سجال نيابي حول التوازن المالي وموازنتي 2023 و2024 في لبنان.. كنعان: لن نوقّع شيكاً على بياض

04 سبتمبر 2023
تبحث اللجنة اقتراحين لإعادة التوازن المالي ومعالجة أوضاع المصارف (موقع مجلس النواب)
+ الخط -

فيما بدأت الموازنتان العامتان لعامَي 2023 و2024 في لبنان تسلكان طريقهما بصعوبة في مجلسَي الوزراء والنواب للنقاش والإقرار، اندلعت السجالات بشأن الوضع المالي للدولة اليوم الاثنين، في جلسة عقدتها لجنة المال والموازنة، التي أكد رئيسها إبراهيم كنعان أن اللجنة لن توقع شيكاً على بياض للحكومة التي طالبها بحلول جدية، وإلا فلتصارح الناس بدل رمي المسؤولية على الآخرين.

فقد أعلن المكتب الإعلامي لوزارة المالية في بيان، اليوم، أنه "بعدما انتهت وزارة المالية من إجراء التعديلات كافة التي أقرها مجلس الوزراء على مشروع قانون الموازنة العامة 2023، أرسلت اليوم الصيغة النهائية لمشروع القانون إلى الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء التي ستحيله الى مجلس النواب لمناقشته وإقراره"، وذلك مباشرة بعد توجيه الأمانة العامة لمجلس الوزراء نصّ مشروع قانون موازنة 2024 إلى الوزراء للاطلاع عليه ووضع الملاحظات بشأنه تمهيداً للبدء بمناقشته في جلسات متتالية أوّلها صباح يوم الخميس المقبل. (نصّا مشروعي موازنة 2023 و2024 مرفقان كاملين في أسفل التقرير).

وإثر جلسة لجنة المال والموازنة اليوم، طالب النائب كنعان الحكومة بـ"إرسال التدقيق في حسابات المصارف وموجوداتها لنتأكد مما لديها"، متسائلاً: "لماذا لم يحصل ذلك حتى الآن؟ فلا ثقة لدينا لا بحسابات الدولة ولا بالمصارف بعد الانهيار، ما لم يحصل فيها تدقيق محايد".

وشدد كنعان على أن "لجنة المال لن توقع شيكا على بياض للحكومة، ولن تحمل ضميرها بالموافقة على قانون إطار للودائع من دون تدقيق محايد بالأصول والموجودات، فسيضاف إلى عشرات القوانين غير المنفذة بانتظار المراسيم التطبيقية لسنوات، لا بل لعقود"، وقال: "هنا، تستحضرني قصة الديب والغنمات، فهل نسلم الديب مرة أخرى مصير الغنمات؟".

أضاف: "سألنا الحكومة في جلسة اليوم هل بدأت التدقيق في حسابات المصارف وموجوداتها؟ فكان الجواب لا، في غياب العقد مع الشركة المدققة، والتي تصل كلفته إلى 6 ملايين دولار، بينما صرفت الحكومة مليار و125 مليون دولار من حقوق السحب، ولم يرف لها جفن، وتعرج أمام المبلغ المطلوب لإعادة هيكلة المصارف وإعادة الحقوق للمودعين".

كلام كنعان جاء بعد جلسة لجنة المال، بحضور وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل، والنواب: علي فياض، فؤاد مخزومي، آلان عون، فريد البستاني، أمين شري، إيهاب مطر، نجاة عون، جان طالوزيان، غازي زعيتر، ناصر جابر، سليم عون، سيمون أبي رميا، ميشال الدويهي، رازي الحاج، حسن فضل الله، عدنان طرابلسي، ياسين ياسين، جهاد الصمد، غسان حاصباني، مارك ضو، ميشال معوض، راجي السعد، أسعد ضرغام، جيمي جبور، علي حسن خليل، غادة أيوب، أديب عبد المسيح، طه ناجي، وقاسم هاشم.

