زيادة في أسعار الخبز تثير سخط اليمنيين... معاناة معيشية تتفاقم

02 يونيو 2024
بائع يعرض الخبز في سوق بمدينة تعز، 4 أكتوبر 2022 (أحمد الباشا/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تصاعد السخط الشعبي في اليمن، خاصة في المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دوليًا، بسبب ارتفاع أسعار الخبز وتدهور الأوضاع الاقتصادية وقيمة العملة.
- محاولات حكومية لتخفيض أسعار الخبز عبر تسعيرة جديدة قوبلت بالرفض من المخابز، مما أدى إلى إضرابات وحملات تنديد على وسائل التواصل الاجتماعي.
- الأزمة تعكس التعقيدات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن، مع تأكيد على ضرورة تدخل أوسع لدعم العملة وتحسين الأوضاع الاقتصادية لحل الأزمة بشكل جذري.

تتسع رقعة السخط بين اليمنيين بسبب رفع أسعار الخبز في مناطق عدة خاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، وسط تدهور العملة، ما يفاقم معاناة ملايين الأشخاص الذين جرفتهم سنوات الصراع إلى الفقر والعوز.

ورغم عدول محافظ تعز نبيل شمسان الأسبوع الماضي عن زيادة أقرها في أسعار الخبز وسط سخط شعبي من القرار، فإن المخابز رفضت العودة إلى التسعيرة القديمة وتمسكت بزيادة الأسعار، مشيرة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وسط تدهور العملة اليمنية في مناطق سيطرة الحكومة، إذ قفز الدولار في الأيام الماضية إلى نحو 1750 ريالاً.

التسعيرة التي أصدرها محافظ تعز نبيل شمسان كانت تحدد سعر بيع الأقراص الثلاثة من الروتي بـ200 ريال، وحددت حجم القرص الروتي بـ 45 غراماً، وسعر الكيلو من الروتي والخبز بـ1400 ريال. لكنه عدل عن هذه الأسعار وأصدر توجيهاته بإعادة التسعيرة القديمة، والمحددة بـ1000 ريال للكيلو، على أن يباع القرص حجم 50 غراماً بـ50 ريالاً. لكن مواطنين أكدوا لـ"العربي الجديد" أن معظم الأفران رفضت العودة إلى التسعيرة القديمة وتشبثت بالتسعيرة الجديدة، حيث تبيع الأفران ثلاثة أقراص بـ 200 ريال.

أزمة الروتي لم تكن في تعز فقط، بل امتدت إلى مدن أخرى، حيث كانت مخابز وأفران عدن التي تتخذ منها الحكومة عاصمة مؤقتة جنوبيّ البلاد، قد بدأت السبت قبل الماضي إضراباً عن العمل، للمطالبة باعتماد سعر 100 ريال للقرص الواحد وزن 60 غراماً، غير أنها علقت الإضراب اليوم التالي. وأشارت جمعية المخابز والأفران المهنية في بيان حينها إلى أنها قررت العودة لبيع الروتي بسعر 75 ريالاً للقرص الواحد لمدة أقصاها 15 يوماً، يتم من خلالها الجلوس مع الجهات المعنية.

وأضافت الجمعية أنه خلال الجلوس مع الجهات المعنية ستُناقَش تكلفة إنتاج الروتي والخروج برؤية توافقية منصفة لتحديد بيع الروتي للمواطن حسب تغيرات الأسعار صعوداً أو هبوطاً. ولفتت إلى أن قرارها تعليق الإضراب والعودة إلى بيع الروتي جاء بناءً على طلب مكتب الصناعة والتجارة، والوعود بدراسة تكلفة الروتي.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وكان ناشطون قد دشنوا حملة في وسائل التواصل الاجتماعي للتنديد بارتفاع أسعار الروتي، معتبرين أن ذلك يأتي في سياق حرب على قوت ولقمة عيش المواطنين في ظل ارتفاع جنوني للأسعار، وإيقاف صرف الرواتب في معظم مناطق البلاد، وانهيار غير مسبوق للعملة، وهي العوامل التي سببت كارثة إنسانية غير مسبوقة في البلد الذي يعاني الحرب منذ تسع سنوات.

