روسيا: تحول استراتيجي نحو الأسواق الآسيوية والأفريقية في ظل العقوبات

04 يناير 2025
روسيا تتجه إلى أسواق آسيا وأفريقيا لتفادي العقوبات (الكسندر نومونوف/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت تجارة روسيا الخارجية في 2024 تغييرات بسبب العقوبات والاضطرابات الجيوسياسية، حيث زادت الصادرات بنسبة 0.5% لتصل إلى 278 مليار دولار، مع تركيز على أسواق آسيا وأفريقيا.
- ارتفعت واردات روسيا من جنوب شرق آسيا، حيث سجلت الصين أعلى حجم واردات، رغم انخفاض إجمالي الواردات بنسبة 6.5% إلى 178 مليار دولار بسبب تحديات المدفوعات.
- تسعى روسيا لتعزيز استخدام العملات الوطنية في التجارة، حيث تشكل 42% من المعاملات، مع انخفاض حصة الدولار واليورو وزيادة استخدام اليوان والروبل.

شهدت تجارة روسيا الخارجية تغييرات ملحوظة خلال العام الماضي، حيث أدت العقوبات والاضطرابات الجيوسياسية إلى ضرورة تكيف الاقتصاد مع واقع جديد. ورغم هذه التحديات، حقق حجم الصادرات في الأشهر الثمانية الأولى زيادة طفيفة بلغت 0.5%، ليصل إلى 278 مليار دولار مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، وفقاً للبيانات المنشورة سابقاً على الموقع الرسمي لدائرة الجمارك الروسية. 

وتركز اهتمام المصدرين الروس خاصة على أسواق آسيا وأفريقيا في ظل العقوبات الغربية. وبحسب البيانات الصادرة عن الخدمة الفيدرالية للجمارك، فقد احتلت دول آسيا الصدارة في حجم الصادرات للعام الماضي من الفترة نفسها، حيث بلغت قيمتها 209.2 مليارات دولار، تلتها دول الاتحاد الأوروبي، التي رغم العقوبات والقيود المالية، سجلت صادرات بقيمة 43.8 مليار دولار، بينما جاءت دول أفريقيا في المرتبة الثالثة بحجم صادرات بلغ 16.4 مليار دولار. 

وتعتبر إعادة توجيه الصادرات نحو أسواق آسيا والشرق الأوسط ودول رابطة الدول المستقلة من أبرز سمات التجارة الخارجية الروسية في عام 2024. وأشار الخبراء الروس إلى أن هذه الظاهرة تعود إلى عوامل لوجستية واقتصادية جديدة، حيث أدت العقوبات إلى زيادة تكاليف الشحن وفرض قيود على العمليات المالية مع الشركاء الأجانب.

نتيجة لذلك، بدأت الشركات الروسية بتعزيز قدراتها الإنتاجية الداخلية والبحث عن وجهات تصديرية جديدة، ووفقاً لصحيفة "إزفيستيا" الروسية، فإنه على صعيد الواردات، شهدت روسيا زيادة ملحوظة في استيراد السلع من دول جنوب شرق آسيا، حيث سجلت الصين أعلى حجم واردات بلغ 104.19 مليارات دولار بين يناير/كانون الثاني ونوفمبر/تشرين الثاني 2024، بحسب ما تظهر بيانات للجمارك الصينية، تلتها الهند التي سجلت واردات بقيمة 35.8 مليار دولار في النصف الأول من العام نفسه، كما بلغ حجم الواردات في الفترة نفسها من بيلاروسيا 12.5 مليار دولار، ومن دول أميركا اللاتينية 9.3 مليارات دولار. 

ورغم هذه الزيادة في الواردات من بعض الدول، شهد إجمالي حجم الواردات إلى روسيا انخفاضاً طفيفاً بسبب التحديات المتعلقة بالمدفوعات التي واجهها المستوردون طوال عام 2024. ومن المتوقع أن تستمر القيود التجارية والمالية في التأثير سلباً على التجارة الخارجية بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي للعام الجديد، مما سيعزز من دور الدول الآسيوية والأفريقية في التجارة الروسية في المستقبل، وفقاً لما ذكره مدير المدرسة العليا للاقتصاد دميتري زافياكوف، لصحيفة "إزفيستيا" اليوم السبت. 