كما حضر نائب حاكم مصرف لبنان سليم شاهين، ومستشار رئيس مجلس الوزراء سمير الضاهر، وأمين عام جمعية المصارف فادي خلف، وعضو مجلس إدارة جمعية المصارف روجيه داغر، ورئيسة لجنة الرقابة على المصارف مايا دباغ، ومحامي جمعية المصارف إيلي شمعون.

الحكومة لم ترسل أي قانون إصلاحي إلى مجلس النواب منذ 4 سنوات، باستثناء قانون رفع السرية المصرفية

وبعد الجلسة التي استمرت قرابة ثلاث ساعات، قال كنعان:" جلسة اليوم كانت مخصصة لمتابعة المستجدات حول اقتراح قانون إطار لإعادة التوازن للانتظام المالي في لبنان، واقتراح القانون الرامي إلى معالجة أوضاع المصارف في لبنان. وهما ملفان كان من المفترض أن تجرى إحالتهما من قبل الحكومة بصيغة مشاريع قوانين. ولكن ورودهما الى المجلس جاء بعد استقالة الحكومة وتحوّلها الى تصريف الأعمال، وقد قدما من قبل النائبين جورج بوشكيان وأحمد رستم".

أضاف: "الحكومة لم ترسل أي قانون إصلاحي إلى مجلس النواب منذ 4 سنوات، باستثناء قانون رفع السرية المصرفية الذي أقررناه، والقوانين الأخرى التي تتحدث عنها قدمها النواب. فقد فشلت في إرسال الكابيتال كونترول الذي قدمناه وأقررناه مرتين في لجنة المال. كما فشلت في إرسال قانون إعادة الهيكلة، وقدم من قبل نائبين بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون وتحول الحكومة إلى تصريف الأعمال".

أضاف: "رغم ذلك، عقدنا أكثر من 11 جلسة، وشكلنا لجنة فرعية ودعونا المعنيين بهذين البندين. وتوقّفنا عند مسائل أساسية، لأن الانتظام المالي يتعلّق بالودائع والفجوة المالية. والاقتراحان المقدمان من الزميلين بوشكيان ورستم لا يحملان الضمانات المطلوبة لمعالجة الفجوة واسترداد الودائع".

وتابع: "الفجوة المالية في مصرف لبنان، بحسب تقرير التدقيق الجنائي، تصل بينها وبين المصارف إلى 70 مليار دولار. وما يطرحه اقتراح القانون هو إعادة رسملة مصرف لبنان بمليارين ونصف بسندات مالية في دولة متوقفة عن الدفع، وبيزعلوا لمن نقلن سمك بالبحر".

وأشار إلى أن "الفجوة المالية لا تمكن معالجتها بمليارين ونصف"، وقال: "إن المحور الثاني يتحدث عن استعادة الودائع حتى مبلغ 100 ألف دولار. والتدقيق بهذا الأمر يظهر تصنيف الودائع بين مؤهلة، تم تحويلها قبل 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 من ليرة إلى دولار، وغير مؤهلة جرى تحويلها من الليرة إلى الدولار بعد 17 أكتوبر، وهو تصنيف يؤدي إلى ضياع قسم كبير من الودائع. علما أن هذا التمييز جرى الاعتراض عليه من قبل معظم النواب، لأن الودائع حقوق لا يمكن التمييز بينها بهذا الشكل، بل من الممكن أن يحصل ذلك على أساس مشروع وغير مشروع، وبين قانوني وغير قانوني".

وسأل كنعان: "لماذا تأخر قانون الانتظام المالي 4 سنوات، وذلك بعدما رفعنا الصوت في لجنة المال والموازنة، وبعدما حضر رئيس الحكومة في 1 تموز جلسة للجنة المال، ووعد بمعالجة الموضوع؟ الأمر الذي لم يحصل إلا بصيغة اقتراح قانون قدّم بعد 7 أشهر في نهاية العام 2002".

