نفت مجموعة غازبروم الروسية العملاقة تقليص شحنات الغاز الموجهة إلى أوروبا عمداً، منتقدة في الوقت نفسه إعادة ألمانيا بيع كميات من الغاز إلى بولندا في أوج ارتفاع الأسعار، بينما باعته الشركة الروسية لبرلين بأسعار مخفضة.
وقال سيرغي كوبريانوف، الناطق باسم غازبروم، في تصريحات تلفزيونية نقلتها وكالة "فرانس برس"، اليوم الأحد: "نلاحظ اتجاها عكسيا لتدفق الغاز من ألمانيا إلى بولندا، وكذلك إلى أوكرانيا على ما يبدو، بما يتراوح بين ثلاثة وخمسة ملايين متر مكعب يومياً".
ألمانيا تبيع الغاز بأسعار أعلى
وأضاف أن "هذا الغاز يأتي من الخزانات الجوفية في ألمانيا التي استخدم 47% من الغاز الذي تحويه مع أن الشتاء في بدايته"، معتبرا أن "هذا القرار ليس الأكثر عقلانية".
وتابع كوبريانوف أن أسعار هذه الشحنات "أعلى بكثير من أسعار الكميات التي تسلمها شركة غازبروم".
وكانت الممثلية الدائمة لبولندا لدى الاتحاد الأوروبي اتهمت موسكو، الأربعاء الماضي، بوقف شحناتها من الغاز عبر خط أنابيب الغاز يامال-أوروبا بين روسيا وبولندا وألمانيا، متهمة المجموعة الروسية بـ"التلاعب".
غازبروم سلمت ألمانيا 50.2 مليار متر مكعب من الغاز هذا العام بزيادة 5.3 مليارات متر مكعب عن العام الماضي، وفق غازبروم
ورد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الخميس الماضي، بالتأكيد أن "غازبروم" لا ترسل صادرات جديدة عبر خط الأنابيب هذا بسبب عدم وجود طلبيات أوروبية جديدة.
وتواجه أوروبا الغربية منذ أشهر ارتفاعا جنونيا في أسعار الغاز، بسبب عوامل عدة، بينها شتاء شديد البرودة والانتعاش الاقتصادي وانخفاض إمدادات الطاقات المتجددة.
وسجل سعر الغاز في أوروبا رقماً قياسياً جديداً، الأسبوع الماضي، مع انخفاض درجات الحرارة، إلى جانب التوتر الجيوسياسي بين الاتحاد الأوروبي وموسكو التي تؤمّن ثلث الإمدادات الأوروبية.
وتجاوزت أسعار الطاقة بفعل قفزات أسعار الغاز 100 يورو (113 دولاراً) للميغاواط/الساعة، نهاية الأسبوع الماضي، وهو أعلى مستوى على الإطلاق، وفق ما نقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية عن محللين في قطاع الطاقة، يوم الجمعة الماضي.
وارتفعت الأسعار الآجلة للغاز بالأساس إلى أكثر من الضعف خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في الوقت الذي راهن فيه التجار على استمرار الضغط غير المسبوق حتى أوائل عام 2023.
ويشتبه الغربيون بأن روسيا تحد من شحناتها للضغط على الأوروبيين، وتحقيق مكاسب في ملفات عدة، بما في ذلك إطلاق خط أنابيب الغاز الروسي الألماني الجديد "نورد ستريم 2".
كميات أكبر إلى ألمانيا
وقال الناطق باسم غازبروم، إن "الاتهامات الموجهة لروسيا وغازبروم بأننا نمد السوق الأوروبية بكمية قليلة من الغاز لا أساس لها على الإطلاق".
وأضاف أن "غازبروم سلمت هذا العام 50.2 مليار متر مكعب إلى ألمانيا بزيادة 5.3 مليارات متر مكعب عن العام الماضي، وسلمت كميات من الغاز أكبر من العام الماضي إلى البلدان التالية: إيطاليا وتركيا وبلغاريا وصربيا والدنمارك وفنلندا وبولندا".
الأسعار الآجلة للغاز ارتفعت في أوروبا إلى أكثر من الضعف خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي
وروسيا متهمة أيضا بعدم إرسال كميات إضافية من الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا، بسبب التوتر الشديد بين موسكو وكييف، وهو اتهام تنفيه موسكو.
ويبدو أن أزمة ارتفاع أسعار الغاز سترافق أوروبا حتى 2023، إذ لا تلوح في الأفق انفراجة قريبة.
وقال كوشال راميش، كبير المحللين لدى شركة "رايستاد إنيرجي" للاستشارات في النرويج: "لا يبدو أن المساعدة قادمة، وتشير الزيادة في الأسعار الآجلة إلى عام آخر من التقلبات واستمرار بيئة الأسعار المرتفعة".
وبجانب أسعار الغاز المتزايدة، سيجري وقف حوالى ثلث الطاقة النووية الفرنسية مع مطلع الشهر المقبل.
وفي المعتاد، تصدّر البلاد الكهرباء في أوقات الذروة إلى الدول المجاورة، لكنها في الوقت الحالي ستكون بحاجة إلى الاستيراد، وهو ما سيسفر عنه صعود في الأسعار في الأنحاء كافة.
كذلك، ستُغلَق ثلاث محطات للطاقة النووية في ألمانيا بحلول نهاية العام الجاري، وبالتالي لن تكون متوافرة خلال الفترة الأكثر برودة من فصل الشتاء.