حكومات تُسعد مواطنيها وأُخرى تسلبهم

09 سبتمبر 2022
يعاني المواطن المصري الأمرّين نتيجة استفحال الغلاء وتلاشي الدعم الحكومي (Getty)
+ الخط -

هناك حكومات تسكب الماء على نار المشاكل والأزمات التي يعاني منها المواطن والاقتصاد وقطاعات الإنتاج لتطفئها، وبالتالي يتفادى الجميع شررها المتطاير.

وهناك حكومات أخرى تسكب المزيد من الزيت على نار تلك الأزمات، لا لتطفئها ولكن لتشعلها وتساعدها على اتساع رقعتها وتحولها إلى جمر يحرق كل من حولها من أفراد ومؤسسات. 

وهناك حكومات تتعمد إغراق المواطن في أزمات حتى يغرق في أزماته المعيشية اليومية ويصبح كل همه هو تدبير لقمة العيش ورغيف الخبز حتى لو كان حافياً، ولا يلتفت لحقوقه في حياة أفضل وكرامة والتمتع بالعدالة الاجتماعية، وحقه في ثروات وأصول بلده، ويسأل عن مصيرها، وأوجه إنفاق المال العام، وما إذا كان قد جرت الاستفادة منه بشكل كفء، أم تمت بعثرته على مشروعات لا تمثل أولوية للمواطن والاقتصاد، أو على أساطيل من السيارات الفاخرة والمباني الشاهقة وغيرها التي يقطن بها أو يستقلها كبار المسؤولين في الدولة. وهكذا حال الحكومات المختلفة مع أسعار السلع والخدمات. 

في الأسبوع الجاري، رأينا كيف أن العديد من حكومات العالم تتسابق نحو تخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين وخفض الأسعار والضرائب والرسوم، والعمل بشكل سريع على مواجهة الغلاء وكبح جماح التضخم ودعم القدرة الشرائية للمواطن وخفض فواتير الكهرباء والمياه والبنزين والسولار والغاز والمواصلات العامة وغيرها من تكاليف الحياة.

رأينا كيف أن حكومات العالم تتسابق نحو تخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين وخفض الأسعار والضرائب والرسوم

في أول تصريح لها عقب توليها منصبها، تعهّدت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس بتنفيذ خطة جريئة لتخفيض الضرائب ومواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة وتنشيط الاقتصاد وتجميد أسعار الطاقة عند سقف 2500 جنيهاً استرلينياً لمدة عامين للعائلات والأسر وستة أشهر للشركات وقطاع الأعمال.

وقالت تراس (47 عاما) إن أولوياتها هي دفع وتنشيط عجلة الاقتصاد، والتعامل مع أزمة الطاقة التي تسببت فيها روسيا بحربها على أوكرانيا، وتعزيز الخدمات الصحية في البلاد.

خطة تراس تأتي بعد أيام قليلة من اعلان دول أوروبية عدة عن تقديم مساعدات ضخمة للأسر المتضررة من زيادة الأسعار والطلاب والمتقاعدين والقطاع الصحي، فقد وافقت الحكومة الألمانية، يوم الأحد الماضي، على خطة تُمنح بموجبها "أكبر" حزمة مساعدات بقيمة 65 مليار يورو، لمكافحة التضخم وحماية المستهلكين وتخفيف الضغط على الأُسر وسط تراجع إمدادات الغاز الروسي وارتفاع فواتير الطاقة.

كما أعلن وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أنّ بلاده ستقدّم إعفاءات ضريبية بقيمة 10 مليارات يورو لمساعدة العمال على مواجهة التضخّم المتصاعد.

من الحكومات من يتعامل مع المواطنين بمنطق الجباية والسمسرة والتربح على حساب جثث الفقراء

وفي البرتغال، طرحت الحكومة حزمة بقيمة 2.4 مليار يورو لمساعدة الأسر على التعامل مع ارتفاع الأسعار في البلاد، لتضاف إلى حزمة بقيمة 1.6 مليار يورو أُعلن عنها في وقت سابق هذا العام.

وتكرر المشهد في الولايات المتحدة ودول أوروبية وأسيوية أخرى تعكف حكوماتها على تنفيذ خطط لمواجهة موجة الغلاء وتحسين الأجور والأحوال المعيشية للمواطن ودعم قدرته الشرائية لمواجهة التضخم.

في المقابل، وفي اليوم الذي أعلنت فيه الحكومة المصرية عن زيادة التضخم وبلوغه معدلاً هو الأعلى منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2018، رفعت سعر الدولار الجمركي إلى 19.31 جنيها اعتبارا من يوم الخميس 8 سبتمبر/أيلول، وهو أعلى سعر على الإطلاق، وهو ما ستنجم عنه قفزات في الأسعار التي اعترفت الحكومة نفسها أمس بأنها هي الأعلى منذ 4 سنوات. 
سبقت هذه الخطوة زيادات في فواتير المياه والمواصلات العامة والوقود وأسعار السلع الغذائية، كما سبقها موجة غلاء في الأسواق قذفت بالملايين نحو دائرة الفقر المدقع. 

من الحكومات من يتعامل مع المواطنين بمنطق الجباية والسمسرة والتربح على حساب جثث الفقراء، وأخرى تتعامل مع مواطنيها على أنه السيد المتوج الذي يجب أن يعمل الجميع على إسعاده وتلبية احتياجاته، خاصة الرئيسية.

المساهمون