التدقيق يظهر تصنيف الودائع بين مؤهلة، تم تحويلها قبل 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 من ليرة الى دولار، وغير مؤهلة جرى تحويلها من الليرة إلى الدولار بعد 17 أكتوبر، وهو تصنيف يؤدي إلى ضياع قسم كبير من الودائع

وقال: "المسألة الثانية تتعلّق بالليلرة، وتحويل جزء من هذه الودائع بحسب سعر صيرفة. فعلى أي سعر سيتم ذلك في الوقت الذي أعلنوا فيه انتهاء العمل بصيرفة. أما المسألة الثالثة فتتعلق بـ"البايل إن"، إذا بقي شيء بعد تصنيف الودائع بين مؤهل وغير مؤهل، وبعد الليلرة، وهي تتعلّق بإعطاء المودع أسهماً في المصارف، "فما يزعلوا مني" لأنه، قبل التدقيق في موجودات المصارف وإعادة هيكلتها، فالصورة العامة أنها مفلسة".

وذكّر كنعان بأن "قانون إعادة هيكلة المصارف يجرى التفاوض عليه مجددا من قبل الحكومة مع صندوق النقد الدولي، ما يعني أن الصيغة التي أمامنا يمكن أن تتغيّر، أو لا يوافق عليها صندوق النقد"، وقال: "بناء على ما تقدّم، نطالب بحلول جدية للناس، وإلا فلتخرج الحكومة وتصارح الناس، وتتحمل المسؤولية، بدل التهرب منها ورميها على الآخرين".

أضاف: "هناك شرط في المادة 10 ينسف كل شيء، إذ تشير إلى أنه يرتبط استرجاع الودائع أو أي قسم منها بوضعية كل مصرف على حدة، خصوصا ملاءته وسيولته بعد أن يكون قد خضع لأحكام قانون معالجة أوضاع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها. وهذا يعني "العوض بسلامتكن"، فما الذي يضمن لي كنائب ومشرّع ما الذي سيبقى من المصارف بعد إعادة هيكلتها؟ وما سيبقى منها لتسديد الـ100 ألف دولار للمودع؟".

وأكد كنعان أن "الاقتراحات تحتاج إلى مضامين وإلى من يتحمل المسؤولية، فلا يمكن أن تستمر الحكومة في الهروب من المسؤولية ورميها على سواها"، وقال: "نحن مستعدون لأن نتحمّل المسؤولية تجاه ناسنا وشعبنا، ولكن لا يمكن أن نحمّل ضميرنا ونقر ما لا يتمتع بمقومات التطبيق والنجاح، ونعلم مسبقاً أنه لا ينفّذ".

الاقتراحات تحتاج إلى مضامين وإلى من يتحمل المسؤولية، فلا يمكن أن تستمر الحكومة في الهروب من المسؤولية ورميها على سواها

أضاف: "من جملة رمي المسؤوليات التسريب اليوم أن لجنة المال لم تبدأ نقاش موازنة العام 2023. وقد تبين لنا أن المشروع لم يصل إلى المجلس النيابي، وهو ما أكده أمين عام المجلس النيابي عند تواصلي معه اليوم، وهذا الأمر يدل على تهرب الحكومة من المسؤولية وإلقائها جزافا وزورا على المجلس النيابي وتحديدا لجنة المال".

وختم: "على الحكومة أن تقوم بشغلها"، ونحن مستعدون للبدء بأرقام أولية في حال ورودها إلينا من المصارف والجهات الرسمية الحكومية ولجنة الرقابة على المصارف، شرط أن تأتي وفق صيغة رسمية لا على مسؤولية أفراد من ضمن الفريق الحكومي، إلى حين الانتهاء من التدقيق النهائي المطلوب منذ اللحظة الأولى للانهيار، للحؤول دون المزيد من هدر الوقت الذي قامت به الحكومة الحالية والتي سبقتها".

المساهمون