خزائن التأمين والمعاشات الإسرائيلية خاوية بحلول عام 2036

20 مايو 2024
نسبة الحريديم آخذة في النمو وهم من أصحاب المشاركات المنخفضة بالقوى العاملة (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- المؤسسة الوطنية للتأمين في إسرائيل تواجه أزمة تمويل حادة، مع توقعات بنفاد أرصدة صندوقها بحلول 2036، مما يعكس تسارع الضغوط المالية نتيجة لاعتمادها على دفعات التأمين من رواتب الموظفين لتمويل مخصصات الرعاية الاجتماعية.
- الزيادة في نسبة السكان فوق سن 75 وارتفاع نسبة الحريديم، بالإضافة إلى استثمارات الصندوق في سندات الحكومة بعائدات منخفضة، تضغط على موارد الصندوق وتحد من قدرته على تغطية النفقات المتزايدة.
- تم تقديم مدخرات المعاشات التقاعدية الإلزامية كحل لتحسين الأمان المالي للمتقاعدين، لكن تحديات مثل عدم استمرارية العمل وسحب التعويضات قبل الأوان تعيق الوصول إلى معاش تقاعدي معقول، مع اقتراحات لرفع الضرائب وسن التقاعد وإعادة النظر في استثمارات الصندوق.

أظهر أحدث تقرير اكتواري للمؤسسة الوطنية للتأمين في دولة الاحتلال الإسرائيلي، المعنية بمخصصات التأمين والمعاشات الإسرائيلية أن أرصدة صندوق المؤسسة ستنفد بالكامل بحلول عام 2036، لو لم يتم توفير تمويل إضافي، مقدمةً موعد الأزمة بثماني سنوات كاملة، مقارنة بما كانت عليه التقديرات في التقرير السابق.

وتقوم المؤسسة الوطنية للتأمين بتحصيل دفعات التأمين من رواتب الموظفين ومن دخل العاملين لحسابهم الخاص كمقتطعات من الدخل، وتدفعها في شكل مخصصات الرعاية الاجتماعية. وتغطي نصف المدفوعات مخصصات الشيخوخة والرعاية التمريضية للمسنين، في حين يمثل النصف الآخر مخصصات العجز، وتعويضات إصابات العمل، ومدفوعات خاصة بالأطفال، وإعانات البطالة.

ووفقا لأحدث تقرير حتى عام 2023، رصدته صحيفة غلوبس الاقتصادية الإسرائيلية، الأحد، كان لدى المؤسسة الوطنية للتأمين دخل أكبر من المصروفات، وبالتالي جمعت أموالاً تقدر بنحو 245 مليار شيكل، أو ما يزيد قليلاً عن احتياجات عامين من مدفوعات الرعاية الاجتماعية. ولكن منذ عام 2023، انعكست النسبة، حيث بدأت المؤسسة تدفع أكثر مما تتلقى، لتمويل مستوى الإنفاق الذي تلتزم به بموجب القانون.

التأمين والمعاشات الإسرائيلية واستثمارات الدخل الثابت

ووفقا لأليكس كابلون من كلية الدراسات الأكاديمية الإدارية، الخبير التأميني والباحث في معهد آرون للسياسة الاقتصادية في جامعة رايخمان، فإن الأمر كله مرتبط بالديمغرافيا، حيث قال لـ"غلوبس" إنّ "الفئة العمرية التي تبلغ 75 عاماً فما فوق آخذة في النمو، وكذلك نسبة الحريديم (اليهود الأرثوذكس المتطرفين) بين السكان، وهم من أصحاب المشاركات المنخفضة في القوى العاملة، ويحصلون على رواتب منخفضة جدًا بحيث لا يمكنهم دفع مبلغ كبير من التأمين". وشدد على ضرورة تخفيض سن الإعفاء من الخدمة العسكرية إلى 21 عاماً، حتى يتمكنوا من دخول سوق العمل في أقرب وقت ممكن. وأضاف: "طالما استمر الوضع الحالي، فلدينا مشكلة".

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وأشار إلى وجود سبب آخر للأزمة المتوقعة، وهو الطريقة التي يتم بها استثمار الأموال، حيث أشار إلى أن "صندوق التقاعد يستثمر في سوق رأس المال، ويمكنه تحقيق عوائد مكونة من رقمين، لكن المؤسسة الوطنية للتأمين تشتري سندات الحكومة الإسرائيلية بعائدات منخفضة. ومن الناحية الفنية، يمكن للدولة أن تقرر عدم سداد الأموال".

