أعلنت روسيا، السبت، تعليق مشاركتها في الاتفاق الذي يضمن مواصلة تصدير الحبوب الأوكرانية، الحيوي للإمدادات الغذائية للدول الفقيرة، وذلك بعد هجوم بطائرات مسيّرة استهدف صباحا سفنا روسية في شبه جزيرة القرم.
وقالت وزارة الدفاع الروسية على "تليغرام"، وفقا لوكالة "فرانس برس"، إنه "بالنظر إلى العمل الإرهابي الذي نفذه نظام كييف بمشاركة خبراء بريطانيين ضد سفن في أسطول البحر الأسود وسفن مدنية تشارك في (ضمان) أمن ممرات (نقل) الحبوب، تعلّق روسيا مشاركتها في تطبيق الاتفاق حول صادرات المنتجات الزراعية من المرافئ الأوكرانية".
انتقادات دولية
من جانبه، قال متحدث باسم الأمم المتحدة، اليوم السبت، إن المنظمة على اتصال بالسلطات الروسية، بعد ورود تقارير عن تعليق موسكو مشاركتها في الاتفاق الذي أدى إلى استئناف صادرات الحبوب والأسمدة الأوكرانية عبر البحر الأسود.
وأضاف المتحدث ستيفان دوجاريك، وفقا لوكالة "رويترز"، أنه "من الضروري أن تمتنع جميع الأطراف عن أي عمل من شأنه أن يعرّض مبادرة حبوب البحر الأسود للخطر، وهي جهد إنساني مهم له تأثير إيجابي واضح على وصول الغذاء إلى ملايين الأشخاص حول العالم".
من جهتها، قالت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي، اليوم السبت، إن التكتل يدعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة للحفاظ على اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية، بعد أن أعلنت موسكو انسحابها منه.
وأضافت نبيلة مصرالي، المتحدثة باسم الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في المفوضية الأوروبية، "إننا.. نشدد على أنه يتعين على جميع الأطراف الامتناع عن أي إجراء أحادي من شأنه أن يعرّض مبادرة حبوب البحر الأسود للخطر، وهي جهد إنساني مهم له تأثير إيجابي بوضوح على الحصول على الغذاء بالنسبة لملايين الناس في أنحاء العالم".
واعتبرت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض أن روسيا تستخدم "الغذاء سلاحا".
وقالت أدريين واتسون في بيان إن "روسيا تحاول مجددا استعمال الحرب التي بدأتها ذريعة لاستخدام الغذاء سلاحا، الأمر الذي يوثر مباشرة في البلدان على صعيد الحاجة واسعار المواد الغذائية في مختلف أنحاء العالم، ويفاقم الأزمات الإنسانية الخطيرة أصلا وانعدام الأمن الغذائي".
بينما أفاد مصدر أمني تركي وكالة "فرانس برس"، اليوم، بأن "تركيا لم تتبلغ رسميا" بانسحاب روسيا من الاتفاق الدولي بشأن صادرات الحبوب.
نفي أوكراني
في المقابل، قالت وزارة البنية التحتية الأوكرانية إن أوكرانيا لم تهدد مطلقا ممر الحبوب في البحر الأسود الذي يشكل "طبيعة إنسانية خاصة"، وستواصل مساعيها لاستمرار الشحنات.
وأشارت الوزارة، وفقا لوكالة "أسوشييتد برس"، إلى أنه منذ مغادرة أول سفينة ميناء أوديسا في الأول من أغسطس/ آب، تم تصدير أكثر من 9 ملايين طن من المواد الغذائية، بينها أكثر من 5 ملايين طن إلى دول أفريقية وآسيوية.
وأضافت أنه في إطار برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، تم إرسال 190 ألف طن من القمح إلى دول تعاني الجوع.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن تعليق روسيا اتفاق تصدير الحبوب في البحر الأسود يتطلب ردا دوليا قويا من الأمم المتحدة ودول مجموعة العشرين.
وفي كلمة مصورة، اتهم زيلينسكي روسيا بمحاولة إحداث مجاعة مصطنعة في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا.
وجاء الإعلان الروسي غداة دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس روسيا وأوكرانيا إلى تجديد الاتفاق، كما حث غوتيريس الدول الأخرى، خاصة في الغرب، على الإسراع في إزالة العقبات التي تعترض سبيل صادرات الحبوب والأسمدة الروسية.
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة على الضرورة الملحّة لتجديد الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا في يوليو/تموز، والذي ينتهي في 19 نوفمبر/تشرين الثاني، "للمساهمة في الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم، والتخفيف من المعاناة التي تسببها تكلفة المعيشة على الصعيد العالمي"، حسب ما قال المتحدث باسمه، الذي أضاف أن "الأزمة تطاول المليارات من الأشخاص".
توريد الحبوب إلى الدول الفقيرة
في السياق، نقلت وكالة تاس للأنباء عن وزير الزراعة الروسي دميتري باتروشيف قوله، اليوم السبت، إن موسكو مستعدة لتوريد ما يصل إلى 500 ألف طن من الحبوب إلى الدول الفقيرة خلال الأشهر الأربعة المقبلة بمساعدة تركيا.
وقالت روسيا، أمس الجمعة، إن ثلاثة بالمائة فقط من المواد الغذائية المصدرة بموجب اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة لإخراج الحبوب من الموانئ الأوكرانية المحاصرة ذهب إلى البلدان الأشد فقرا، وحصلت الدول الغربية على نصف الشحنات الكلية.
ومنذ توقيع روسيا وأوكرانيا على مبادرة حبوب البحر الأسود المدعومة من الأمم المتحدة في تركيا، في 22 يوليو/تموز، تم تصدير عدة ملايين من أطنان الذرة والقمح ومنتجات دوار الشمس والشعير وبذور اللفت وفول الصويا من أوكرانيا.
(فرانس برس، رويترز، أسوشييتد برس، العربي الجديد)