منحت هيئة رقابية أميركية لا يُعرف عنها عادة الوقوف إلى جانب مصارف "وول ستريت"، فوزاً نادراً للبنوك من خلال اتخاذ إجراءات صارمة ضد شركات التكنولوجيا الكبرى التي تتعدى بشكل متزايد على المجال المصرفي. فما تفاصيل الحكاية؟
لقد اقترح "مكتب الحماية المالية للمستهلك" CFPB الأسبوع الماضي، تنظيم المدفوعات ومحافظ الهواتف الذكية التي تقدمها شركات التكنولوجيا الرائدة مثل "غوغل" Google و"آبل" Apple، بحجة أنها تنافس الآن الخدمات المصرفية التقليدية من حيث الحجم والنطاق ويجب أن تخضع لنفس ضمانات المستهلك.
والخطوة التي طال انتظارها من مدير هذا المكتب روهيت شوبرا الذي بنى حياته المهنية مستهدفاً شركات التكنولوجيا الكبرى حول قضايا الخصوصية والمنافسة، تُعطي دفعة تنافسية للمقرضين الذين يتصارعون مع هجمة القواعد الجديدة بدءاً من زيادة رأس المال ووضع حدود قصوى على رسوم بطاقات الخصم والائتمان إلى سياسات أكثر صرامة ضمن معايير الإقراض العادلة.
في هذا الصدد، يقول الأستاذ في جامعة ولاية جورجيا تود فيليبس إن "المصارف تخضع لعقلية محصنة في الوقت الحالي. فهي تتلقى الضربات من أماكن مختلفة كثيرة. لذلك عندما يقول أحد المنظمين، سنبدأ في التعامل مع منافسيك تماماً مثل الطريقة التي نعاملك بها، فهذه أخبار جيدة".
تجدر الإشارة إلى أن إشراف الولايات المتحدة على الخدمات المالية لشركات التكنولوجيا الكبرى مجزأ. إذ يجب على الشركات أن تتقدم بطلب إلى كل ولاية للحصول على تراخيص تحويل الأموال، وتخضع للرقابة من قبل الجهات التنظيمية المختلفة.
ومن شأن قاعدة مكتب الحماية المالية للمستهلك تشديد الإشراف، مما يتطلب من شركات التكنولوجيا الكبرى الامتثال لقواعدها المتعلقة بحماية الخصوصية، وسلوك المديرين التنفيذيين والممارسات غير العادلة والخادعة.
وأفاد المكتب بأن 17 شركة ستتأثر، بما فيها "آبل" و"غوغل" و"باي بال" PayPal و"كاش آب" CashApp، والتي سهلت معاً مدفوعات بقيمة 1.7 تريليون دولار تقريباً في العام 2021.
وتظهر بيانات "مجلس الاحتياطي الفيدرالي" (البنك المركزي الأميركي) أن قيمة جميع المدفوعات غير النقدية، باستثناء التحويلات البنكية المستخدمة في المقام الأول للتحويلات الكبيرة، بلغت 128.51 تريليون دولار عام 2021.
ويُشرف المكتب فعلاً على "باي بال" و"كاش آب" بموجب قواعد تحويل الأموال الدولية، لكن "آبل" و"غوغل" ستخضعان لرقابة هذا المكتب للمرة الأولى. وقد رفضت غوغل التعليق كما لم تستجب "آبل" لطلب التعليق.
وقال المكتب في بيان: "يُعد وادي السيليكون بالفعل جزءاً رئيسياً من السوق المالية"، معتبراً أن إخضاع شركات التكنولوجيا الكبرى في سوق المدفوعات لرقابة مماثلة مثل المصارف سيزيد المنافسة.
وفي حين يعتمد عمالقة التكنولوجيا على المصارف لمعالجة المدفوعات عبر بطاقات الائتمان والخصم الصادرة عن المصارف، فإن البعض، مثل "آبل"، يفرضون على المقرضين رسوماً مقابل تلك المعاملات. كما أعرب المكتب عن قلقه من أن شركات التكنولوجيا يمكن أن تستثمر بيانات العملاء وتهدد خصوصية المستخدم.
ووفقاً لبحث أجرته "ماكينزي" واستشهد به المكتب، تجاوزت شركات التكنولوجيا الكبرى، في بعض المقاييس، المصارف الإقليمية والمجتمعية من حيث ثقة المستهلك في ما يتعلق بالمدفوعات الرقمية.
وقال محللون إنه بدون التدقيق التنظيمي، يمكنهم الاستفادة من هيمنتهم المتزايدة على مدفوعات المستهلكين للحصول على خدمات أخرى مثل الإقراض وإصدار البطاقات.
وبسبب القلق من هذا الاتجاه، مارس القطاع المصرفي الضغط على المنظمين الماليين لاتخاذ إجراءات صارمة ضد عمالقة التكنولوجيا، بحجة أنهم يعرضون خصوصية المستهلكين للخطر، في الرسائل العامة والمدونات وشهادات الكونغرس.
ودعا المكتب إلى تفعيل سلطته بموجب "قانون دود- فرانك" لعام 2010 من أجل تحديد "أكبر المشاركين" في السوق غير المصرفية للمنتجات المالية الاستهلاكية. وكانت المجموعة التجارية في واشنطن "معهد سياسات المصارف" من بين أولئك الذين قادوا تلك الحملة.
تعقيباً، قال كبير المستشارين العامين المساعدين في "بي بي أي" BPI بيج بيدانو باريدون، إنه "ليس من الضروري دائماً أن تكون واضحة للمستهلك العادي ما هي الاختلافات بين المصرف المنظم والمؤمّن مقابل شركة تكنولوجيا غير منظمة تماماً".
على سبيل المثال، يفرض القانون على المصارف الكشف عن ممارساتها المتعلقة بمشاركة المعلومات لعملائها وتواجه قيوداً على بيانات المستهلك التي يمكنها مشاركتها مع أطراف ثالثة.
(رويترز، العربي الجديد)