يتجه المصرف المركزي الروسي، في أول اجتماع له حول الفائدة هذا العام غداً الجمعة، لرفع سعر الفائدة الأساسية بنسبة نقطة مئوية واحدة، دفعة واحدة، من 8.5 في المائة إلى 9.5 في المائة، وسط عمل السلطات الروسية على ردع وتيرة التضخم المتسارعة روسياً وعالمياً.
وفي هذه الحالة، سيكون المركزي الروسي قد رفع الفائدة الأساسية للمرة الثامنة على التوالي منذ توجهه نحو تشديد سياساته النقدية الائتمانية منذ ربيع العام الماضي، وسط اقتراب وتيرة التضخم في روسيا من مستوى 9 في المائة على أساس سنوي.
ومع ذلك، يقلل كبير المحللين في مجموعة "تيلي تريد" للتداول في موسكو، مارك غويخمان، من أهمية إجراءات المصرف المركزي في خفض وتيرة التضخم، مرجحا في الوقت نفسه تراجعا لوتيرة ارتفاع الأسعار في الأشهر المقبلة تحت وطأة العوامل الخارجية، وفي مقدمتها توجه المصارف المركزية الغربية الرائدة نحو رفع الفائدة.
ويقول غويخمان لـ"العربي الجديد": "رفع سعر الفائدة الأساسية هو الأسلوب الكلاسيكي للمصرف المركزي لمواجهة ارتفاع الأسعار عن طريق زيادة سعر الأموال، ما يزيد من صعوبة الحصول عليها واستخدامها للمشتريات بعد ارتفاع الفوائد على القروض، بينما يزيد ارتفاع الفوائد على الودائع من إقبال المواطنين عليها بدلا من المتاجر. ولكن الرفع المتكرر لسعر الفائدة الأساسية لم ينجح حتى الآن بسبب ضخ الأموال في الاقتصاد العالمي بواسطة المصارف المركزية الرائدة لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، ما أحدث خللا في سلاسل الإمدادات".
ويلفت إلى أن حتى رفع الفائدة الأساسية بالوتيرة الحالية لا يساعد في التغلب على التضخم، مضيفا: "في يناير/كانون الثاني الماضي، تسارعت وتيرة التضخم في روسيا إلى 8.8 في المائة على أساس سنوي، وحتى الرفع الحاد لسعر الفائدة لا يساعد في تخفيفه. وتعكس التوقعات برفع الفائدة إلى 9.5 في المائة سعي المصرف المركزي لا لمواكبة التضخم فحسب، وإنما أيضا للتسابق معه بالمعنى الحرفي للكلمة".
ومع ذلك، يتوقع غويخمان تباطؤا لوتيرة التضخم في روسيا خلال الأشهر المقبلة، مرجحا "تراجعا لوتيرة ارتفاع الأسعار تحت مفعول العوامل الخارجية، مثل تشديد المصارف المركزية الغربية سياساتها النقدية والزيادة التدريجية لإنتاج السلع ما سيستوعب الفوائض المالية"، مخلصا إلى أن وتيرة التضخم قد تتراجع إلى نحو 6 في المائة بحلول نهاية العام.
وفي تلك الأثناء، أجمع محللون ماليون من المؤسسات المالية الرائدة، استطلعت صحيفة "فيدوموستي" الروسية المتخصصة في الشأن الاقتصادي آراءهم، على أنه سيتم رفع سعر الفائدة الأساسية في اجتماع الغد.
وتوقع 11 من أصل 17 محللا رفعاً حاداً بنسبة نقطة مئوية دفعة واحدة إلى 9.5 في المائة، فيما توقع ستة آخرون رفعها بنسبة ما بين 0.5 و نقطة مئوية، بينما لم يتوقع أي من المحللين المستطلعة آراؤهم الإبقاء على سعر الفائدة عند المستوى الحالي البالغ 8.5 في المائة.
وأجمع المحللون على أن التضخم من بين الأسباب الرئيسية التي قد تدفع المصرف لرفع الفائدة بهذه الصورة الراديكالية، بالإضافة إلى المخاطر الجيوسياسية وما ترتب عليها من تذبذب الأسواق المالية.
وكان المصرف المركزي الروسي قد رفع سعر الفائدة الأساسية سبع مرات على التوالي في عام 2021، من 4.25 في المائة فقط في ربيع العام الماضي إلى 8.5 في المائة بحلول نهاية العام، في ما يعد أعلى مستوى لها منذ خريف عام 2017.
واعتبرت رئيسة المصرف المركزي إلفيرا نابيولينا، في تصريحات لها في يناير/كانون الثاني، أن التضخم كان يمكنه أن يكون أعلى حتى من المستويات الحالية بنسبة 4 في المائة، لولا تشديد السياسة النقدية - الائتمانية.