والعلاقة بين صندوق التأمين الوطني ووزارة المالية تم تحديدها في اتفاقية عام 1980، والتي بموجبها تستثمر مؤسسة التأمين الوطني أموالها في السندات الحكومية. ومع ذلك، فهذه طريقة غريبة إلى حد ما للنظر إلى الديون، كما وصفتها البروفيسورة أفيا سبيفاك، أستاذة الاقتصاد الفخرية في جامعة بن غوريون في النقب، في دراسة لمركز المعاشات التقاعدية والتأمين والثقافة المالية (PIF)، حيث قالت: "في موازنة الدولة يظهر البند 081 تحت عنوان بريء قرض من المؤسسة الوطنية للتأمين". وأشارت إلى أنه بشكل عام، عندما تقترض الدولة عن طريق إصدار السندات، فإن القرض ليس جزءاً من إيراداتها، بل وسيلة لتمويل العجز. وقالت: "لكن الدولة تتعامل مع التأمين الوطني كمصدر للضرائب، وليس كمصدر ائتمان".

وتضيف سبيفاك أن الالتزام تجاه المؤسسة الوطنية للتأمين لا يتم الإبلاغ عنه كجزء من الدين الحكومي. بمعنى آخر، ترى وزارة المالية أن دخل المؤسسة الوطنية للتأمين هو جزء من إيرادات الدولة، على الرغم من أنه من المفترض أنها تنوي تسديده. وتشرح سبيفاك لـ"غلوبس": "طالما أنّ صندوق التأمين الوطني لديه فائض، فإن وزارة المالية سعيدة، ولكن يجب فصله عن الخزانة العامة العادية، ومنحه القدرة على استثمار الأموال بجسب ما يراه مناسبا".

وترى أنّ "الآن هو الوقت المناسب، لأن الفوائض الإضافية لا تتراكم. وإذا حولنا الدين المستحق على المؤسسة الوطنية للتأمين إلى دين حقيقي، فإن هذا من شأنه أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في الدين الوطني الإسرائيلي. هناك ارتباك هنا، وتحويل الأموال من جيب واحد إلى آخر يحتاج إلى تنظيم".

نفقات ضخمة

ومنذ عام 2008، لم تكتف إسرائيل بالمؤسسة الوطنية للتأمين لضمان التقاعد، حيث تم تقديم مدخرات المعاشات التقاعدية الإلزامية، والتي تختلف مادياً. فبدلاً من الدفع إلى صندوق عام يمول البدلات المحددة سلفاً، يعمل صندوق التقاعد على تسهيل التراكم الشخصي للأموال التي يتم استثمارها في سوق رأس المال ويمكن أن تدر عوائد كبيرة بمرور الوقت.

وتقول ساريت مناحيم كرمي من مركز التقاعد والتأمين وعلم النفس الاقتصادي ومعهد هارون، إنّ "نظام معاشات العمل في إسرائيل يعمل بشكل جيد، ويسمح بتراكم المدخرات للتقاعد والتأمين ضد فقدان القدرة على الكسب بأسعار منخفضة". وتمتلك صناديق التقاعد حاليًا حوالي 2.25 تريليون شيكل، ولا يقتصر عمل تلك الصناديق كمخطط ادخار، بل يتم استثمار أموالها أيضاً بشكل مباشر في الاقتصاد.

ومع ذلك، تضيف كرمي: "هناك عوامل يمكن أن تصعب الوصول إلى معاش تقاعدي معقول، كعدم استمرارية العمل، وسحب تعويضات نهاية الخدمة ومدخرات التقاعد، وأرباب العمل الذين لا يخصمون مساهمات التقاعد كما يقتضي القانون. وعند مستويات الأجور المنخفضة، يمكن القيام بذلك بالاتفاق مع الموظفين الذين لا يرغبون في خفض دخلهم في الوقت الحاضر، وهذه العوامل هي بشكل عام سمة من سمات الفئات العشرية الدنيا".

ووفقا للبروفيسورة سبيفاك، فإن المشكلة ليست بالسوء الذي يتصوره البعض. وقالت: "بشكل رئيسي، من الضروري رفع الضرائب وسن التقاعد، وحينها لن تكون هناك مشكلة". وبالنسبة لكابلون، "يجب شطب مصطلح التقاعد من المعجم. وعلى الناس التوقف عن العمل عندما يشعرون بالرغبة في ذلك. فهدف دولة إسرائيل هو تشجيع الناس على العمل لأكبر عدد ممكن من السنوات، فيدفعون الضرائب ويكسبون لقمة العيش. ومن الناحية العملية، في القطاع العام، يتم تسريح الأشخاص تلقائيًا عندما يصلون إلى سن التقاعد".

(الدولار الأميركي = 3.70 شيواكل)

المساهمون