أدركت العقوبات الغربية على روسيا بعد غزوها أوكرانيا، الملياردير رومان أبراموفيتش، مالك نادي تشلسي اللندني لكرة القدم، الذي طالما فضّل الابتعاد عن الأضواء، إلى درجة لم يعرف عنه أنّه منح حواراً صحافياً لأيّ وسيلة إعلامية.
وجد الملياردير الروسي، الذي تقدَّر ثروته بنحو 13 مليار دولار، نفسه في بؤرة الضوء بسبب قربه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إذ كان لأبراموفيتش توجه ملهم للعديد من أباطرة المال الروس والصناديق السيادية، وذلك عبر شرائه نادي تشلسي في عام 2003.
ليس أبراموفيتش الأكثر ثراءً من بين ما يطلق عليها الأوليغارشية الروسية، لكنّه الأكثر شهرة، خصوصاً بعد شرائه نادي تشلسي، إذ شرعت وسائل الإعلام في الاهتمام بتفاصيل مساره ونمط حياته.
ويوم السبت الماضي جردت رابطة الدوري الإنكليزي الملياردير من منصبه مديراً لنادي تشلسي، فقد تعرض لعقوبات من الحكومة البريطانية، ووضع النادي اللندني تحت قيود صارمة بعد العقوبات المفروضة على مالكه، الذي جُمدت أصوله.
وسُلطت الأضواء على الملياردير الروسي، الحاصل على الجنسية البرتغالية في 2021، إذ راقب البعض عبر مواقع التتبع تحرك يخته بولاريس الذي يبلغ طوله 140 متراً، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وتتابع العقوبات على المؤسسات المالية الروسية والمقربين من بوتين، حيث أشارت تقارير غربية إلى رسوّه قبالة سواحل مونتينيغرو على بحر الأدرياتيكي.
وُلد أبراموفيتش ذو الجذور اليهودية الأوكرانية، في سراتوف بالاتحاد السوفييتي قبل خمسة وخمسين عاماً، وتوفي والداه وهو لم يتجاوز الرابعة، وتولى عمه رعايته، إذ تعلّق به كثيراً.
درس الرياضيات في موسكو، قبل أن يدخل عالم الأعمال، حيث أسس شركة صغيرة، في ظل "البريسترويكا" التي أشرفت على تحرير الاقتصاد في الاتحاد السوفييتي في روسيا، التي أطلقها ميخائيل غورباتشوف، اعتباراً من 1986 وإلى غاية سقوط النظام في 1991.
استفاد أبراموفيتش من قربه من المليادير بوريس بيروزوفسكي، الذي أتاح له الاستفادة من علاقاته الممتدة، نظراً لتحكمه في العديد من وسائل الإعلام الروسية، قبل أن يرحل في ظروف غامضة إلى بريطانيا في 2013، التي اختارها منفىً له، نظراً لمعارضته فلاديمير بوتين.
واستفاد أيضاً من موجة الخصخصة التي عرفتها روسيا في عهد الرئيس الأسبق بوريس يلتسين، بل إن أبراموفيتش تمكن من الحصول على جزء من حصص الدولة في المجموعة البترولية "سيبنيفت"، واستثمر في الألومنيوم.
ويمثل أبراموفيتش نموذجاً جيداً لما يريده بوتين من الأوليغارشية، حيث كان الرئيس ينتظر منهم المساهمة في المشاريع الكبرى في روسيا، وعدم الانخراط في الشأن السياسي، حيث ضمن لهم عدم التعرض للمساءلة من قبل القضاء.
وهذا النموذج على خط مغاير للملياردير ميخائيل خودوركوفسكي، مالك المجموعة البترولية لوكاس، الذي ارتأى إنجاز مشاريع مع الأميركيين وممارسة السياسة، ما كان سبباً في محاكمته وإدانته بعشرة أعوام سجناً، قبل أن يطلق سراحه قبل تسعة أعوام.
موّل أبراموفيتش حملة الانتخابات من أجل وصول الرئيس الأسبق بوريس يلتسين إلى رئاسة البلد في 1991، وساهم في تمويل الحملة الانتخابية لخلفه فلاديمير بوتين، وأخذ مسافة مع عائلة الرئيس الأسبق.
تأقلم، كما العديد من نخبة الأوليغارشية، مع التحول الذي حدث في التسعينيات من القرن الماضي، حين حاول إنجاز مشاريع يحصّل بها نوعاً من القبول لدى بوتين، فرعى تشييد العديد من ملاعب كرة القدم في بلده.
كان حاكماً لمنطقة شوكوتكا ذاتية الحكم في روسيا بين 2001 و2008، لكنّه لم يكشف عن أيّ طموح سياسي، وعندما اشترى نادي تشلسي، فتح الباب أمام مليارديرات روس من أجل الحصول على حصص في أندية أخرى.
غير أنّ الملياردير الذي يحمل جنسيات روسيا وإسرائيل والبرتغال، بدأ يجد بعض الصعوبات في بريطانيا، بعد ضمّ روسيا للقرم في 2014 واغتيال سيرغي سكريبال، الجاسوس الروسي السابق الذي أضحى عميلاً لبريطانيا.
قبل العقوبات التي طاولته، أعلن أبراموفيتش، قراره ببيع تشلسي، والتزم توجيه عائدات عملية البيع إلى مؤسسة خيرية ستعمل لفائدة ضحايا الحرب في أوكرانيا.