزة، وتلك الممتدة في الزمن التي تخوضها "بي دي إس" منذ سنوات، حيث لا تتأثر بالظروف الطارئة.
يشير أسيدون إلى أن المقاطعة التي تمت الدعوة إليها بعد العدوان "مطلب عبر عنه الناس ومارسوه"، بعد المجازر التي ترتكبها إسرائيل عبر قصف غزة. هذه المقاطعة تتخذ مثلا شكل مقاطعة ماكدونالدز وكارفور، وهما العلامتان التجاريتان اللتان أبانتا عن انحياز للاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على الفلسطينيين منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ذلك عدوان عزز لدى الناس، كما يقول أسيدون، الشعور بضرورة وقف التطبيع مع إسرائيل الذي انخرطت فيه الدولة المغربية منذ ثلاثة أعوام، وطرد المسؤول الأول في مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط. وقف التطبيع من شأنه أن يزيد الضغط على إسرائيل، حتى تعود عن عدوانها والسماح بإدخال الإسعافات والمواد الضرورية الكافية للحياة في غزة.
يذهب إلى أن حملة المقاطعة في الوقت الحالي يجب أن تكون مركزة، تستهدف شركات تجارية بعينها من أجل تحقيق الأثر الملموس المتوخى، كما في حالة ماكدونالدز وكارفور، حيث توجيه الحملة نحو شركة لا تحضر بشكل يومي في حياة الناس لن تكون له نتائج آنية.
ذلك لا يلهي أسيدون عن الهدف الدائم والمستمر لـ"بي دي إس" ، التي تناضل من أجل المقاطعة الفنية والأكاديمية والرياضية والاقتصادية لدولة الاحتلال، حيث تعمل الحركة التي لديها حلفاء في العديد من بلدان العالم على فضح ممارسات الاحتلال والتنديد بعنصريته، والدعوة إلى مقاطعة منتجات الشركات الإسرائيلية والأجنبية العاملة في المستوطنات أو الأراضي المحتلة.
سواء نجحت المقاطعة في مواجهة شركة متعددة الجنسيات لها ارتباطات بإسرائيل أو أتاحت انصراف الناس عن التمور الإسرائيلية المستوردة، يبدي أسيدون ثقة في القدرة على محاربة الاحتلال وعزله عبر المقاطعة.