وقال محمد العزي (مواطن من تعز) لـ"العربي الجديد" إن أصحاب الأفران قلصوا وزن الخبز، حيث يصل وزن القرص الروتي من 20 إلى 25 غراماً فقط، وتُباع ثلاثة أقراص بـ 200 ريال، ما يعني أن المخبز يبيع الكيلو بحوالى 2700 ريال، وهو ضعف السعر المحدد.

وأضاف العزي أن "مكتب الصناعة والتجارة يصدر تسعيرة لسعر الخبز ووزنه، ولا يلزم الأفران باستخدام الوزن، حيث إن معظم، إن لم يكن كل الأفران لا تستخدم الميزان خلال البيع، وهذا يتيح لأصحاب الأفران التلاعب بالوزن وزيادة أرباحهم، خصوصاً إذا عرفنا أن كيس الدقيق وزن 50 كيلوغراماً يُستخدم لصناعة حوالى 1800 قرص، ولك أن تتخيل الأرباح التي يجنيها صاحب الفرن".

في المقابل، قال فيصل الشرعبي (صاحب فرن في تعز) لـ"العربي الجديد" إن "أصحاب الأفران متضررون من عدم استقرار سعر صرف العملة، والتدهور الكبير فيه، حيث يزداد سعر الكيس الدقيق الذي وصل إلى 50 ألف ريال لوزن 50 كيلوغراماً، أضف إلى ذلك ارتفاع الصرفيات الأخرى من إيجار وكهرباء والديزل ورواتب عمال، ونلاحظ أن معظم الأفران تحولت إلى استخدام الحطب بدلاً من الديزل نتيجة لارتفاع سعره المتزايد".

وأضاف الشرعبي: "من مصلحتنا تثبيت سعر الخبز، وهذا يحتم تثبيت سعر الصرف كي يثبت سعر الدقيق والديزل، وحينها من حق السلطات فرض التسعيرة التي تتناسب مع مصلحة أصحاب الأفران ومصلحة المستهلكين، لكن لا يجوز إلزامنا بسعر وحجم محدد في ظل الارتفاع المتزايد لأسعار الدقيق والديزل والكهرباء والإيجارات وزيادة النفقات التشغيلية".

وقال المدير العام لمكتب الصناعة والتجارة في تعز، عبد الرحمن القليعة، لـ"العربي الجديد" إن "عدم استقرار سعر الصرف، وانهيار قيمة العملة المحلية والارتفاع الجنوني للأسعار، خصوصاً في ظل الظروف الكارثية التي تعيشها البلاد، جعلتنا في حيرة من أمرنا رغم أننا نبذل جهوداً كبيرة لتخفيف معاناة المواطنين، وخصوصاً في رغيف الخبز، مع عدم وجود منافسة حقيقية لاستيراد الدقيق، وكذلك عدم وجود معالجات لسعر صرف العملة، هذا الأمر أدى إلى ضعف القوة الشرائية للمواطنين، ما اضطرنا إلى مواكبة هذه المتغيرات وتسخيرها لصالح المواطن".

وأضاف القليعة: "ألزمنا الأفران بالبيع بالكيلوغرام وأجزائه، وحددنا سقفاً للسعر أسوة بسعر العاصمة المؤقتة عدن، ونتيجة لفقد الرغيف الكثير من وزنه حتى وصلت قيمة الأقراص الأربعة من الروتي إلى 200 ريال عند وزن 90 إلى 100 غرام في أحسن الأحوال، وحاولنا خلال الأيام الثلاثة الماضية تثبيت السعر، وزيادة الوزن من 90 غراماً إلى 135غراماً بسعر 200 ريال".

وتابع قائلاً: "الآن نحن بصدد إعداد دراسة أخرى لتكلفة إنتاج الرغيف، وهذا الوضع سائد في كل المحافظات مع تكثيف لجان الرقابة على الأفران للحفاظ على الوزن، واتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المخالفين، هذا كل ما نمتلكه من حلول، لذلك نتمنى من الدولة ودول التحالف وكل المهتمين بالشأن اليمني التدخل لدعم العملة، وعمل المعالجات لإيقاف هذا التدهور الذي ألقى بظلاله سلباً على كل متطلبات الحياة".

المساهمون