تجارة روسيا مع الاتحاد الأوروبي 

بحسب بيانات منشورة في وقت سابق على الموقع الرسمي للجمارك الروسية، انخفضت الواردات في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024 بنسبة 6.5% لتصل إلى 178 مليار دولار، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023. ويرجع هذا الانخفاض بشكل رئيسي إلى تراجع الشحنات إلى أوروبا والشراء منها، حيث انخفضت الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 27.2% لتصل إلى 43.8 مليار دولار، بينما تراجعت الواردات بنسبة 10.3% لتبلغ 47.9 مليار دولار.

وتتابع الصحيفة، أن النصف الثاني من عام 2024 شهد تحسناً في الوضع الاقتصادي الخارجي مع دول الاتحاد الأوروبي رغم العقوبات. وكانت المنتجات الرئيسية المصدرة من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي تشمل الأسمدة والغاز الطبيعي والحديد والصلب، بينما انخفضت شحنات النيكل والنفط الخام. وتوقع خبراء روس للصحيفة، اليوم السبت، أن تستمر الاتجاهات الحالية نحو تقليص حصة الصادرات والواردات من الاتحاد الأوروبي والدول غير الصديقة، بينما ستستمر حصة الدول الصديقة والمحايدة في الارتفاع. 

العملات المستخدمة في التجارة 

في ما يتعلق بمدفوعات الصادرات والواردات، تسعى روسيا إلى تعزيز استخدام العملات الوطنية. ووفقاً لبيانات البنك المركزي، تشكل حصة الدولار واليورو والعملات الأخرى للدول غير الصديقة حوالي 18% من المعاملات. بينما تبلغ حصة العملات الوطنية للدول الصديقة حوالي 42%. ويعتبر الروبل الأكثر شيوعاً بوصفه وسيلة للتسوية في منطقة الكاريبي (59.4%) وأفريقيا (92%). ووفق خبراء روس فإن هذا الانتقال يعود إلى استخدام العملات الوطنية بسبب المشكلات التي واجهت الشركات في إجراء المدفوعات المتعلقة بالعقود. وفي وقت لاحق أفاد تقرير صادر عن وزارة الصناعة والتجارة بأن 52% من المستوردين الروس واجهوا صعوبات في إجراء المدفوعات الدولية خلال عام 2023. ولم تقتصر هذه الصعوبات على الدولار فقط، بل شملت أيضاً عملات أخرى. وفي عام 2024، ظهرت تحديات جديدة، إذ بدأت البنوك الصينية بالتوقف عن قبول المدفوعات من الأطراف الروسية وكذلك عن سداد المبالغ المستردة. وتشير التوجهات الحالية إلى أن حصة المدفوعات بالدولار واليورو قد انخفضت بشكل ملحوظ، حيث أصبحت المدفوعات تُجرى بشكل متزايد باليوان، كما يوضح الخبير الاقتصادي، دميتري أرزانخ لصحيفة "إزفيستيا" الروسية. ويضيف أن التحويلات المالية عبر البنوك الروسية شهدت في عام 2024 استمرار الاتجاه نحو استخدام العملات المحلية. 

توقعات تجارة روسيا الخارجية لعام 2025 

أما ما يخص توقعات التجارة الخارجية لروسيا في عام 2025، فإن الآراء تختلف بسبب القيود المفروضة نتيجة العقوبات، والتي تؤثر على الأنشطة الاقتصادية الخارجية. ويتوقع الخبير الاقتصادي ميخائيل خاتشاتوريان لصحيفة "إزفيستيا" الروسية، أن يصل حجم الصادرات الروسية في عام 2025 إلى ما بين 285 و295 مليار دولار، بينما قد تصل الواردات إلى ما بين 187 و194 مليار دولار. ويشير الخبراء إلى أن العوامل الرئيسية التي قد تؤثر على حجم التجارة الخارجية تشمل القيود الخارجية والمخاطر المحتملة للعقوبات الثانوية ضد الشركاء التجاريين. في السياق، يتوقع الخبير دميتري أرزانخ للصحيفة الروسية، استمرار الصعوبات المتعلقة بالمدفوعات التجارية وتدمير سلاسل الإمداد الدولية في عام 2025.

المساهمون