خسائر الإنترنت في السودان: 100 مليون دولار تتكبدها الأنشطة يومياً

09 نوفمبر 2021
شركة سفريات في الخرطوم (فرانس برس)
+ الخط -

أصاب قطع خدمات الإنترنت المستمر في السودان منذ الانقلاب العسكري الذي قاده قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قطاعات مالية وتجارية وخدمية حيوية بالشلل، الأمر الذي يفاقم المشاكل الاقتصادية في البلد المتأزم معيشياً في الأساس.

ويؤكد خبراء اقتصاد أنّ قطع الإنترنت يكبد الاقتصاد الهش عشرات ملايين الدولارات، فضلاً عن تضرر شركات الاتصالات التي يقدر حجم أعمالها بحوالي ملياري دولار.

يقول الخبير الاقتصادي عادل عبد المنعم، لـ"العربي الجديد" إنّ قطع الخدمة أثر على كلّ القطاعات الاقتصادية، لافتاً إلى تضرر شركات الاتصالات التي يصل حجم أعمالها اليومية إلى 6 ملايين دولار، فضلاً عن تضرر المعاملات التجارية والمالية المختلفة للكثير من الأنشطة.

خدمات البنوك وشركات الطيران والاتصالات أبرز المتضررين من انقطاع خدمات الإنترنت المستمر

ويؤكد عصام عبد الوهاب بوب، أستاذ الاقتصاد في جامعة "النيلين" في حديث مع "العربي الجديد" أنّ الاتصالات وحركة النقل أصبحت أحد العوامل الاقتصادية الأساسية التي يتم حسابها في التنمية واستغلال الموارد للوصول إلى أفضل الأرباح.

وشدد عبد الوهاب على أنّه رغم الأهمية القصوى للنقل في تحويل البضائع من مناطق الإنتاج إلى الأسواق المختلفة وإجمالي الناتج القومي، فإنّ للاتصالات والإنترنت أثراً كبيراً على مختلف الأنشطة، فهي تتحكم في قطاع النقل من خلال اتصالات العملاء والمصدرين.

ويقول بوب: "أصبحت الإنترنت عماد الاتصالات في أي بلد، ولا يتم قطعها في أي بلد بالعالم له مصداقية، بينما هذا الأمر تكرر عدة مرات في السودان"، مضيفاً: "في تقديري، تبلغ خسائر الاقتصاد يومياً من قطع الإنترنت 100 مليون دولار".

في السياق، يقول أحمد الشيخ، الخبير في مجال الاتصالات لـ"العربي الجديد" إنه لأول مرة في تاريخ السودان يتم قطع الإنترنت كلياً عن المواطنين، مبيناً أنّه في فترة الرئيس المخلوع عمر البشير، لم يتم قطع الإنترنت عن الخدمة كلياً بل تم قطعها عن وسائل معينة فقط ويمكن استخدام وسائل أخرى للدخول إليها، إلّا أنّ الوضع الراهن شهد قطع الإنترنت بشكل كلي.

ويضيف أنّ "تخفيف القيود أخيراً عبر الكوابل الأرضية والفايبر والألياف الضوئية لأجل استخدامات السفارات والبنوك والوزارات والطيران، أدى إلى تدافع المواطنين والشركات إلى الكوابل الأرضية، وحدوث ضغط على الشبكة وعدم استقرار وانقطاع متكرر خلال اليوم الواحد".

تأثرت القطاعات المصرفية والتحويلات الخارجية وتوقفت الحركة التجارية تماماً، فيما أشار تجار إلى تراجع حركة الاستيراد والتصدير

ويتابع الشيخ: "هذا دمار اقتصادي شامل... تأثرت خدمات البنوك وشركات الطيران، ولا بد من محاسبة من تسببوا في ذلك لأنّ هذه الطريقة دمار للبنية الاقتصادية السودانية وربما تخلق تشوها تصعب معالجته في القريب العاجل".

وتأثرت القطاعات المصرفية والتحويلات الخارجية وتوقفت الحركة التجارية تماماً، فيما أشار تجار إلى تراجع حركة الاستيراد والتصدير نتيجة لعدم وجود خدمات الإنترنت التي كانت تستعين بها المؤسسات والشركات عبر الهواتف المحمولة.

ويؤكد المصرفي، طه حسين، أن النظام المصرفي تأثر بشكل مباشر كما تأثرت شركات النقل الخاصة وفقدت كثيراً من إيراداتها خلال الفترة الماضية، وعطل قطع الخدمات الحركة التجارية، مشيراً إلى ضعف سعة الإنترنت الأرضية عبر "الكوابل" في ظل الطلب الكبير عليها.

ويلفت إلى أن هناك نحو 12 مليون مستخدم للهاتف المحمول توقفت أعمالهم التجارية من جملة 29 مليون سوداني يستخدمون الهاتف المحمول ليست لهم علاقة بالهاتف الأرضي، كما تعطلت سياسة بنك السودان التي تقضي بتفعيل وتغذية الحسابات المصرفية وزاد الطلب على النقود السائلة "كاش".

ويضيف أنّ حركة الاقتصاد العالمي تغيرت تماماً وأصبحت تعتمد على الإنترنت بشكل كبير، إذ أثر قطع الإنترنت في كمية مبيعات الشركات لعدم وصول المعلومة بصورة سريعة.

ويرى الخبير الاقتصادي، الفاتح عثمان في حديث مع "العربي الجديد" أنّ الآثار السالبة ليست بالبسيطة ولا يمكن الاستهانة بها، مستبعداً عودة خدمة الإنترنت قريباً في ظل عدم التوصل إلى توافق سياسي، خصوصاً أنّ المجلس العسكري يعتبر عودتها "مهدداً أمنياً" .

سبق أن قطع المجلس العسكري في يونيو 2019 خطوط الإنترنت الأرضية، بعد أسبوع من توقف الخدمة على الهواتف المحمولة على خلفية عصيان مدني شامل

وسبق أن قطع المجلس العسكري في يونيو/حزيران 2019 خطوط الإنترنت الأرضية، بعد أسبوع من توقف الخدمة على الهواتف المحمولة على خلفية عصيان مدني شامل دعت إليه المعارضة بعد أحداث فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش.

كما شهد البلد في 2013 تظاهرات عمت مدناً عدة، احتجاجاً على رفع الحكومة الدعم عن المحروقات، ما دفع السلطات إلى قطع خدمة الإنترنت عن البلاد.

وعزا مدير الإدارة الفنية بالهيئة القومية للاتصالات في ذلك الوقت مصطفى عبد الحفيظ، انقطاع الخدمة إلى هجوم المتظاهرين على شركة "كنار" للاتصالات في الخرطوم، وعمليات التخريب والسلب والنهب التي طاولت أجهزة ومعدات الشركة خلال أحداث الشغب.

المساهمون