دورة انتعاش قياسية للمعادن... وطن النحاس مرشح لبلوغ 20 ألف دولار

07 مايو 2021
الطلب على المعدات الكهربائية والموصلات يرفع أسعار النحاس (Getty)
+ الخط -

تتجه أسعار السلع والمعادن نحو تحقيق " دورة انتعاش قياسية" خلال السنوات المقبلة، خاصة في حال تمكن الاقتصادات الكبرى من القضاء على الجائحة وعودة الحياة الاستهلاكية إلى طبيعتها. ولكن حتى قبل القضاء على الجائحة، بدأت أسعار بعض المعادن والسلع والمواد الأولية تحلق في مستويات لم تشهدها منذ عقود.

فأسعار الحديد والصلب والنحاس والخشب والحبوب الزيتية والسكر والذرة الشامية من بين السلع التي شهدت قفزات غير طبيعية. إذ ارتفع مؤشر أسعار النحاس بنحو 4.0% في أبريل/ نيسان ليكسب المؤشر نحو 80% منذ أبريل/ نيسان العام 2020.

وقال مصرف "أتش أس بي سي" البريطاني في مذكرة، إن الطلب على المعدات الكهربائية والموصلات يرفع أسعار النحاس، ويقدر موقع " ستاتيستا" المتخصص في البيانات الاقتصادية، أن جائحة كورونا قادت إلى تراجع إنتاج النحاس خلال العام الماضي بنحو 2.6% إلى 20.1 مليون طن متري. وتتصدر تشيلي إنتاج النحاس العالمي، إذ يقدر إنتاجها في العام الماضي 2020، بنحو 5.7 ملايين طن متري، وتأتي بعدهاالبيرو بإنتاج 2.2 مليون طن متري.

من جانبه يقول المدير التنفيذي بشركة " ليفر مور بارتنرز" الأميركية، ديفيد نيو هوزر "أعتقد أن النحاس يتجه لارتفاع قياسي خلال العام". وفي ذات الصدد، يقول الخبير السويدي، أولاف لارسون في تعليقات لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، "نحن في وسط عاصفة أسعار السلع ... لم أر ارتفاعاً مثل هذا من قبل".

ويتخوف العالم من مواجهة نقص مريع في بعض المعادن الرئيسية المستخدمة بكثافة في الصناعة وسط العجز الكبير المتوقع في الإمدادات مقارنة بالطلب الذي يواصل الارتفاع، خاصة في معادن رئيسية من بينها النحاس والحديد والصلب والمعادن النادرة.

وحسب بيانات المسح الجيولوجي في العام 2019، بلغ الاحتياطي العالمي من النحاس 830 مليون طن متري. ويذكر أن الطلب العالمي على النحاس بلغ 28 مليون طن في العام 2019.

وتستفيد أسعار المعادن والمواد المصاحبة لها إلى جانب ذلك، من صفقات الشراء المستقبلية التي تنفذها صناديق الاستثمار والتحوط العالمية الكبرى في أسواق المعادن الر ئيسية.

ويرى محللون أن هذه الصناديق تراهن على ارتفاع أسعار المعادن وترغب في بناء مراكز مستقبلية تحقق لها ربحية عالية، كما تتحوط الصناديق في ذات الوقت ضد ارتفاع معدل التضخم.

ويذكر أن خطة الرئيس الأميركي جو بايدن لتحديث البنية التحتية الأميركية ستتطلب كميات ضخمة من الحديد والنحاس والنيكل والزنك، وبالتالي ستضغط على الكميات المعروضة من النحاس والصلب والحديد وعدة معادن أخرى.

وفي ذات الشأن، قال مصرف "بانك أوف أميركا" في مذكرة يوم الثلاثاء، إن سعر النحاس ربما يرتفع بمعدلات جنونية ويصل إلى 20 ألف دولار للطن بحلول العام 2025.

وأوضح خبير المعادن بالمصرف الأميركي، مايكل ويدمار في المذكرة، أن مخزونات النحاس تتراجع عن مستوياتها في 15 عاماً، كما أن المخزونات العالمية من النحاس تتراجع وباتت لا تغطي الطلب العالمي لأكثر من ثلاثة أسابيع.

ويتوقع محللون أن تواجه سوق النحاس في بورصة لندن عجزاً في تلبية الطلب، حيث إن سعر النحاس في السوق الفوري بات أعلى من سعر الصفقات المستقبلية.

ويقارن محللون القفزة المتوقعة في أسعار النحاس بما حدث من ارتفاع في أسعار النيكل قبل 14 عاماً، حين حلقت الأسعار في مستويات خيالية. ويذكر أن النقص في النيكل في العام المالي 2006/2007 رفع أسعار طن النيكل بنحو 300% خلال عام واحد.

وتدور توقعات الخبراء حول احتمالية ارتفاع سعر طن النحاس خلال العام الجاري إلى 13 ألف دولار بعد أن بلغ 10 آلاف دولار لأول مرة منذ 10 سنوات ببورصة لندن للسلع والمعادن في تعاملات الأسبوع الماضي.

وحسب بيانات بورصة لندن أمس الخميس، بلغ سعر رطل النحاس 4.54 دولارات، حيث كسب 30% في جلسة واحدة من جلسات التعامل.

لكن مصرف "بانك أوف أميركا"، يتوقع عودة سوق النحاس للتوازن بعد فترة النقص المريع المتوقع خلال العام الجاري والمتوقع لها أن تستمر حتى نهاية العام المقبل 2022. ويتوقع المصرف الأميركي عودة الأسعار للتوازن خلال العام 2023 / 2024.

ومن المتوقع أن تنعكس دورة الارتفاع الجنوني في المعادن إيجاباً على عملات الدول الناشئة في أفريقيا وأميركا الجنوبية، ولاحظ محللون بأسواق الصرف رهان المستثمرين على عملة جنوب أفريقيا وبعض عملات بأميركا الجنوبية. وعادة ما تدفع أسعار المعادن من دخل خزائن الدول الناشئة من العملات الصعبة.

إلى ذلك ارتفعت أسعار الخشب العالمية إلى مستويات قياسية مستفيدة من الطفرة العالمية في قطاع الإنشاءات والبناء، وفي بعض الدول ارتفعت أسعار المساكن المتوسطة بنحو 35 ألف دولار بسبب ارتفاع سعر الخشب. وكسبت أسعار الخشب 67% خلال الشهور الأولى من العام الجاري، كما ارتفعت بنسبة 340% خلال الشهر الماضي مقارنة بمستوياتها في أبريل/ نيسان الماضي.

ويعود النقص في كميات الخشب المطلوبة في السوق إلى عدة أسباب أهمها ازدهار قطاء البناء في الصين والولايات المتحدة خلال العام الجاري وارتفاع الرسوم والضرائب على الأخشاب. كما أن جائحة كورونا تضرب صناعة الخشب خاصة في آسيا وأميركا الجنوبية.

المساهمون